ولد شيلي في 4 آب / أغسطس عام 1792 لأسرة ثرية. فقد كان والده عضواً في البرلمان، وهذا ما أتاح له الالتحاق بجامعة أكسفور عام 1810. لكنه طُرِد في العام التالي، هو وصديقٌ له يدعى توماس جيفرسون هوغ، وذلك للاشتباه بأنهما قاما معاً بتأليف كتيّب بعنوان “ضرورة الإلحاد.” في عام 1811 التقى بفتاة. تدعى هارييت ويستبروك وهرب الاثنان معاً إلى إدنبره، وبعد ذلك بعام واحد، ذهبا بصحبة شقيقة هارييت إلى دبلن، ثم إلى ديفونن، ومن هناك إلى شمال ويلز. بحلول عام 1814 كانت هارييت قد أنجبت طفلين، إلا أن علاقتهما الزوجية كانت قد انهارت. وهرب شيلي مع امرأة أخرى هي ماري غودوين التي تعرف باسم ماري شيلي، وهي كاتبة الرواية الشهيرة “فرانكشتاين.”
سافر شيلي وماري وبصحبتهما أخت غير شقيقة لماري إلى كل من فرنسا وسويسرا وألمانيا قبل ان يعودوا جميعاً إلى لندن، حيث سكن شيلي وماري بالقرب من حديقة وندسور الكبرى. وهناك كتب قصيدته “ألاستور“Alastor (1816)، التي جلبت له شهرة واسعة.
في عام 1816 قضى شيلي فصل الصيف على ضفاف بحيرة جنيف مع بايرون وماري، التي كانت قد شرعت في كتابة “فرانكشتاين.” وفي خريف ذلك العام، انتحرت زوجته الأولى هارييت غرقاً. وإئر ذلك تزوج شيلي من ماري واستقرا عام 1817 في مارلو الكبرى على نهر التيمز وقد سافرا لاحقاً إلى إيطاليا. وهناك كتب شيلي السوناتة الشهيرة “رمسيس الثاني” Ozymandias (1818)، كما قام بترجمة “الندوة” لأفلاطون من اليونانية.
بالإضافة إلى أعماله الشعرية الشهيرة مثل “رمسيس الثاني” و”قصيدة إلى قبّرة” و”قصيدة إلى الريح الغربية،” ألّف شيلي أعمالاً شعرية مطولة مثل “بروميثيوس طليقاً” و “ألاستور” و “أدونيس” و “ثورة الإسلام” و”ملكة مؤاب.”
في 8 تموز / يوليو عام 1822 أثناء وجوده في إيطاليا، قضى شيلي غرقاً في حادث بحري.
……………..
– قصيدة إلى الريح الغربية
1
أيتها الريح الغربية العاتية، يا زفرات كيان الخريف،
أنتِ يا من أمام حضرتك الخفية تندفع أوراق الشجر الميتة
كما تفرُّ الأشباح هرباً من ساحر،
صفراء وسوداء وشاحبة، وحمراء محمومة
جموعٌ قد ابتليت بالوباء: أنتِ
يا من تحملين البذورَ المجنّحَة إلى سريرِها
الشّتويِّ المظلم، حيث ترقد باردةً في الأسفل،
كلٌ منها أشبه بجثّةٍ داخل ضريحها، إلى أن
تنفخ شقيقتك اللازوردية التي تأتي مع الربيع
في بوقها على الأرض الغارقة في أحلامها، وتملاُ
(وهي تسوق البراعم الحلوة كالقطعان لتتغذى في الهواء)
السهولَ والتلالَ بألوانٍ وروائحَ تعجّ بالحياة:
أيتها الروح البرّية التي تتحرك في كل مكان؛
أيتها المدمرة والحافظة؛ إسمعي، أتوسل إليكِ، أنصتي!
2.
انت يا من على تَيّارِكِ، وسط هياج السماء الشاهقة،
تتبعثر الغيوم كما تتبعثر أوراق الشجر الذاوية على الأرض،
حين تُنْتَزَعُ من أغصان السماء والمحيط المتشابكة،
ملائكةُ المطر والبرق: هناك تتناثر
على السطح الأزرق لدفقك الهوائي
مثل الشعر اللامع الواقف فوق هامةِ
منيادةٍ* شرسة، من حافة الأفق
القاتمة إلى عنان السماء،
خصلاتٌ من العاصفة القادمة. انت يا أنشودةَ
العام الذي يحتضر، الذي ستكون ليلةَ الختام هذه
بالنسبة له قبةَ ضريحٍ كبير،
مغطاة ًبكل ما تستجمعين من جبروتِ
أبخرتِكِ التي من جوّها الصلب
سينفجر مطرٌ أسود ونارٌ ووابلٌ من البَرَد: أتوسل إليك أن تسمعي!
3.
أنتِ يا من أيقظتِ البحر الأبيض المتوسط ذا اللون الأزرق
من أحلامه الصيفية، حيث كان راقداً
يهدهده تكور جداوله البلورية،
بجوار جزيرة صخور بركانية نَخِرة في خليج بايا،
ورأى في منامه قصورأ وأبراجاً قديمة
ترتعش في يوم الموجةِ الأعظم توتُّراً،
وجميعها قد تطاولت عليها طحالبُ وزهورٌ زرقاء
حلوةٌ إلى حدّ يفوق الخيال! أنت
يا من في دربك تلقي قوى الأطلسي الملساء
بنفسها في هاويات سحيقة، بينما في الأعماق البعيدة
براعم البحر وغاباتة الطينية التي ترتدي
أوراق الشجر الخالية من العصارة في المحيط، تعرف
صوتَكِ، وفجأةً تكتسي بلون الرماد هلعاَ،
وترتعد وتسلب نفسها: أتوسل إليك، اسمعي!
4.
ليت أنّي ورقةُ شجرٍ ميتةٌ لعلك تحملينني؛
ليت أنّي سحابةٌ رشيقة لأطير معِك؛
موجةٌ تلهث تحت سطوتكِ، وتشارككِ
في إيفاع قوتك، لكن بِحُرّيةٍ أقلّ
منك، يا من لا تخضعين لسيطرة شيء، ليت أنّي
كما كنت في صِبايَ، أستطيع أن أكون
رفيق جولاتك عبر السماء،
وأيّامَها، حين لم يكن تجاوز سرعتكِ السماوية
يبدو امرأ بعيد المنال، ما كنت لأُجْهِدِ نفسي
معك كما الآن في دعائي وأنا في أمسّ الحاجة.
أوّاه! إرفعيني مثل موجةٍ، ورقةٍ، سحابة!
ها أنا أسقط على أشواك الحياة! أنْزِف!
ثمّة عِبءٌ ثقيلٌ من الساعات قيّدَ وحنى ظهرَ
امرئٍ هو أيضاً مثلك: عصيٌّ على الترويض، متعجّلٌ، ومعتدٌّ بنفسه.
5.
إجعليني قيثارتك، مثلما هي الغابة؛
ماذا لو أن أوراقي تتساقط مثل أوراقها!
فالصخب الذي تصدره إيقاعاتك الجبّارة
سيأخذ من كلينا نغماً خريفياً عميقاً،
حلواً على الرغم من الحزن. كوني أيتها الروح الشرسة،
روحي! كوني انت أنا، أيتها الجامحة!
طوفي بأفكاري الميتة حول الكون
كالأوراق الذاوية لتُعَجِّلي بميلاد جديد!
وبقوة تعويذة هذا القصيد،
بعثري – كما تبعثرين من موقدٍ منطفئ
رمادَهُ وشرَره – بعثري كلماتي بين بني البشر! كوني من خلال شفتيّ إلى الأرض التي لم تستيقظ
بوقَ النبوءةِ! أيتها الريح،
إذا حلّ الشتاء، فهل سيكون الربيع بعيداً؟
…………………….
هامش:
* المنيادة: المنيادات في الأساطير الإغريقية هن مجموعة من الإناث يتبعن ديونيسيوس، إله الخمر. ويشير معنى كلمة منيادة إلى الجموح والعربدة والانفعال الشديد.
Ode to the West wind
Percy Bysshe Shelley
I.
O wild West Wind, thou breath of Autumn’s being,
Thou, from whose unseen presence the leaves dead
Are driven, like ghosts from an enchanter fleeing,
Yellow, and black, and pale, and hectic red,
Pestilence-stricken multitudes: O thou,
Who chariotest to their dark wintry bed
The wingèd seeds, where they lie cold and low,
Each like a corpse within its grave, until
Thine azure sister of the spring shall blow
Her clarion o’er the dreaming earth, and fill
(Driving sweet buds like flocks to feed in air)
With living hues and odors plain and hill:
Wild Spirit, which art moving everywhere;
Destroyer and preserver; hear, oh, hear!
II.
Thou on whose stream, ‘mid the steep sky’s commotion,
Loose clouds like earth’s decaying leaves are shed,
Shook from the tangled boughs of Heaven and Ocean,
Angels of rain and lightning: there are spread
On the blue surface of thine airy surge,
Like the bright hair uplifted from the head
Of some fierce Mænad, even from the dim verge
Of the horizon to the zenith’s height,
The locks of the approaching storm. Thou dirge
Of the dying year, to which this closing night
Will be the dome of a vast sepulchre,
Vaulted with all thy congregated might
Of vapors, from whose solid atmosphere
Black rain, and fire, and hail, will burst: oh hear!
III.
Thou who didst waken from his summer dreams
The blue Mediterranean, where he lay,
Lulled by the coil of his crystalline streams,
Beside a pumice isle in Baiæ’s bay,
And saw in sleep old palaces and towers
Quivering within the wave’s intenser day,
All overgrown with azure moss and flowers
So sweet, the sense faints picturing them! Thou
For whose path the Atlantic’s level powers
Cleave themselves into chasms, while far below
The sea-blooms and the oozy woods which wear
The sapless foliage of the ocean, know
Thy voice, and suddenly grow gray with fear,
And tremble and despoil themselves: oh, hear!
IV.
If I were a dead leaf thou mightest bear;
If I were a swift cloud to fly with thee;
A wave to pant beneath thy power, and share
The impulse of thy strength, only less free
Than thou, O uncontrollable! if even
I were as in my boyhood, and could be
The comrade of thy wanderings over heaven,
As then, when to outstrip thy skyey speed
Scarce seemed a vision; I would ne’er have striven
As thus with thee in prayer in my sore need.
Oh! lift me as a wave, a leaf, a cloud!
I fall upon the thorns of life! I bleed!
A heavy weight of hours has chained and bowed
One too like thee: tameless, and swift, and proud.
V.
Make me thy lyre, even as the forest is;
What if my leaves are falling like its own!
The tumult of thy mighty harmonies
Will take from both a deep, autumnal tone,
Sweet though in sadness. Be thou, Spirit fierce,
My spirit! Be thou me, impetuous one!
Drive my dead thoughts over the universe
Like withered leaves to quicken a new birth!
And, by the incantation of this verse,
Scatter, as from an extinguished hearth
Ashes and sparks, my words among mankind!
Be through my lips to unwakened earth
The trumpet of a prophecy! O Wind,
If Winter comes, can Spring be far behind?
————————-
– فلسفة الحب
الينابيع تمتزج بالنهر،
والأنهار بالمحيط؛
رياح السماء تمتزج إلى ما لا نهاية
بإحساس جميل
ليس في الدنيا شيء منفرد؛
فكل الأشياء وفق قانون إلهي
تمتزج في كيانِ شيءٍ آخر –
فَلِمَ لا أمتزج مع كيانك؟
انظري، الجبال الشاهقة تُقَبّل السماء،
والأمواج تعانق بعضها بعضاً؛
لا يمكن أن يُغتفر ذَنْبُ زهرةٍ شقيقة
إذا كانت تزدري شقيقها؛
وضوء الشمس يعانق الأرض،
وأشعة القمر تُقًبّل البحر –
ماذا تساوي كلّ هذه القبلات،
إن لم تُقَبّليني أنت؟
Love’s Philosophy
The fountains mingle with the river,
And the rivers with the ocean;
The winds of heaven mix forever
With a sweet emotion;
Nothing in the world is single;
All things by a law divine
In another’s being mingle–
Why not I with thine?
See, the mountains kiss high heaven,
And the waves clasp one another;
No sister flower could be forgiven
If it disdained its brother;
And the sunlight clasps the earth,
And the moonbeams kiss the sea;–
What are all these kissings worth,
If thou kiss not me?
————————-
¬– لحن الغرام الهندي
ها أنا أَستيقظُ من أحلامي بكَ
في الهجعةِ الحلوة الأولى من الليل،
حين تنفخ الرياح أنفاسها على علوٍّ منخفضٍ،
وتتلألأ النجوم لامعةً
ها أنا أَستيقظُ من أحلامي بكَ،
وفي قدميَّ روحٌ
قد ساقتني – من يدري كيف حدث ذلك؟
إلى نافذة حجرتك أيها الحلو.
نسمات الهواء الجوّالة تفقد الوعي
على الجدول المظلم الصامت –
عبق شجرة التشامباك يضيع هباءً
كما الأفكار الحلوة في حلم؛
شكوى أنثى العندليب،
تموت على قلبها؛
كما لا بد لي من أن أموت على قلبكَ،
أواه، أيها المحبوبُ كما أنت!
آه ارفعني عن العشب!
ها أنا أحتضر! أفقد الوعي! أقع أرضاً!
دع حبك يهطل بالقبلات
على شفتيّ وجفنيّ الشاحبين.
خَدّي باردٌ وأبيض، واحسرتاه!
قلبي يعلو وجيبُهُ ويتسارع؛
أوّاه! ضُمّهُ إلى قلبكَ مرةً أخرى،
لينفطر أخيراً هناك.
The Indian Serenade
Percy Bysshe Shellley
I arise from dreams of thee
In the first sweet sleep of night,
When the winds are breathing low,
And the stars are shining bright
I arise from dreams of thee,
And a spirit in my feet
Hath led me–who knows how?
To thy chamber window, Sweet!
The wandering airs they faint
On the dark, the silent stream–
The champak odors fail
Like sweet thoughts in a dream;
The nightingale’s complaint,
It dies upon her heart;
As I must on thine,
Oh, beloved as thou art!
O lift me from the grass!
die! I faint! I fail!
Let thy love in kisses rain
On my lips and eyelids pale.
My cheek is cold and white, alas!
My heart beats loud and fast;–
Oh! press it to thine own again,
Where it will break at last.