في المساءات الحزينة،
يحكي سندبادي الصغيرُ عن المليحات…
أولئك اللاتي قرأ تاريخ شغفهن في الأوراق القديمة
فأعرف أني أغار عليه حتى من نساء الأوراق القديمة!
وفي المساءات الخاوية،
يحكي سندبادي همسا
عن الجنيات الحانيات
أولئك اللاتي يسكنّ تُرعا صغيرة منسية
في قرى فقيرة منسية
لتروي زروعا كثيرة منسية
فأعرف أن شعور جنيات الترع طويلة
وملونة بكل لون
و أني أخاف حتى من الجنيات الحانيات!
من بعد مساءات الحزن والخواء
تأتي مساءات سندبادي الهذيانة
تلك التي يستدعي فيها أرواح من ماتوا صامتين
يستنطق غربتهم في حضوري
يُعرفني بأحلامهم التي لم تتحقق أبدا
ويبحث في جيوب جلبابي عن قروش قليلة يساعدهم بها
قبل أن يلتفت إلى أنهم موتى…
فأعرف أني وسندبادي لن نبرأ من الهذيان ما أبقى الله على الهذيان!
وفي صباحات كل الليالي…
حزينها وخاويها وهذْيانها
يحكي سندبادي عن العشق والروح والسِحر
والعبيد المقهورين في الأرض البعيدة
يحكي عن العراق التي لم يزرها إلا في الأطلس الأصمّ
وعن التوراة التي لم يفرغ من قراءتها منذ سنيّ المراهقة
عن الثورات التي لم تكتمل
والخيانات التي حيكت لرجال لم يكونوا لينهزموا أبدا
بغير الخيانة الملساء
في كل المساءات والصباحات
يحكي سندبادي ويحكي ويحكي
وفي نهاية كل محكية
يعاهدني على مكيال من فضة الفراعين مهرا
وحكاية جديدة للمساء التالي
فإذا قلتُ إني شختُ وشاخ العمر بالحَكايا
قال ياصغيرتي
لا الحكايات في الأرض تنتهي أبدا
ولا قلوب الصبايا البهايا تشيخ أبدا
ولاالله قدّر لسندباد من عباده يوما
أن يزهد لمع العين لطفلة مثلك
لا يملك القلب منها إلا بالحكاية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شاعرة وروائية مصرية
صدر لها رواية “نابروجادا” ـ دار دوّن
يصدر لها قريبًا ديوان “سأعيد طروادة إلى أهلها ثم أحبك”