فيلم Sully وحرب التوقعات

موقع الكتابة الثقافي
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام
محمد أبو عوف أتابع جيدا موقع imdb، لذلك كنت أنتظر فيلم sully  منذ 2014، كانت لحظات سعادة غامرة عندما قرأت اسم كلينت إيستود كمخرج، وبطولة توم هانكس، ولم يُحدد باقي فريق العمل بعد، كنت يوميًا تقريبًا أدخل على صفحة الفيلم لأعرف الأخبار الجديدة. إنه أولُ عملٍ بينهما، بالتأكيد إيستود سَيُخرِج من توم هانكس مالم يستطع مخرج أن يفعله من قبل، سأرى هانكس في ثوبٍ جديد، خاصة عندما بدأت تنتشر صور الكواليس، أتابعها بشغف، تجاعيد إيستود والتركيز الشديد، وجوده وسط النهر مع فريق العمل، صوره مع هانكس وهما يتحدثان. كل صديق كنت أقابله أنصحه بمشاهدة الإعلان، وبدأت أبحث عمن سيدخل معي الفيلم في أول يوم له في السينما، وبالفعل شاهدته في السينما بعد نزوله بيومين، كثيرون حاولوا إحباطي وقارنوا مقارنات نظرية بينه وبين فيلم flight لدينزل واشنطون، خاصة مع التشابه في وظيفة البطل (الطيار)، ووجود حادثة تَحطُّم للطائرة، لكني كنت أدافع مقدمًا عن الفيلم قائلا:إن كلينت إيستود ليس له مثيل في الإخراج وقد أخرج رائعة American sniper قبلها بعام وهو قصة حقيقية أيضا مثل sully. كان الحماس يشتعل بداخلي مع اقترابي من باب السينما، وحتى بدأ الفيلم، وأحداثه تمر، مشهد تلو مشهد، ودقيقة تلو دقيقة، وأنا أنتظر المفجأة، أنتظر الجديد، الآن سأرى ما يدهشني، لكن حماسي بدأ يفتر مع الاستراحة، وأحدّث نفسي لابد أن الجزء الثاني سيكون به ما يجعلنا نسيتقيظ مرة أخرى، فالنوم قد بدأ يهاجمني في النصف الأول. رغم حبي الشديد للمخرج والبطل إلا أنها كانت أكبر حالة خذلان وخيبة أمل شعرت بها، فالأولى بإيستود كان سجّل فيلمًا تسجيليًا عن حادثة لا تخص غير المشاهد الأمريكي. حادثة في رحلة طيران داخلي، أظهر الفيلم تناسق العمل بين وحدات الإنقاذ المختلفة، والدقة في تحري الحقيقة لأن الطيار عرّض حياة الركاب إلى الخطر، وماهو مستوى التكنولوجيا التي وصلت إليه أمريكا. استعراض قوة أمريكا والتكنولوجيا أمر ليس بجديد، لكنها في أحيان كثيرة تضعه داخل سياق فني تجعل المشاهِد يستمتع بما يراه، حتى وإن كانت القصة الخيالة كما في Indepndence day لWill smith، أو واقعي مثل فيلم speed  مثلا، عندما طارد Keanu Revees الإرهابي صاحب التفجيرات. كيف فات على إيستود وهانكس أن باستطاعتك أن تضع أبعادًا أخرى للقصة، وأن الحقيقة تدخل إلى السينما فتخرج في شكل فني، فالمؤلف والفنان والمخرج وفريق العمل كله من واجبه وضع اللمسة الفنية، ماوراء الحدث، يرى مالم يره الآخرون، لكن أن تجلس معه ليقص عليك قصة إنقاذ طائرة ؟؟!! هذا ما فعله فريق العمل هذه المرة. أمريكان سنايبر عندما قُدِّم في السينما غيروا من القصة الحقيقية بعض الشيء، فالبطل قَتل اثنين كان يدرِّبهم على الصيد، والقضية كانت في المحكمة وقت عرض الفيلم الذي غير النهاية فالقناص قُتِل في النهاية على يد جارٍ كان يدربه على الصيد. وضع أبعادًا إنسانية ونفسية للشخصية، هذا على مستوى الكتابة، أما على المستوى الإخراج فأنت منذ اللحظة الأولى داخل العراق ولن تستطيع الخروج من حدودها إلا عندما يأذن لك المخرج بهذا.   أما أن تقصَّ عليّ أحداثًا لإنقاذ طائرة بتسطيح مبالغ فيه، فظهر الفيلم مثل خط النبض في شاشات المستشفيات عند الوفاة، فلا صعود أو هبوط، إنما هو خط مستقيم لشخص أو فيلم ميت منذ البداية. فالفيلم كله قائم على حادثة تحطُّم محركات طائرة، وهبط الطيار بها في النهر، وأنقذ جميع الركاب، وتمت محاكمته ليتأكدوا أنه لم يعرِّض حياة الركّاب للخطر. وعندما قاموا بالمحاكاة في آخر مشهد، قدم حجته التي جعلته ينتصر في النهاية، وتظهر براءته وسرعة تصرفه وحنكته. العمل بالفعل بطولي، ومخاطرة قام بها الطيار بناءً على خبرته التي تخطت عشرين عامًا. لكن الـمُشاهِد في النهاية لم يحصل على أي متعة خاصة مع المشهد الغريب في النهاية أنهم أتوا بالطيار الحقيقيّ والركاب الحقيقيين وقالوا أسماءهم. ما علاقة المشاهد غير الأمريكي ولا يمت للركاب بصلة بالركاب الحقيقيين وأسماءهم وأشكالهم، ومادام sully  الحقيقي على قيد الحياة كان هو الأولى ببطولة الفيلم، أو لو قامت قناة الBBC  أو ناشيونال جيوجرافيك بعمل فيلم تسجيلي ووصف الطيار الحادثة لكن الموضوع أكثر تشويقًا. في حديثي عن أي فيلم لا أحب أن أذكر الأحداث حتى يتسنى للقاريء أن يشاهد الفيلم ويقيمه بنفسه، لكن لرداءة المادة هذه المرة فأنا أخبر القاريء بما سيشاهده حتى لا يضيع الكثير من وقته، ولا يوجد كثير من الوقت فالفيلم ساعة ونصف بالكاد تنتهي منهم.  لا وجه للمقارنة بينه وبين Flight  بشخصية دينزل المعقدة، ووجوده كطيار مخضرم مدمن للخمور والكحليات وحياة أسرية مدمرة، وكيف كانت محاكمته صعبة، تتعاطف معه حينًا وتتمنى أن يتنزل به العقوبة حينًا آخر. فحتى مشهد سقوط الطائرة في sully ظهر بشكل هزيل، ترى الجرافيك بوضوح في قطرات الماء على الزجاج الأمامي للطائرة، وتطاير الماء إثر سقوط الطائرة. للأسف سقف التوقعات سقط فوق رأسي وآلمني بشدة، فلازمتني خيبة الأمل والحزن من هانكس وإيستود. فأول تعاون بينهما كنت أنتظر فيلم تاريخي، وسأنتظر منهما تعاونا جديدا لعلمها يصلحان هذا العمل، فلعلي أرى المعجزة أمامي في يوم من الأيام. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ    كاتب مصري 

مقالات من نفس القسم