أحـمد عبد الرحـيم
لى صديق لا يشاهد إلا أفلامًا هوليوودية. يطالع أسبوعيًا قائمة “أنجح 10 أفلام فى شباك التذاكر”، حتى يحدِّد ما سيشاهده منها، ويسهر سنويًا لمتابعة حفل توزيع جوائز الأوسكار، مقدِّسًا نتائجه. إذا ما تحدثت أمامه بسوء عن فيلم حقّق أعلى الإيرادات، أو نال ولو الترشح لجائزة أوسكار، فـ”يا ويلك وسواد ليلك”! أقل ما سيحدث لك أنه سيطعنك بنظرة حادة تلجم لسانك، قبل أن يمد ذراعه ناحيتك حتى تلمس أصابعه أنفك، مشوّحًا بعصبية، وصائحًا بعنف: “إنـت بتتـكلم إزاى؟!”. ولما أثارتنى حماسته هذه، قرّرت أن أتبع نهجه، وأسأل نفسى ببراءة: هل أفضل فيلم هو الذى يحقِّق أعلى الإيرادات فى شباك التذاكر؟ أم الذى يحرز جائزة الأوسكار لأحسن فيلم؟ أم تراه الذى يحقِّق أعلى الإيرادات ويحرز أوسكار أحسن فيلم معًا؟ كى أجيب عن السؤال بدقة، اضطررت أن أضع قائمة أنجح الأفلام الأمريكية تجاريًا وفق كل سنة، فى يد، وقائمة الأفلام الفائزة بجائزة الأوسكار منذ بدء توزيعها على أفلام سنة 1927 حتى سنة 2013، فى اليد الأخرى.
فى 86 سنة، كان هناك – بالطبع – 86 فيلمًا تفوقت تجاريًا على ما عداها من أفلام، ونال كل منها لقب “الفيلم الأعلى إيرادًا فى سنته”. من هذه الأفلام الـ86 استطاع 23 فقط إحراز جائزة الأوسكار كأحسن فيلم، وهى: Wings أو أجنحة (1927)، The Broadway Melody أو لحن برودواى (1929)، All Quiet on the Western Front أو كل شىء هادئ على الجبهة الغربية (1930)، Mutiny on the Bounty أو تمرد على السفينة باونتى (1935)، You Can’t Take It With You أو لا تستطيع ان تأخذها معك (1938)، Gone with the Wind أو ذهب مع الريح (1939)، Mrs. Miniver أو مسز مينيفر (1942)، Going My Way أو الذهاب فى طريقى (1944)، The Best Years of Our Lives أو أفضل سنوات حياتنا (1946)، The Greatest Show on Earth أو أعظم استعراض فى العالم (1952)، The Bridge on the River Kwai أو جسر على نهر كواى (1957)، Ben-Hur أو بن هور (1959)، West Side Story أو قصة الحى الغربى (1961)، Lawrence of Arabia أو لورانس العرب (1962)، The Sound of Music أو صوت الموسيقى (1965)، The Godfather أو الأب الروحى (1972)، The Sting أو اللدغة (1973)، Rocky أو روكى (1976)، Kramer vs. Kramer أو كرامر ضد كرامر (1979)، Rain Man أو رجل المطر (1988)، Titanic أو تيتانيك (1997)، The Lord of the Rings: The Return of the King أو سيد الخواتم: عودة الملك (2003)، Toy Story 3 أو قصة لعبة 3 (2010) “كأحسن فيلم كارتون طويل”.
حسنًا، هل نيل هذه الأفلام نجاحًا ماديًا، وفنيًا، وصل لأقصى الحدود، وتحقيقها رضا الجمهور والنقاد معًا، يعنى أنها الأفضل؟ دعنا نشاهد الوجه الآخر للعملة. فى هذه المقارنة التى عقدتها بين قائمة الـ86 فيلمًا الأنجح تجاريًا، والـ86 الأنجح فنيًا (من وجهة نظر الأوسكار)، وجدت 7 أفلام حقّقت ماديًا ما لم يحقّقه أى من الأفلام الأخرى فى سنوات عرضها، لكنها لم تنل، أو حتى تُرشَِّح، لأى جائزة من جوائز الأوسكار، وهى: The Singing Fool أو الأحمق المغنى (1928)، Frankenstein أو فرانكنشتاين (1931)، King Kong أو كينج كونج (1933)، Mom and Dad أو أبى وأمى (1945)، Lady and the Tramp أو السيدة والمتشرد (1955)، Die Hard with a Vengeance أو موت صعب مع انتقام (1995)، Mission: Impossible II أو مهمة مستحيلة 2 (2000). إذًا، هل هذا يعنى أن هذه الأفلام فاشلة فنيًا؟! على العكس، فرانكنشتاين (1931) يُنظر إليه كواحد من أعظم أفلام الرعب على الإطلاق، وكينج كونج (1933) عمل رائد فى مجال الخدع السينمائية، والسيدة والمتشرد (1955) من أهم كلاسيكيات ديزنى الكارتونية. وعليه فإن هذه الأعمال، وإن خسرت أى اقتراب من الأوسكار، تظل قديرة فنيًا، فهل للأفضل هنا، بالتقدير الفنى المألوف عبر الجائزة الأشهر، أى قيمة؟!
دعنا نتوغل أكثر فى الوجه الآخر للعملة. هل الأفلام سالفة الذكر، التى تربّعت على عرش صندوق التذاكر، واقتنصت جوائز الأوسكار، هى أعمال قوية فعلًا؟! فيلم أعظم استعراض فى العالم (1952)، صاحب أعلى إيرادات لسنة 1952، والفائز بأوسكار أحسن فيلم وأحسن قصة، وصفه الناقد إيريك لاندجارد فى مقالته (إخفاق الأوسكار) بـ”العمل الغبى المتوِّرم”، وأكد الناقد چون ويلسون فى كتابه (الدليل الرسمى للأفلام الرديئة) أن “منحه الأوسكار كان خطأ شائنًا”. فيلم Cleopatra أو كليوبترا (1963)، أنجح أفلام سنته، الذى نال 4 جوائز أوسكار، ورُشح لـ5 أخرى، وُجِّهت إليه انتقادات لا حصر لها؛ ترى السيناريو منتفخًا، والإنتاج مبالَغًا فيه، والإيقاع غليظًا، والأداء التمثيلى متكلِّفًا، بل إن مخرجه جوزيف أل. مانكوفيتش سعى لإزالة اسمه من عليه، وبطلته إليزبيث تيلور تقيأت عند مشاهدتها له! فيلم Mary Poppins أو ميرى بوبينز (1964)، الذى رُشِّح لأحسن سيناريو، أراه عملًا متسيّب السيناريو، ناهيك عن هجوم ضارٍ شُن عليه فى وقته باعتباره فيلم يعادى عمل المرأة، ويدعوها للمكوث فى المنزل. أصوات عديدة نادت بأن فيلم Love Story أو قصة حب (1970) الفائز بأحسن موسيقى، والمُرشَّح لـ6 جوائز أخرى، عمل ضعيف فنيًا، وبفضل نجاحه التجارى، وموسيقاه الرومانسية، نال مكانة رفيعة هو أقل منها بكثير. فكرة أن النجاح التجارى الساحق، والشعبية الجماهيرية الكبرى، التى يصل إليها فيلم تؤثر طرديًا على عدد جوائز الأوسكار التى ينالها، بغض النظر عن قدر استحقاقه لها من عدمه—تردّدت مرارًا مع أفلام مثل: روكى (1976)، وStar Wars أو حرب النجوم (1977)، وتيتانيك (1997)، وThe Dark Knight أو الفارس الأسود (2008).
إن المقياس بأكمله ينهار إذا ما طالعت أفلامًا عظيمة فنيًا لكنها لم تكن الأنجح تجاريًا، أو أوسكاريًا، بل ربما لم تحقِّق نجاحًا ماليًا، أو نقديًا، يُذكر فى وقتها. المثال الأشهر على ذلك هو فيلم Citizen Kane أو المواطن كين (1941) الذى فشل تجاريًا فى وقته، ولم ينل إلا أوسكار السيناريو، ومع ذلك لا يُعتبر من وجهة نظر كثيرين أفضل فيلم أنتج فى سنته وحسب، وإنما أفضل فيلم أنتج فى تاريخ السينما قاطبة، ولا يزال – بعد 73 سنة من إنتاجه – يعتلى قوائم أعظم الأفلام؛ سواء تلك التى تحرِّرها مؤسسات تعليمية كمعهد السينما الأمريكى AFI، أو مجلات سينمائية عالمية كـEmpire و Screen، أو حتى عشاق السينما على مدوناتهم فى شبكة الإنترنت.
الحق أن الأمثلة لا تنتهى لتلك الأفلام التى لا هى Top Grossing Film أو أنجح أفلام السنة، ولا Best Film أو فائزة بأوسكار أحسن فيلم، وفى الوقت ذاته قد تحمل قيمًا فنية أو فكرية تجعلها أكثر أهمية وخلودًا من عدد كبير من الأفلام التى تندرج تحت هذين العنوانين. مثلًا، سنة (1952) عُرض فيلما High Noon أو منتصف الظهيرة، وSingin’ in the Rain أو الغناء تحت المطر، ورغم تحوّل كليهما لاحقًا إلى أيقونة فى سينما الغرب الأمريكى، والسينما الاستعراضية، على الترتيب، فإنهما انهزما وقتها أمام فيلم درامى لم يترك أثرًا فى نوعيته، وهو فيلم أعظم استعراض فى العالم، الذى اكتسح العالم فائزًا بصندوق التذاكر، وأعلى جوائز الأوسكار. صحيح أن Jurassic Park أو حديقة الديناصورات (1993) حصد حوالى المليار دولار، وفاز بـ3 جوائز أوسكار، إلا أن مشاهدته تذبل أمام عمل أُنتج فى سنته، وهو Groundhog Day أو يوم الجراوند هوج (1993)، والذى مع تفوقه على مستوى التأليف والفكر؛ لم يحصد ربع نجاح الديناصورات المالى، أو ينل تهليلًا نقديًا مثله. يعلو فيلم Fight Club أو نادى القتال (1999) على مستوى السيناريو والمضمون والأداء والإخراج، مقارنة بأنجح أفلام سنته Star Wars Episode I: The Phantom Menace أو حرب النجوم 1: تهديد الشبح (1999) والذى يعد عملًا مزدحمًا بصريًا، شديد الثرثرة، يفتقد الروح والمتعة. وقت النجاح الضخم لفيلم المغامرات الفانتازية The Lord of the Rings: The Two Towers أو سيد الخواتم: البرجان (2002)، وفوزه بجائزتى أوسكار، غير ترشّحه لـ4 أخرى، ظهر فيلم Simone أو سيمون (2002)، والذى رغم كونه واحدًا من أروع الكوميديات الهجائية، فإنه لم يظفر بإيرادات مذهلة، أو يُرشَّح لجائزة أوسكار واحدة، أو يدر به أحد من الأساس. يظل فيلم Mission: Impossible III أو مهمة مستحيلة 3 (2006) رغم عدم نيله أعلى الإيرادات، أو دخوله مسابقة الأوسكار، أكثر قوة من Pirates of the Caribbean: Dead Man’s Chest أو قراصنة الكاريبى: صندوق رجل ميت (2006) أنجح أفلام السنة، الذى فاز بجائزة أوسكار، ورُشِّح لـ3 أخرى.
إنك لو راجعت الأفلام التى ضربت الأرقام القياسية فى إيراداتها عبر العقود الأخيرة، سيبدو جليًا أمامك أنها لا تخرج عن كونها أفلامًا تجارية محضة، تتصدّرها التقنية بشكل يكاد يطوى وراءه الدراما، فى غرض ترفيهى مباشر، بلا شبهة فكر أو عمق أو جدية. القائمة تشمل أفلام مغامرات، وأكشن، وخيال علمى، وفانتازيا مثل: حرب النجوم (1977)، The Empire Strikes Back أو الإمبراطورية ترد الضربة (1980)، Raiders of the Lost Ark أو غزاة التابوت المفقود (1981)، Return of the Jedi أو عودة الجيداى (1983)، Indiana Jones and the Temple of Doom أو إنديانا چونز والمعبد الملعون (1984)، Indiana Jones and the Last Crusade أو إنديانا چونز والحملة الصليبية الأخيرة (1989)، Terminator 2: Judgment Day أو المدمر 2: يوم القيامة (1991). أنا لست ضد هذه الأنواع، أو ضد الفيلم التجارى الممتع، لكن لو كان “الأفضل” هو الأكثر ربحًا؛ فهل أفضل فيلم لابد أن يكون مغامرات مسلية فقط؟! وكأنك بهذا الشكل تقول بأن أفضل اللوحات لابد أن تكون كاريكاتورية فقط! ثم من قال إن كل هذه الأفلام أعمال بديعة؟ إن فيلم Armageddon أو نهاية العالم الذى تصدّر قائمة الأنجح سنة (1998)، تصدّر فى السنة نفسها ترشيحات جائزة الرازى، وهى جائزة أمريكية تمثِّل عكس جائزة الأوسكار، تُوهَب للأفلام الأسوأ، نائلًا الترشّح لـ8 جوائز؛ منها أسوأ فيلم، ومخرج، وسيناريو، وممثل، وممثلة مساعدة. كما أن فيلم Pirates of the Caribbean: At World’s End أو قراصنة الكاريبى: نهاية العالم (2007)، والذى قفز فوق كل أفلام سنته، محققًا 963 مليون دولار (ما يساوى 7 مليارات جنيه مصرى)، هو فيلم بلا أى فكر، أو أى تسلية أيضًا!
إذًا ما الدرس يا سادة يا كرام؟! الدرس أن الأنجح ليس هو الأفضل دائمًا. الأنجح – فى أغلب الأحوال – قد يملك ما يلبى متطلبات الجمهور فى مكان وزمان معينين، أكثر مما يملك العبقرية الفنية أو التفرد الفكرى. انظر جيدًا لأى مجتمع، وستجد روابط بديهية بين حالته السياسية والاقتصادية والاجتماعية فى فترة ما، وبين الأفلام “الأنجح تجاريًا” فى الفترة نفسها. أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية أرادت نسيان مآسى الدمار والاستغراق فى الترفيه، لذا نجح فيلم مبهر الألوان يدور فى أجواء السيرك مثل أعظم استعراض فى العالم (1952)، وفى نهاية الستينيات، تاقت لسينما مختلفة، ثائرة، تتماشى مع مناخ ثورة الشباب وصيحات التمرد على الماضى، لذا نجح فيلم يعصى المألوف ويحطِّم ما هو تقليدى مثل 2001: A Space Odyssey أو 2001: أوديسا الفضاء (1968)، وفى بداية الثمانينيات، ملّت من البطل الوجودى، المفكر، الذى لا يفعل، الذى ميّز أفلام السبعينيات، لذا نجح فيلم بطله مغامر، عنيف، منتصر مثل غزاة التابوت المفقود (1981)، وبعد حادث 11 سبتمبر 2001، بدت وكأنها فقدت ثقتها بنماذج أبطالها القدامى، الرجال مفتولى العضلات الذين يمسكون مدافع رشاشة، فى أفلام مثل رامبو وكوماندو بالثمانينيات والتسعينيات، فوجدت ضالتها المنشودة فى أبطال جدد؛ مراهقين صغار يمسكون عصيًا سحرية، لتنجح أفلام مثل Harry Potter and the Goblet of Fire أو هارى بوتر وكأس النار (2005)، وHarry Potter and the Deathly Hallows – Part 2 أو هارى بوتر: مقدسات الموت 2 (2011).
أما جوائز الأوسكار، فلحجم الدعاية المحيطة بها، والاحتفال الثرى الذى يصاحبها، تعملقت على نحو أجوف، واكتسبت أهمية زائفة، وصارت فى نظر رجل الشارع “الجائزة الأهم”، أو “التقدير الأعظم”! بينما هى فى الواقع جائزة مثل أى جائزة أخرى تحكمها ذوات وأذواق محكِّميها، وهو ما يجعلها بعيدة عن الموضوعية فى مناسبات عديدة، حتى صار ملمحًا ثابتًا أن تظهر قوائم مُعارِضة لها، أو ساخرة منها؛ مثل قائمة مجلة Empire البريطانية سنة 2005 لـ”أسوأ 10 أفلام نالت أوسكار أحسن فيلم”، أو قائمة الموقع الإلكترونى لمجلة Esquire الأمريكية سنة 2014 لـ”أفضل 15 فيلمًا لم تفز بالأوسكار”. ماذا تقول لو عرفت أن هناك توجهات أخرى خفيّة تتحكم فى اختياراتها أيضًا؟! أليس أمرًا مريبًا ألا يفوز بأوسكار التمثيل خلال 63 سنة، من 1927 إلى 1990، سوى ممثلتين سوداوى البشرة فقط؟ (هاتى ماكدانيال عن فيلم ذهب مع الريح 1939، وووبى جولدبرج عن فيلم Ghost أو شبح 1990). ألا تستغرب عندما يستغرق الأوسكار أكثر من 80 سنة حتى ينتبه إلى سينما الدول العربية والإسلامية، ويرى فيها أعمالًا قابلة للترشّح؛ مثل الفيلم التسجيلى المصرى الميدان (2013)، أو الفوز؛ مثل الفيلم الإيرانى انفصال (2011)؟ هل هى صدفة أن أفلام Milk أو ميلك (2008)، وBeginners أو مبتدئون (2010)، و Dallas Buyers Clubأو نادى شراة دالاس (2013)، وThe Imitation Game أو لعبة التقليد (2014) تستحوذ على جوائز الأوسكار للتأليف والأداء بينما هى – جميعًا – سير ذاتية لشخصيات شاذة جنسيًا، تتبارى فى تمجيدها، وتدافع عن شذوذها؟!* ألا يلفت نظرك استعراض فيلم Argo أو أرجو (2012) لبطولة المخابرات الأمريكية فى إنقاذ رهائن أمريكان من إيران وقت حكم الخمينى، عبر قالب دعائى يخلو من عناصر فذة، وبين فوز هذا الفيلم بأوسكار أفضل فيلم، بل قيام زوجة الرئيس الأمريكى – وقتها – باراك أوباما بتسليم الجائزة إلى صنّاعه! قالت كاتبة السيناريو الأمريكية فرانسيس ماريون، الفائزة بالأوسكار مرتين، إن تمثال الأوسكار ذو جسد ممشوق، ورأس منطقة العقل فيه مبتورة؛ متهكمة أنها جائزة بلا فكر. حسنًا، إن كانت هكذا أحيانًا، فهى ذات فكر خبيث جدًا فى أحيان أخرى!
فى النهاية، لا يتبقى إلا رسالة واحدة، أوجّهها إلى صديقى “إياه”، وإليك عزيزى القارئ / المشاهد: لا تنفق كل جهدك فى الجرى وراء الأفلام الأنجح تجاريًا، أو الأغنى أوسكاريًا. إنها تعكس حقيقة كون أشخاص ما اختاروها فى زمان ما، ومكان ما، كالأنجح والأفضل، وهذا لا يعنى – بالضرورة – أن ينطبق عليك اختيارهم. هل تحقيق فيلم تيتانيك (1997) لما يتعدى 2 مليار دولار، وترشّحه لـ14 جائزة أوسكار، فاز منها بـ11 جائزة، يُلزمنى أن أراه فيلمًا عظيمًا وتحفة بلا نظير؟! لا أظن. أنا مازلت أراه فيلمًا لطيفًا ليس إلا. لذلك، احذر الانشغال التام، أو الاقتناع الأعمى، بهذه الأفلام. لأن المقياس الحقيقى للأنجح والأفضل.. هو أنت، وليس أى إنسان أو شىء آخر.
…………..
نُشرت، بعد تغيير عنوانها، فى مجلة الثقافة الجديدة / العدد 285 / يونيو 2014.
*ظهرت هذه الأفلام على نحو متتالٍ، وتم تمجيدها فنيًا، قبيل تشريع زواج الشواذ فى الولايات المتحدة سنة 2016.