ليل وماسنجر

موقع الكتابة الثقافي
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

محمد العنيزي

1

في ذاكرتي المخضبة بالشوق، أغنية ليلية الحضور قمرية المولد، تصل كلماتها من غور سحيق وعليها غبار السفر، أردد الأغنية وأنا أرى الشوارع التي تذوب في جمجمة الفارين إلى السلتيا:

ياقمر علالي .. سافري وتعالي ..

وهاتي معاك آمال.. وخلي السهر يحلا لي

 وعند مفترق شارع باريس أعبر إلى الجهة الأخرى، منتشيا بآخر الكلمات التي ألقتها إيناس  أمام سمعي، أمر إلى المبنى القديم، ومن خلال الممر المظلم أصل إلى مقهى النت، لمبة الماسنجر المضاءة تبعث أشواقا إلكترونية .. وسلاما بطعم ملح بنغازي

2

تونس أيام موشاة بالإنتظار، ليلها يحتسي نخبه فوق طاولتي، وأنا الجالس خلف نافذة المصحة، عين على الليل والأضواء، وأخرى على أبي  المستغرق في غيبوبة أيام مضت.. يصحو في بعض الأحيان ويئن بصوت خفيض .. فتعبر أناته إلى ركن قصي في قلبي  .

3

شارع بورقيبة زحمة من المقاهي والعشاق

المطرب الشعبي  يردد من خلال الكشك الصغير في نهاية الشارع ..

“تحت السربة أنا ماشي الليلة لقابس

غديكا العزاز عليا  بيهم نتوانس”

ترن في أذني كلمات الأغنية .. وتخرق جدار الذاكرة ..

تدخل إيناس بوابة الليل.. توقظ  في خيالي المعتوه أشواقا باهتة.. تتمسك بيدي.. نمضي إلى حيث تمثال ابن خلدون.. يبتسم لنا ويقول :

الإنسان كائن اجتماعي بطبعه .. فنضحك منه ونقول :

الإنسان كائن عاطفي المزاج .. وتمد إيناس يدها وتجذب خيطا من ضوء القمر .. تصحو في خاطري الأغنية ذاتها التي كنت أرددها :

ياقمر علالي  .. سافري وتعالي

وهاتي معاك آمال .. خلي السهر يحلا لي

تعود إيناس طفلة صغيرة تلعب بحبل من ضوء القمر .. تطلق ضحكاتها في الشوارع ..

يردد المطرب الشعبي في المقهى :

“ياطفلة زينك هبلني

خلاني نرقص ونغني”

……………

*قاص وكاتب من ليبيا

 

مقالات من نفس القسم

تراب الحكايات
موقع الكتابة

خلخال