لأن الفرحَ ينسى أنه فرح

لأن الفرحَ ينسى أنه فرح
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

فاطِمَـة ناعـُوت

لم يسْقِ معها زهورَ الشُّرفةْ

ولا لاعبها الشطرنجَ

تحت ضوءِ القمرْ.

***

لم يقتسِمْ معها

صحنَ الزيتون

ولا قاسمَها

ثمارَ الذُّرة المشوية

على ضفافِ النيلْ.

***

لم يُوشوِشْ لجُدرانِ البيت

حتى تنتبه أمُّها

-التي في السماءِْ-

أنه جاءَ

فتطمئِنُ على ابنتِِها

وترقدُ في سلامْ

ولا قرأ خطاباتِ جَدِّها

لجَدَّتِها

حتى

يتعلّمَ فنَّ الهوى.

***

لم يتركْ لها مِخلاةَ صَيدِه

التي تسقطُ منها الطرائدُ

لتقتاتَ منها

إذا ما ذبحَها الجوعُ

ولا تركَ على طاولتِِها

كأسَ ماءِ

تروى ظمأ السنين.

***

لم يجلبْ لها

نَبتةً في إصّيصْ

لأن النباتَ حياةٌ

وما جَاءَ إلاّ

ليزرعَ الموتَ

على حوافِ الأضرِحة.

***

جاءَ

والفرحُ مخبأٌ

في ثنايا حقائبِه

لكنّه

لم يفتحِ الحقائبَ أبدًا

حتى لا

يفِرَّ الفرحُ

ويملأَ جنباتِ البَيْتِ الذي

تسكنُه الوحشة.

***

لم يتركْ عندَ أقدامِ العروسْ

فستانَ العُرسِ الذي

غَزَلَه النسّاجونَ شهورًا

من أجلِها

بلْ

أخذَه معَه

ليُمزِّقَ خيوطَه

أجلافُ الصحاري

عند أبوابِ المدينة.

***

لم يَخُطّ بيدِه:

‘أُحبُّك’

التي نسي أنْ يكتبَها

ساعي البريد

على باقةِ الزهرْ

في عيدِ العُشاق.

***

لم يتركِ الصبيةَ الوحيدةَ

تنامُ على صدرِه

وتحكي

حكايا طفولتِها

إنما

أمرَ ‘مسرورَ’

أن يُجهِّزَ السَّيفَ

الذي يَجُزُّ نحورَ العذراواتْ

قبل صياحِ الديكْ.

***

مضَى

إلى حيثُ يمضِي الذين يمضون

بغيرِ إيابْ

دون أن يزرعَ نبتةَ البامبوو

خضراءَ

في حَوضِ الزجاجْ

ودون أن يتركَ الثوبَ

أبيضَ

في دولابِ العروسْ

ودون أن تنامَ العروسُ

على صدرِه

وتحكي

حكاياها الملونةْ

ودون أن يتركَ اِسْمَه

على بطاقةِ الزهرِ الأرجوانيّ

ودونَ أن يُحرّكَ بندولَ الرنينْ

ودون أن يسقي الورودَ

والطيرْ

ودون أن يُطعمَها من يديه

كَرزَةً

زرعتها من أجلِه.

***

هكذا مضَى

في صمتٍ

دون أن يتركَ في البيتِ الحزينْ

أثرًا

ولا ذكرى

لملَمَ أشياءَه

وسرقَ

من صندوقِ وحدتِها

قطعةَ الفرحِ الوحيدة

التي جلبَها في حقيبتِه

وتركَ محلَّها

شوكةً

سوداءَ

تُدمي القلبَ الواهنَ

….

تُوجِع.

***

يجيءُ الفرحُ ويمضي

وينسَى

أن يملأ البيتَ بالفرحْ

الفرحُ دائمًا

ينسَى

أنه فرحٌ!

مقالات من نفس القسم

خالد السنديوني
يتبعهم الغاوون
خالد السنديوني

Project