لا تدينني الحياة بشيء،
وكذلك أنا.
عندما يتخمر دمي
لا أقول: لماذا لا يزحف قمر
ويقفز إلى حجري؟
وعندما يرمي شعاع حر قبلة نحوي
لا أنظر للخلف وأقول: لماذا تخطئني القبلات؟
ويومًا، حين تذوب حياتي منتظرة ومتطلعة
لأقمار أبعد
وقبلات أرق..
لن أقول: لماذا أبحرت أطرافي بعيدًا..
سأرتب نفسي
رملة فوق رملة
وأقول:
في أقل من ليل
خبأت ذئابًا وحيدة في دخان قلبي
مسحت عن الكلمة النائية ضبابًا
نطقت بالشجر المنسيّ
ومررت متخشبًا على الندم:
جنينان ذائبان في كأسٍ
إخوة مرتجفون
عجز بمخالب لا أهرب منه..
بالخوف وقلة الحياة أبرر نفسي
تركت لكِ أحلامي جراءً عطشانة في بئر
تركت أمنيات بأيام أخف
ورفيقًا يبتسم لمنامي..
تخليت عن الحب
ولم أرغب بغيره..
أغرقت طفلان في النهر
وقلت: العالم سيموت غدًا.
تركت جثتي جريحة ونازحة
وأقرضني إله سكير جسدًا رديئًا
يعبر فيه جنود كثيرون..
ولم أتضجر من جفاف الحلم
أو أنتبه لألم بعيد يقرص في مهبلي.
تذكرت الوجوه التي تناوبت على سريري
ولم أرغب سوى بامرأة تأملتني في حشد
وأشارت إلى حيث يطلع النهار..
لكنّي تركتها لكِ أيضًا.. أيتها الحياة.
في القهوة العالية بكيت أزمنة لم تصل
وشعرت بالخزي
لأني أنا.
حيث الأشياء تسقط من يدي
والمرأة التي في مشيها احتمال للمطر..
مدت إليّ شراعها
ولوحَت بنورس..
لكني، عابرًا العالم بألوان وقصائد..
مبررًا بقائي أكثر مما توعدت
حين أطلقت انتحاراتي رصاصات على نعوش الآخرين
آباء وأمهات وجدات..
عشت أكثر من مطاردَة
ثم قلت أني بقيت
لأن الليل صار عادةً
ولم يعد الخوف يتسلق الأحراش
كما أن أبي هو هذا العجوز الذي يغني..
هل بإمكاني الآن أن أصير خفيفًا ورخوًا
أن أُحاك من الريش
وأن يفسّر التغريد كلامي المحاصر..
هل بإمكاني أن أرفع فأسًا وأقطع رأسي
بجمود امرأة تحلق شعرها في قارب..
هل بإمكاننا أن ننفصل أيتها الحياة
التي لا تدينني
ولا أدينها
دون أن تدسي لي الأمل مكرمشًا في قلبي؟
الآن.. قبل أن تجي الأيام التي سأنام فيها مكشوفًا
حيث سيسرق المدمنون ردائي
ويقول الناس: كانت جميلة وهادئة.
أريد أن أغادر الآن..
إلى حيث لا أتذكر أني كنت في يوم ذئبًا مطفأً
تسافر معه بقع الحزن من حياة لأخرى.