كوابيس فترة الكتابة (٢)

mahmoud emad
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

محمود عماد

استمرت الكوابيس في الهجوم عليّ. في البداية ظننتها موجة عابرة ستنحسر، لكن مع الوقت بدأت تتدافع في حملات هجومية لا تنقطع. أصبحت الكوابيس جزءا من حياتي، بل ربما صارت هي واقعي الفعلي، وليست تلك الحقيقة التي أعيشها. ربما تحولت حياتي إلى سلسلة كوابيس متلاحقة لا تهدأ.

 

كابوس ٦

تلفاز جدتي

رأيت جدتي تجلس على فراشها تنظر إلى التلفاز المغلق، تتفاعل معه وتسرد المشاهد التي تُعرض عليه بشغف كبير. دخلتُ عليها من الشرفة، شعرت بالخوف، وهو أمر معتاد منها على مدار سنوات عمرها. سقطت على الفراش من خوفها بضحكة في عينها اليمنى ودمعة في عينها اليسرى.

 

كابوس ٧

دفتر حياتي

رأيتني جالسًا على سريري. نهضتُ وسرتُ باتجاه النافذة تؤلمني قدمي، نظرتُ من النافذة فلم أر شيئًا؛ ظلام بلا ملامح. التفتُّ بجانبي، فرأيت مكتبًا طالما حلمتُ به ولم أمتلكه أبدًا. لمحتُ من بعيد دفترًا مفتوحًا على مصراعيه يتوسطه قلم. مشيتُ نحوه مثقل الخطوات، جلستُ على الكرسي أمام المكتب، نظرتُ في الدفتر فلم أجد إلا ورقة واحدة فارغة، وبقية الورق ممزق. القلم فارغ من حبره، والورقة الوحيدة لا تُقطع. سمعتُ صوتًا لا أعلم مصدره يقول لي: اكتب حتى تصل. قلت: لا حبر ولا ورق، أين الخلاص؟

 

كابوس ٨

جحيم الصورة

رأيت النار في كل مكان، والصراخ يخترق الآذان. الأطفال يسقطون والنساء يُغتصبن، والقصف من فوقي يشتد ويقتلع البيوت من أماكنها. وأنا أركض ممسكًا بكاميرا صغيرة تصور ما يحدث، أتساءل: هل يمكن للصورة والخبر أن يصلا؟ طلقة عابرة اخترقت الصفوف تنهش في الصدور لتصيب كاميرتي وتتلفها، وتستقر في صدري المحمي بالسترة الواقية. أسقطُ على الأرض مغمضًا عيني، ساكنا بلا حراك.

 

كابوس ٩

صاحب العمل

رأيتني في العمل، لكنه لم يكن مقر عملي الأصلي، بل لعمل هربتُ منه قديمًا. انتقل معي زملائي من عملي الحالي إلى ذلك العمل الذي هربتُ منه. وجدتُ صاحب عملي الحقيقي موظفًا معنا، يجلس معنا ويتقاضى الجنيهات المعدودة كل شهر كأنه لم يكن يومًا فاحش الثراء. نادى بمطالبنا وتحدث في مواضيعنا وصادقنا، وهنا شعرنا جميعًا أنه إنسان يملك مشاعر.

 

كابوس ١٠

المخلص

رأيت مظاهرات كثيرة، أناسًا يملؤون جميع الشوارع. عرفتُ أن تلك هي الثورة، ولكنني سألت نفسي: أي ثورة؟ ثوراتنا كثيرة، نصمت طويلًا، ولكننا نثور بعنف. الهتافات تنوعت، طالبت بأشياء كثيرة حتى اختلط الأمر عليّ. شارك في المظاهرات كل من أعرفهم محمولين على الأعناق. قالوا إن الزعيم الجديد سيلقي خطاب الخلاص. ابتسمتُ وعرفتُ في أي ثورة أنا. سمعتُ الخطاب وكأن تلك الكلمات تدخل مسامعي للمرة الأولى. هتف الناس وهللوا وأعلنوا ميلاد البطل المخلص. نظرتُ إليهم من بعيد، وأنا أعلم أنهم سينقلبون عليه بعد حين.

 

اقرأ أيضاً

كوابيس فترة الكتابة (1)

كوابيس فترة الكتابة (١)

 

مقالات من نفس القسم