قصيدتان عن دمشق واحدة

magd arbash
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

مجد عربش

إلى روز مزهر:

حصاة ُالنّور التي تسند جرّة أيّامي في رقعة الظّلام المترامية..

أمنيةّ من غريبْ

هل تريدين أن أمدحَ العتم فيكِ

وأن أتناسى الجراح التي انفتحت في انتظار ضياء عفيفْ؟

كيف تستمتعين بهذا المديح الذي كاله العسكر المارقون

أوان أتوا يحملون إلى ياسمينك فحوى الخريفْ؟

يا دمشقُ،

أنا لا أجيد المديحَ،

أنا لا أنافقُ للجند إذ نسجوا من سكوتِكِ قمصان طغيانهم،

وأنا لا أنافح عن أيّ زيفْ

كم ذرفت الأناشيد بين الشّوارعِ

كم قد حلمتُ، وأنتِ تُشيحين طُرْقَك عني، بأنّ زماناً أليفْ

سيأتي ويمسح دمعاً على وجنتيكِ

ألا تذكرين:

أوان مشيتُ بساحِ الحجاز

ولم أكُ أملك ما سوف يكفي لأرجع للبيتِ:

بيتي الذي غاص بين تجاعيدِ ريفْ

حينها لم تمدّي يديك، ولم تحضنيني إليكِ

وكان ولاة الظّلامِ ينامون في كلّ قصرٍ منيفْ

فقلتُ: فداك أنا وضياعي

فإنّ سياط الجنود تحطّم صوت كلينا

وتودي بنا في دهاليز حَيفْ

ثُمّ بُدِّلَ فيك الطّغاةُ:

لقد سقط الأوّلون، أتى آخرون

وما زلتُ فيك غريباً..

ألا ترفضين سوايَ،

دمشق،

ألا تلفظينَ سوى أغنيات دمي

بينما تحضنين نشازَ الأمير العنيفْ؟

لا أطالبك الآن بالياسمين..

أريدك أن تصرخي وتعضّي على طرقاتك حتّى النّزيفْ

أريدك أن ترفضي من أقاموا على عطركِ الحدّ كي لا يفوحَ

ومن قتلوا الرّيش عمداً لتبقى طيور ربيعكِ دون رفيفْ

بعدَ نصر الدّماءِ على عتمةِ الكبتِ:

كيف ابرّر صمتُك آن ترين الوحوش يُشيدونَ ليلاً جديداً،

وضوؤك مازال نوراً خديجاً يلوح كطيفْ؟

فكوني حقيقيّةً، يا جريحةُ، لا تخضعي للحى والاباطيل

عندئذٍ سوف أرضى بأن تجرحيني كما ترغبين

وأن تتركيني وحيداً بلا قِربَةٍ أو رغيفْ

قدري أن أظلّ غريباً: أناديكِ فيك،

وأبحث في عقر داركِ عنكِ وعنّي بيأسٍ شفيفْ

أعرف الآن أنّك سوف تظلّين حتّى القيامةِ منفايَ

لكنّني، يا دمشقُ، أريدكِ منفىً نظيفْ!!!!

٢٠/٤/٢٠٢٥

….

في انتظار مواسم متأخّرة

يبيعونكِ اليومَ كي يشتروا العرشَ

يبتكرونَ سواداً يغطّيكِ كي لا ترينا وكي لا نراكِ

ويعتقلونَ الزّهور التي تتبرّجُ هادئةً ورقيقةْ

أتزعجهم رقصةُ العطر في النّسمات

إذا فاح في الطّرقاتِ رسولاً يعمّم وحي الحديقة؟

أيقلقهم خصر أنثى تثنّى لكي تستقيم الحياةُ قليلاً

وقد رقصتْ حرّةً كالهواءِ

تميس على موجٍ لحنً غدتْ فيه كلّ النّفوس غريقةْ؟!

ومنذ متى يا دمشقُ تعادينَ سقسقةً ارسلتها العصافير فيك تحيّة؟

لقد غيّروكِ بسوطٍ صغيرٍ،

وبالخوف قد جعلوكِ سبيّةْ

ونحن الذين ذرفنا السّنين دماً وخراباً لكي تصبحي حرّةّ ونقيّةْ:

تصدّينَ نظْراتِنا وخطانا

تشيحين وجهك عن صمتِ خيباتنا فهو ملحُ الحقيقةْ

آآآهِ كم أنتِ ساذجةٌ يا بلاداً تفرّط بالنّور إن هُدّدت بالسّياط

وتطفئ قنديلَ عشّافها لاتّقاءِ ذئابٍ طليقةْ

فما الأرض إن لم تكن ملجأ الفقراء الذين أضاؤوا سماواتها بسراج الوجعْ؟

وما هي إن كتمتْ عطرَها في جزعْ

لكيلا تثيرَ غبارَ النّصوصِ العتيقةْ؟!

إنّني الآن  من عمق هاوية اليأس أسمع همساً خفيضاً

يُرسِّخُ وحياً عميقاً بقلبي:

ستنتصرين ولو بعدَ حينٍ

ويندلقُ الصّبح نهرَ سلامٍ يمدّ بريقَهْ

لا لأنّك اقدم عاصمةٍ،

لا لأنّك خالدة وعريقةْ..

بل لأنّ الدّموع التي انهملت إثرَ خيباتنا كالنّدى

والدّماءَ التي سُفِكَتْ في الرّدى

….  لن تضيع سدى ….

سوف تخلق نسغاً من الضّوء يخضرّ منه ترابُك رغم الصّدى

وحين تهلّ مواسمه في المدى

سيطلّ من الارض زلزالَ نورٍ يهزّ كيانَ النّصوص

وينقض عرشَ اللصوص

فتغدين “أحدثَ عاصمةٍ ” للعصافير، للرّقص،

للأغنيات السّعيدةْ..

١٢/٥/٢٠٢٥

 

 

مقالات من نفس القسم