بريجيت مكنَتلي*
ترجمة: محمد عبد النبي
كثيرٌ مِن الكتاب الناشئين بحاجةٍ لأن يتعلموا كيف يجدون وقتًا للكتابة إلى جانب عَملهم في وظيفة بدوامٍ كامل، كما أنَّ أحد الأب أو الأم قد يكون مسؤولًا عن إدارة البيت ولديه أدوار ومسؤوليات تجعل وقتَ الكتابة عُملة نادرة. فيما يلي تسع نصائح لتخصيص وقت للكتابة على الرغم مِن المهام والمشتتات:
- خَطط لجلسات الكتابة في وِحدات أصغر.
كيف يمكن أن تجد وقتًا للكتابة حينما يكون يومك مزدحمًا بمهام لا يمكن التملص منها؟ بدايةً، خطط لجلسات الكتابة في وحداتٍ أصغر. ليس مِن السهل الوصول إلى 1667 كلمة كمتوسط يومي (وهو المستهدف لكتابة رواية من خمسين ألف كلمة حسب ماراثون الكتابة على موقع NaNoWriMo)، ومع ذلك فإن وَضع مستهدَف بأربع جلسات قصار، في كل منها تكتب 417 كلمة في اليوم سوف تحقق الهدف نفسه.
اكتب 417 كلمة بينما تنتظر ردًا على الهاتف مِن موظفي خدمة العملاء أو سجّل هذه القطعة الصغيرة من روايتك على هاتفك المحمول، بوسعك أن تفعل هذا بينما تؤدي مهمة أخرى مِن قبيل سقي الزرع أو تقليب طعام العشاء على النار (سوف يعتاد المحيطون بكَ تجاهل مسألة أنك تُكلّم نفسك باستمرار). اعثر على المزيد مِن اللحظات المسروقة –فسوف تتجمّع معًا وتتراكم وتفي بالغرض.
- انتقل بالمواصلات العامة (كلما أمكن) واقض وقت الانتقال في الكتابة
إن كنتَ تتساءل كيف تجد وقتًا للكتابة على الرغم من أنك تدرس أو تشتغل بدوام كامل، وتقضي نصف ساعة أو أكثر كل يوم تسوق سيارتك، جرّب بدلًا من ذلك أن تستقل المواصلات العامة. احتفظ معك بدفتر كتابة واكتب مسودة أولية أو بورتريهات سريعة للشخصيات، وهذه طريقة جيدة للاعتناء برسم الشخصيات، لا سيما إذ تتناهى إلى سَمعك نُتفٌ مِن الحوارات وكل هؤلاء الغرباء حولك على متن القطار أو الحافلة، فقد يُشكلون إلهامًا كبيرًا لصنع شخصياتك.
- أرجئ التفاصيل الأدق في قصتك لوقتٍ تالٍ
إن كان وقتك محدودًا ولا تتوفر لديك ساعات للكتابة يوميًا، لا يزال بوسعك أن تضغط مسودتك الأولى. اكتب بشيءٍ مِن التَفكك وعَدم الإحكام، قافزًا على أية تفاصيل صغيرة قد تعوق تدفقك، فقط اترك ملاحظة للتذكّير حيث يتوجّب عليك فيما بعد أن تنتقل بمشهدٍ هنا أو أن تدرج حوارًا هناك، وسوف يكون عليك أن تعود للعمل عليها فيما بعد. على سبيل المثال، في وسط مشهدٍ ما، قد تكون هناك مواجهة بين شخصيتين حيث تعرف نتيجتها مسبقًا. إذا أردتَ أن تحتفظ بمخطط عام لبِنية وحركة المشهد على الورق، فيمكنك أن تكتفي بأن تكتب:
[يواجه كلٌ منهما الآخَر. (ه) تصر بشدة على أنَّ (س) لا بدَّ أن يستقيل من وظيفته لأنه دائم الشكوى منها. ويقول (س) إنَّ (ه) غير داعمة له.]
إنها مهارة مفيدة أن تتعلَّم كيف تفوّت كتابة أجزاء مِن قصتك لكي تحتفظ بقوة الدَفع وتستمر، وسوف تعينك هذه المهارة على إكمال أقسام أكبر من روايتك في جلسات كتاب أقصر.
- قلل مِن مشاهدة التليفزيون والتسليات الأخرى المستهلكة للوقت
إن كنتَ جادًا بشأن إنجاز كتابٍ ما مِن نقطة البداية لنقطة النهاية، فربما يتعين عليك أن تتخذ بعض القرارات الصعبة. فعلى سبيل المثال، بدلًا مِن مشاهدة التليفزيون ليلًا، احفظ مسلسلك المفضّل لتشاهده مكافأةً لك بعد إنجازك إحدى المراحل الرئيسية في كتابتك.
وقلل الوقت المخصص لأنشطتك الترفيهية الزائدة، ولكن باعتدال، فلتحرص على أن تأخذ نوبات راحة تفي بالحاجة، بحيث ترجع للكتابة بعقل صافٍ. حدد وقت الكتابة جنبًا إلى جنب وقت الراحة في جدول عملك.
- لتكن لديك خطة يومية
العثور على وقت للكتابة يشتد صعوبة ما دمتَ تمضي مرتجلًا حسبما اتفق. من أجل أن تحقق أهدافك المرحلية في الكتابة أنت بحاجة لخطة يومية، لأنها قادرة على مساعدتك لتعمل بتركيز حاد. لن تهدر وقتًا طويلًا حتى تقرر ماذا عليك أن تفعل في كل مرة تجلس فيها لتكتب، أو حتى تحاول تليين مفاصل قصتك وتحريكها للأمام.
قسّم الخطوط العريضة لقصتك على الأيام المختلفة في جدول كتابتك. حدد مسبقًا ما هي الفصول والمشاهد التي ستكتبها في أيام محددة. وراقب إنتاجيتك كذلك: سَجّل، في نهاية كل جلسة كتابة، عدد الكلمات التي كتبتها في روزنامة والوقت من اليوم. ربما تجد أنَّ بعض الأيام وبعض الأوقات أكثر إثمارًا مِن الأخرى، وإن استطعتَ فلتمدد جلسات الكتابة الخاصة بتلك الأيام والأوقات لتحقق أقصى استقادة منها.
- استخدم المسجل الصوتي لتملي قصتك عندما لا تستطيع استخدام قلم أو برنامج كتابة
عليك أن تكون مبتكِرًا للعثور على وقت لتكتب حينما يكون هناك عدد كثير جدًا مِن المطالب المُلحة التي تستنزف وقتك. كما أشرتُ في أوَّل ملاحظة أعلاه، استخدم المسجّل الصوتي عندما لا يكون بمقدورك الجلوس للكتابة. إنَّ فن الحكي، على كل حال، يضرب بجذوره في الثقافة الشفاهية، وسرد الحكايات على الآخرين بأصواتنا مهارة تجري في دمنا.
ثمة ميزة إضافية لهذه الاستراتيجية هي أنَّ الأذن لا تخطئ بشأن العثور على الصيغة الأمثل لعبارةٍ ما. بوسعك استخدام أحد البرامج التي تحوّل الصوت إلى نصوص لتسهيل مهمة إضافة الأجزاء المسجّلة إلى روايتك.
- استبعد ما يشتتك عن الكتابة
عندما لا يتوفّر لديك إلَّا وقتٌ محدود للكتابة، تتضاعف أهمية تقليل المشتات. تستطيع أن تستخدم أحد البرامج التي تحجب مواقع بعينها على الإنترنت، تلك التي تشتتك عن الكتابة، لفترة محددة من الوقت، بحيث لا تقع في إغراء تصفح مواقع التواصل الاجتماعي حينما يكون عليك أن تكتب.
حاول أن تستبعد المشتتات مِن البيئة التي تكتب فيها كذلك. إذا كان الموضع الذي تميل للكتابة فيه حافلًا بالضجيج، اشترِ نوعًا جيدًا مِن السمَّاعات أو حتى واقيات أذن تحجب الأصوات تمامًا – فلتفعل ما تراه ضروريًا لتخلقَ السكينة التي سوف تتيح لك أن تفكّر وتبدع بلا إزعاج أو مقطاعات.
- اترك فترات قصيرة بين المهام بما يلزم لتستعيد تركيزك
إن كان يومك حافلًا بالأنشطة والأعمال وتضطر لأن تعتصر منه لحظات مختلَسة للكتابة بين الحين والآخر، فتذكر أن تترك وقتًا بين المهام المختلفة. إذا ما شرعتَ مباشرةً في الكتابة بعد أن ترجع للبيت من العمل كل يوم، ربما تَستنزف قُواك سريعًا. بدلًا مِن ذلك، خذ بضع دقائق لتستريح وتسترخي. افعل شيئًا تعرف أنه يصفي عقلك، مثل ممارسة التأمُّل [جلوسًا في صمت]، أو اخرج بحيوانك الأليف في تمشيته، أو استمع إلى موسيقاك المفضّلة. خُذ وقتك لتستعيد تركيزك، لا سيما بعد أي نشاط مُرهِق ذهنيًا، فعلى هذا النحو سوف تمحو من سبورة عقلك كل الفوضى غير الضرورية فتصبح أكثر إنتاجية.
- امنح نفسك وقتًا منتظمًا وثابتًا للكتابة في عطلات نهاية الأسبوع
إن كنتَ تعمل في وظيفة بدوام كلي، قد يقتصر العثور على وقت للكتابة على عطلاتك الأسبوعية. لم يزل بوسعك أن تنجز بعض الكتابة خلال أيام العَمل في أوقات انتقالاتك اليومية أو بضبط المنبّه على موعد أبكر بعشرين دقيقة فقط والكتابة لرُبع ساعة بمجرد أن تستيقظ كل صباح.
أمَّا في العطلات الأسبوعية، فلتحسن استغلال وقت فراغك وضع في جدولك كُتلًا صلبة من وقت الكتابة. اعتبر الكتابة هي مكافأتك الترفيهية المنعشة، وإن بدت عملًا واسترخاء بالقدر نفسه. إن كنت تهوى السَهر لوقت متأخر في ليالي نهاية الأسبوع لمجرد أنَّ هذا أمر ممكن، فاجتهد أن تعدّل مِن روتينك هذا وأن تخلد للنوم مبكرًا بحيث يمكنك أن تكتب بلا مشتات في الساعات الأولى من صباح الإجازة.
تذكّر أن الأنشطة الإبداعية تكون في أعلى مستوياتها أثناء النوم وبعده مباشرةً. لذا فلتكتب في الصباح ما أمكنك هذا واجعل الأوقات المتأخرة من اليوم لمهام البحث والتحرير عندما يكون عقلك مُتعبًا.
……………………..
*بريجت مَكنتلي ( Bridget McNulty): كاتبة ومحررة ومتحدثة، شاركت في تأسيس أكثر من جمعية غير هادفة للربح، كما ساهمت في تأسيس دورات تدريبية متواصلة، على الانترنت، حول تقنيات وحيل كتابة الرواية، بعنوان (Now Novel)، وهذا الموضوع مِن مدونة الموقع نفسه.