محمد سعيد درويش
في قلبي
ثِمة أشياء تحترق
تخرجُ أعمدة الدُخان
متصاعدة لأعلى
تجعل وجهي
شاحبًا
ترتعشُ عينايَّ
فتدمعُ
وأبكي .
في قلبي
طائر مسكين
يحاولُ الخروجِ
كلما فعلَ
أقول
أبقَ هُنا
لا مكانًا آخر
لكَ
يقول الطائر المسكين
لقد خُلقتُ لأطير
لا لأكون في قفص !
يرفرفُ بجناحيه
ويخرجُ مِن قلبي
ويخلف وراءه
شرخًا كبيرًا
كما وكأن قلبي
جِدار أصابه شرخ
لكنه ليس بجدار
الجِدار رغم كونه صخرا
يسقط إثر الشروخِ
فماذا عن قلبي ؟!
ها هو قفص
خاوٍ
يبحثُ عَن عصفورًا آخر
في قلبي جنازة
تُقام مراسمها
كُلٌ يوم
قبل النوم
وفي الليلِ
كان ينزفُ
قبل ذلك
آثر جرحًا عميق
ولَم يرى أحد هذا
فماتَ
ولَم يحضر أحد الجنازة
***
في قلبي
صورة لرجُلٌ
عجوز
خائب
حين كان في العشرين
أحبَ صبية
وهجرته
ومنذُ ذاك الحين
وهو يرقد في قلبي
حاملًا صورتها
بين يديه
تجاعيده تشبه
لشروخ بيتنا القديم
أو الشروخ في قلبي
يذكرني هذا الرجل برواية
الحُب في زمن الكوليرا
لا يفعل شيء سوى أنه
ينتظرها
أيعرف عنها شيء
هذا الرجل المسكين
أجلسُ كليل الرأسِ
وأضعُ أُذني
قُربَ قلبي
أسمعهُ يهمسُ في أُذنيَ
أنا أُحبها .
في قلبي
مقعد خاوي
في مقهى
يجلس عليه رجلًا
ذا صلع
يرتبُ أوارق
الكوتشينة
متحفزًا ليلعب
لكن لا أحد يأتي .
في قلبي
فتى مسكين
بائس
يسيرُ ليلًا
في الشوارع
باحثًا عن كسرة خبز
في قلبي
امرأة
تشعل النيران
مستخدمة قداحة
تشعلها في حطب
لتشعر بالدفء
فيحترقُ
قلبي
ويتصاعد الدخان
يجعل وجهي
شاحبًا
ترتعشُ عينايَّ
وأبكي .
…………
القاهرة ١٧ فبراير ٢٠١٩ .
إهداء / إلى إيمي طه
حبيبتي ورفيقتي إمبارح والنهاردة وبكرة وكل يوم.
درويش .