أعرف أن ما بين يديه هو الحق ، الباطل يأتيه من خلفه ، الباطل شبهات ترعى فينا جميعا ، نوشك أن نقع فيها . في المرة الأولى نجونا ، لم تكن النجاة انتصار ، كانت أقل الخسائر . تواطئ كثيرا على ولعي بهاري بوتر ، رغم ما فيه من كفر بيّن ، حاول أن يفهم ، و كانت اسئلته كلها من شيمه : ما القواعد الحاكمة ؟ هل لهم إله ؟ هل هم نصارى مثلا ، و هل يوجد منهم مسلمين ، مقدسات الموت !! البعث يعارض الأديان و التعاويذ سحر .أحاول تقريب وجهات النظر ِ أحكي له عن القس الذي زوّج بيل ويزلي و فلورا ديلاكور ، القس نفسه الذي أقام شعائر دفن دمبلدور ، حجر البعث لا يحيي العظام ، و السؤال عن الدين ليس هذا مقامه . خيال يا صاحبي .. خيال . لتستمر لعبتنا ، و يوما ما ، سنقع في غرام جيني ويزلي ، نشبّه ضباط أمن الدولة اتباعهم بآكلي الموت و الديمنتورات ، و في الوقت المناسب سنجيد استحضار الباترونس . . لينتشر الدفء و البهجة .. ننجو !
الآن أتحدث عن النجاة . هل تعلم يا صاحبي أن الفصل الأول في الجزء الأول من هاري بوتر عنوانه ( الفتى الذي نجا ) ؟! و في الفصل الأخير في الجزء الأخير نجا هاري مرة أخرى . الفتى الذي نجا مرتين من تعويذة القتل الخضراء Avada Kadavra
. هل تظن أننا لو هلكنا في المرة الأولى كان ذلك من أجل شيء ما ؟! تلك مرتك ( الثانية ) لأجل ذلك الشيء ، أنت و آخرين كُثر الله يعلمهم ، و قليلين نعلمهم . كنا نسمع سيرهم – مجرد سيرهم و نبتسم . الدائرة تضيق علينا أكثر فأكثر ، صار لنا الآن أصحابا هالكين أو أخوه لهم ، ما كنت لأخجل من تعزيتهم و مواساتهم في زمان سابق .
أعود لأني ربما قد أعود . و حتى يحكم الله بأمره ، يضعني أصحابنا القدامى مع الخارجين ، و أرفقهم بي يدرجني مع الجخاخين . الجخاخون أنت إمامهم يا مولانا الخروف ، هل يعلمون هذا ؟! عودتك أضافت لنا مصطلح جديد ، أُعتمدت و ارتقت للصدارة ، و أصبح رمزا لكل حخ . كما فعلت أنا في غيابك ، تكونت حولي من لا شيء (شلة البقر) ، و بعد اكتمالي بك ، صار الجمعاوي جخاخا ، و معاذ بقرة . أشياء مثل هذه ظنوا أنها لا تلائمنا كمشايخ ، لكن ثلاثاء المز العالمي يلائمنا :P
أعود إن كان لي أن أعود .. لأطارد أحلاما قديمة كأدعية صلواتنا ، لن تبقى محرد أدعية .. عودتي خلق طريق لتمامها . أنت لا تحب صفة الخلق لغير الله ، الخالق هو الرب ، مشاكلتا ليست مع الرب يا صاحبي ، الله موجود و بيكفّي . . موجود بحكمته في خلقه التي لا نعلمها ، حكمته جعلتك هناك تمارس ما أردت ، و جعلتني عاجزا أن أستمر مثلك ، جعلتني أيضا عاجزا أن أحقق ما اصبوا إليه ، مع انه لم يفارقني الشغف !
لم تسمع يا صاحبي مني مباشرة لساني الجديد ، حتى لو احاطك منه خبرا . كم مرة استعذت و حمدت ربك على معافاتك من مصيري ؟! إن كنت فعلت ، فهل اتبعت سببا ؟! الحكمة الخفيّة لا تكمن في الأسباب .. الحكمة الخفيّة كاستواء الرب على عرشه : حكمة تليق بجلاله ، و مجهولة الكيف ؛ هي أثر الفراشة #جينا للجخ . أثر الفراشة يا صاحبي لن يثقلك و لن يرهقني ، كل ما لا نعرفه و لا نهتم به هو جخ ، و موجود رغم عنا .. الحمد لله أن السبل لم تنقطع بنا بعد.
هل تذكر يا صاحبي الوجبات السخية المرسلة من والدي لنا في السجن ، كان يظن أننا أكثر من اثتنين – كذا أبلغوه . قالوا له أننا كنا في مظاهرة ، و ضبطنا بمنشورات ، أجواء تليق بصلاح نصر ، و فيلم ( في بيتنا رجل ) . هل تذكر حكايتي لك عن فيلم الكرنك ، أنا محمد صبحي , اللمض اللي ملوش فيها – ما علينا من الجخ . كانوا يجهلون ؛ الجهل عذر للمغفرة ، و لا يقي من شر الحساب ، أليس كذلك ؟!
أكره يا صاحبي دوائرنا الجديدة الضيقة ، حشرنا فيها غصبا عنا . أكره يا صاحبي أن اكون الفتى المنقلب على أصله ( إن اعتبرت سابقتنا تلك أصلا ) ، شكاء باك على لبن مسكوب متغنٍ بأطلال قد ولت ( حلوة السهوكة الجمعاوية دي يا برنس ؟!) . أكره أكثر حبي السنوي لكتابة نص عن ذكرانا السنوية ، أكره أن ذلك الحدث هو مفصل حياتينا ، نؤرخ به ( ما قبل سويسرا – و ما بعد سويسرا ) و لولاه يا صديقي لم نكن نخرج من الفقاعة ؛ مثلا يعني ! ثم أكره اضطراري لاستخدام المصطلحات الكبيرة ، لا لأني أخاف ، و لكنا لم نعد في عصر الأشياء الكبير ، الانفجار الكبير حدث مرة واحدة و أغلب الظن أنه كان صدفة ، و أن كان الرب لما خلقنا صرّح بيته . ما بتسأل عليا ، و أعرف أنك بتحبني . اتذكر كوننا على الهامش ، هامش يفتح باب التأويل ، الهامش موردنا للتهلكة . الآن أعذرني ، لا تكفي جلسة واحدة لإقناعي ، نحتاج على الأقل لكوبين من الكاكاو ، غطاء واحد يدفئنا ، نتظاهر في البدء بالمذاكرة ، أنت أطول بالا مني ، أمل سريعا و أهرب لرواية ما ، ثم تتبعني ، و بينما تطرقعني ماتشين PES
تخبرني فصل القول . لا يصلح ذلك الآن ، تقول الوقت لا يسعفك سوى للطمأنة على أهلك ( أو طمأنة أهلك عليك ) ، هوا أنا مش من بقية أهلك يا بقرة ؟! أهلي و أهلك لم يلتقيا ، تبادلوا كراهيتي و كراهيتك عمياني ، لأنهم لا يعلمون ، تركنا الجهل يأكلهم . أبي لم يكن يحبك ، مثل أخيك حين ظن أني تركتك أو أني ضحيت بك لنجاتي ، أنت تعلم و أنا أعلم و بيكّفي . أبي لايتعظ ، هل لو بمصادفة ما هلكت أنا أو أخي الأصغر في حدث ما خلال السنوات الثلاث الماضية ، أو هلكت في محنتا ، هل كان ليثور مثلا ، هل كان يغضب ، هل كان يصبح لديه ثأر أو يتعظ ؟ لا أظن .الموت هنا أيضا دنا و تدلى ، لكن الموت هنا نجاة ! لو تبعتك فعلا سيقول ، هو أختار قدره ، قهرته قد تقضي عليه ، سأرضى بهذا .
أقول أن الحال عندك ملتبس عليّ ، أحب حديثك مع انك لم تجلي لى الرؤية ، بصرك هنالك جديد ، فلم تريد جذبي دون أن أفهم . أدعيتنا القديمة يواقفها الحوار ( ربنا توفني مسلما – أقبضني و أنت راض عني – أحشرني مع الشهداء ) كيف نصبح شهداء دون جهاد ؟! أصدقك نحن في حرب ضد الجاهلية . كان الجهاد – بمفهومك- فكرة بعيدة ، ثم دنا فتدلى ، أنت قطفت منه ، لم تكفيك الدعوة مجردا علّ الله يجمعك بهم على النية . كنا غرباء و لم نزل ، غربائي يا صديقي ليسوا غربائك ، غرباؤك الذين ارتضوا دين ربك و الدفاع عنه شعارا للحياة ، و غربائي الذين يبكوا و يصلوا يوم أُذري بالسماء الآخرون . السماء لما تجعل لنا خيارا في أشياء ، جبلتني على جمعاويتي ، ثم جمعتني بك ثم ارتضيت أنت ، الجخ المبتذل بيننا طمأنينة أبدية هي عروتنا الوثقى .
الحل يا صديقي من تحت الأرض ، لابد قطعا من شيء يحمي قوة التغير . شيء سري ينفجر فجأة ، سريته تتيح له فرصة التنظيم ، و سريته تسلبه ميزة الانفتاح في معرفة الآخر ، سيبقى التنظيم منغلقا على نفسه حتى وقت الانفجار ، ثم النصر لو قضى الله ،ينظم له القطيه ، و المصيبة ف القطيع ، لكن حتى الأغبياء لهم حق . و يصبح أيضا للنجاح ألف أب ، و تجد الذباب قد انجذب إليك . الآن عليك تعرف نفسك لما ينجذب الذباب ؟ العسل ، الضوء ، أو الخراء . . اختر ماهية نفسك . لو كنت شيئا آخر ظاهرا ، ستعاندك البيروقراطية و الهبل المحتمعي ، و الأهم ( أنه عشان تعمل ثورة ع النظام ، لازمن رقم واحد يكون فيه نظام !) .
خلاصة القول : الحلم واضح ، سواء كان ( ثورة – تغيير – خروج على الحاكم – جهاد ) ، و بالنسبة لي الأمر كله مسخرات . . لا أقصد التسفيه .. ستكون خروفا كبيرا لو ظننت ذلك ؛ الأمر فقط أن الرغبة تتلاشى ، حلم الوصول للنهايات ليست بالضرورة رغبة في الكمال ، الفراغ يروادنا بالسعي ، الهروب هو ترك الأشياء ناقصة و مبتورة ، و انت عارف صاحبك ، بيقطع عرق و يسيّح دمه .
أخجل منك لأنك أفضل ، أغبطك و أعزي نفسي بأحلام قديمة ( فاكر معهد الأورام و أطباء بلا حدود !) ، لست مثلك ، ربما لو كنت ، لذهبت لزوليش بمفردي دون حمل عبء ظننه أني ضده .
لا مولى لهم يا صاحبي . . لا مولى لهم .
ــــــــــــــــــــــــ
قاص مصري
خاص الكتابة