كليمانس..من المجموعة القصصية الصادرة حديثا(جئتك بالحب)

موقع الكتابة الثقافي
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

تيسير النجار

استيقظت على حركة زوجها فوق السرير، نظرت إليه، قبل خدها الأيسر ودخل الحمام، تمطت ومشطت شعرها المبلل، هي تفكر، هل سوف تحبه؟ 

خرج من الحمام، قال :”ح تأخر” فهمت قصده، غسلت وجهها؛ أعدت القهوة وسندوتش الجبن إفطاره المعتاد، تناوله وهو يكمل تبديل ثيابه، ضبط ربطة عنقه، وضع ثياب النوم في مكان الغسيل، منظم جدًا، طلب منها طهي السمك بالطريقة التي يفضلها، أكد أن تكون جاهزة في تمام الساعة الثالثة لأنه سيكون جائعًا، سألها هل تريد شيئًا من الخارج؟ هزت رأسها بلا، أغلق الباب خلفه في تمام الساعة السابعة والنصف صباحًا، غسلت الفنجان والطبق اللذين وضعهما في حوض الأطباق، كل شيء محسوب ودقيق معه، لا مجال للمفاجأة أو الصدفة، السفر في شهر معين وإلى أماكن معينة، الحمل أرجأه لوقت يناسبه حين يستقر في العمل، تشعر أنها قطعة ضمن قطع حياته، مكانها معلوم لا يمكن الخروج عنه، تعجز عن خيانته فهو لا يستحق ذلك منها، يحبها تعلم ذلك لكن حب راكد يثير الملل، فتحت اللاب توب وفتحت صفحتها على الفيس بوك لم يمنعها من ذلك رغم تحفظه فهو يرى أن مواقع التواصل الاجتماعي مضيعة للوقت. (عمت صباحًا أيها الجنون) منشور حبيبها الافتراضي، بعده مقطع من شعر نزار قباني: (علّمني حبك.. كيف أهيم على وجهي ساعات بحثًا عن شعر غجري تحسده كل الغجريّات بحثاً عن وجهٍ..عن صوتٍ.. هو كل الأوجه و الأصواتْ أدخلني حبّكِ، سيدتي مدن الأحزانْ.. وأنا من قبلكِ لم أدخلْ مدنَ الأحزان.. لم أعرف أبداً أن الدّمع هو الإنسان أن الإنسان بلا حزنٍ ذكرى إنسانْ) تذكرت شعرها الذي كان غجريًا، لكن حتى ترضي زوجها استخدمت كريمات الفرد وأصبح ناعمًا وتحكم ربطه كما يحب، فكت ربطته، انساب على كتفيها، كانت ترى نظام ودقة زوجها مزايا عظيمة لكنها تختنق بما فضلت، وهم التغيير أصابها عندما تعرفت عليه، فكرت أنها تستطيع تغييره، وجدت نفسها صورة لما يحب، حواجبها الرفيعة لا تفضلها هكذا أيضًا وكانت أسمن فقدت وزنها، سألت حبيبها الافتراضي: لماذا لا يتزوج؟

رد: “الزواج والجنون لا يجتمعان يا عزيزتي، لي في كل بستان زهرة ولا حاجة لي بمزهرية”.

تعرف أنها زهرة زوجها الوحيدة لكنه قطفها من أرضها، بإمكانها الرجوع نحو الأرض لا تريد، مزهريته أكثر أمانًا، لن يتخلى عنها مهما حدث، ذلك يجعلها تنام مطمئنة.

         صباح الخير.     بادرت حبيبها.

         صباح النور يا كليمانس.

         من كليمانس؟

         زهرة من الجنة يا حوريتي.

لماذا لا يخبرني زوجي بشيء لا أعرفه، لماذا يغرقني الملل وهو سعيد؟ كانت تسأل نفسها دون إجابة.

         ألو .. أنتِ معي؟

         نعم، ماذا تفعل؟

         في طريقي إلى المطار، سأسافر إلى بيروت حتى أجدد نشاطي.

         رحلة موفقة.

         عذرًا مضطر أن أتركك، باي.

         باي.

سيمطر صفحته بالصور، أحترق أنا في زنزانتي، لا يحبني هذه طريقته مع الجميع، لم يخدعني، غيرتي لا مكان لها، يا الله لماذا أنا نار سُلطت على ذاتها؟ زوجي لا يستحق الخيانة لكنه يقتلني ببطء، لو طُلقت منه لن تكون الجنة بانتظاري، لا جنة في الحياة، أنا قطعة ثلج لا تحب البرد، أراقب ذوباني دون بأس، أغلقت اللاب توب، اتجهت نحو المطبخ لطهي السمك.

 

 

 

 

مقالات من نفس القسم