“منصورة عز الدين” تكوين غرائبي كحكايتها، مجموعة من الأصوات والشخوص والمرايا، وزوايا النظر المتعددة.. منذ مجموعتها القصصية الأولي (ضوء مهتز)ورواياتها (متاهة مريم) و(وراء الفردوس) ثم أخيرا (جبل الزمرد) الفائزة بأفضل رواية عربية بمعرض الشارقة للكتاب قبل أيام.. في كل رواياتها تنشغل بالأحلام والكوابيس والأساطير والموروث الشعبي، أنشغالها بالواقع وأسئلته الشائكة.. ودائما هناك حكايتان متداخلتان (وراء الفردوس) و(جبل الزمرد) وربما أيضا حكايات متعددة ومتاهات (متاهة مريم )فالهدف لديها هو إقلاق القاريْ واستفزازه واشتباكه مع أسئلة النص.. منذ البداية لا تبحث منصورة عن قارئ مستريح، تريده شريكا معها في الحيرة والسؤال، شريكا في المأزق الوجودي.
الانضباط الشديد لدي منصورة، ربما هو سبب أساسي وراء التخلص من شاعرية اللغة، ومن الزوائد الجمالية، تفعل ذلك بقصدية وتعمد… منذ بدايتها الابداعية، وهي حريصة علي التخلص من (العاطفية)و(الشاعرية) والهروب من كافة الأشكال الرومانسية الساذجة، وغير الساذجة أيضا، فهي لا تريد استماله القاريْ،ولا تريد استعراض مهارتها، والتباهي بطاقتها اللغوية، ما يشغلها هو بنية النص(الفكرية والدرامية) وهي حين تستند الي حكاية من حكايات (ألف ليلة وليلة) كحكاية “حاسب كريم الدين” في روايتها (جبل الزمرد) فهي تعيد بناء الليالي بخيال مختلف، وسردية مختلفة..
الصرامة والانضباط هما أحد السمات الأساسية في شخصية منصورة عز الدين، صرامة وانضباط تصيغ بهما عالمها الغرائبي وخيالها الجامح…. الخيال الذي كان مصدر فزع ورعب في الطفولة،هو نفسه إبداعها الحقيقي.