نشأت ستريسِك في مدينة كيب آن في ولاية ماساتشوستس. تخرجت من جامعة هارتفورد عام 1980. حضرت العديد من الدورات في مجال الكتابة الإبداعية والتربية والتعليم. صدر لها ديوان أغنية ألف صرصار عام 2010. وكانت مقتطفات من هذا الديوان قد فازت بجائزة الاكتشاف في مجال الشعر في عام 2006. ولها ديوان شعر مخطوط بعنوان خام الحرير، بالإضافة إلى ديوان تحت الطبع بعنوان قصائد العشيقة.
تقيم ستريسِك في بلدة تاوس بولاية نيو مكسيكو حيث تعمل في تدريس الكتابة الإبداعية ومعالجة اضطرابات القراءة. كما تشارك في إصدار مجلة تاوس للشعر والفن العالمي.
…………….
نصوص للشاعرة الأميركية كاثرين ستريسِك
إعداد وترجمة: نزار سرطاوي
— المرأة الواقفة عند قبر بول بوت*
هي ليست عاشقة أبدًا لكنها مشغولة
بانتزاع القطع الأخيرة من عظامه
بكل خشوع من موقع حرق جثث الموتى.
خيطُ حدادٍ أحمر يلتف حول معصمها،
يعانق يدها دون سائر القطع الملساء.
الأرض موحلة، لذا ما من أحد يمكنه أن يعرف
ما الذي كانت تحتضنه، أهو عظمة إصبع،
أم ركابيات أذن، أم فقرات صدرية –
هو ذا عملها في الأرض، تحفر وتُكدّس
ما خلّفَهُ الآخرون من قبلِها
وراءهم، وأحيانا، في ساعة الغسق،
تجمع روث البقر الجاف. معظم الناس في الموقع يتلفّظون
باسمه بينما هي تبيع البنزين
والنباتات العشبية من منزلها ─ لعلها تثير
الضحك ─ صلة القربى تلك التي تنشأ
بين العالَم الذي تقطنه روحه وبين الثعبان
الذي ينزلق خارجًا من رماده.
…………………………
— سجن تول سلينغ**
أرجوكم قولوا إن كل جمجمة لها صوت
وعندها شهية. حين أضغط
بأذني إلى أفواههم، تتساقط
قشور السلطعون والأرز المجفف.
ثم تعلو روائحهم إليّ:
عشب الليمون والكزبرة،
وأوراق النعناع. الآن أمسى مصدر أقواتهم
خاويًا. سكر النخيل
والأملاح التي كانوا يوماً يُحسَدون عليها
أمست مضطربة. أرجوكم قولوا
إن كل جمجمة لها صوت. ما الذي يمكنني أن أفعله
معك يا صوتي وألسنتهم تتعرّى.
…………………………..
— في صالون الأظافر في قرية سييم ريب
ليس لقدميَّ تاريخ هنا.
لم يتعرض باطن قدميّ للضرب، ولا خُلِعت
أظافري، لكنني أظل بصحبة الفتيات
اللواتي يجلسن القرفصاء هنا على التراب الدافئ.
.
المرأة التي في الصالون الذي لا يحتوي إلا على كرسي واحد
تفقد شعرها تدريجياً: حتى شعر الوجه الناعم
تجري حلاقته بشفرة غير معقمة.
ليس لي تأثير في حلمها.
ليس بيني وبين الخمير أي شبه.
قدماي أمريكيتان، جمالهما
ببياضه الناصع ملطّخ ببقع البول
بسبب عشوائيتي.
لا أستطيع أن أفرك بشدة.
المرأة تظهر إعجابها بوجهها الحليق
في المرآة التي تحملها بيدها، وتبتسم
لأن أظافر قدميها المليئتين بالرضوض
مصقولتان باللون العنابي.
………………………
— مهرجان التيار المعاكس
في اللحظة التي يعكس النهر فيها نفسه
في فم البحيرة الكبرى
فإن الرهبان البوذيين هم الذين يقفلون راجعين
من رحلة البحث عن أرواحهم.
رهبان يتجولون بثيابهم البرتقالية،
ودماء الخصوبة،
وقد اعتراهم الشحوب،
كل شيء يتحرك،
ينحني لبوذا خارج قماش الستائر.
النهر يتدفق
حاملاً الماضي والحاضر
والمستقبل، وهو يتلوى عبر القرى
الكمبودية، سريعاً ومألوفاً،
شفتاه تمتلآن استسلاماً،
ثقته تدير
رؤوسَهم. أرواح السحاب والماء السماوية
وطيور اللقلق الضائعة بين أوراق الشجر،
شيخة القرية تجلس عالياً
في مدخل منزلها القائم على أعمدة
لتتلقى من الدفق
كل ما هو معروف، أكبر
من شحوبها.
المياه القديمة الهائلة، بجبروتها
وصورتها الخريفية التي تشبه الآلهة تجتاح
مصبّات قلوبهم
المنتظرة
لتُنظف أولاً، ثم لتجني الحصاد.
من ذا الذي يأبى أن يسير هذا
المسير، هذه اللفتة المطواعة
بقدمين عاريتين، هذا الرقص الذي
الواضح للعيان في ساعة متأخرة من كل ليلة.
————————————
Cathy Strisik In Combodia
– The Woman At Pol Pot’s Grave
She’s not in love at all but busy,
plucking his last bone bits
from the cremation site, with reverence,
red mourning string tied around her wrist,
hand caress of all smooth pieces.
It’s muddy, so no one can tell
what she’s cradling, a phalange,
stapes, or thoracic vertebrae─
her earthwork, hoarding
what the others before her have left
behind, and sometimes, at dusk,
dry cow dung. At the site most mutter
his name while she sells gasoline and
herbaceous plants from her house─funny
almost─the kinship created
between his spirit world and the snake
that slithers out from his ashes.
……………………….
– Tuol Sleng Prison
Please say each skull has a voice
and an appetite. When I press
my ear to their jaws, crab
shells and dried rice drop out.
Then their smells rise to me:
lemon grass, coriander,
mint leaves. Now empty
their sustenance. Disquieted
their once envied salts
and palm sugar. Please say
each skull has a voice. What can I do
with you, my sound, their tongues’ undressing.
…………………………………………
– In The Nail Salon, Siem Reap
My feet have no history here.
Not once have my soles been beaten, toenails
pulled, yet I keep company with the girls
who squat here on the warm dirt.
The woman in the one salon chair goes
gradually hairless: even fine facial hair
is shaved with the unsanitary blade.
I have no say in her dream.
I am without resemblance to the Khmer.
My feet are American, their so-white
prettiness urine-stained
by my own aimlessness.
I cannot scrub hard enough.
The woman admires her shaved face
in the hand-held mirror, beams
as the toenails on her bruised feet
are polished burgundy.
……………………………..
– Festival Of The Reversing Current
The moment the river reverses itself
into the mouth of the Tonle Sap Lake
it is the bonzes that return
from the search for their souls.
Monks drifting in their persimmon robes,
and the blood of fertility,
somewhat pale,
everything in motion−
bend to Buddha outside the curtained cloth.
The river flows.
It carries the past, present,
and future, curving through Cambodian
villages, fast and familiar,
its lips full with surrender,
its confidence turning
their heads. Heavenly apsaras
and the storks lost in the foliage,
the village elder sitting high
in the doorway of her stilted house
receiving from the flow
all that is recognizable, greater
than her pallor.
The old vast water, forceful and
god-like in its autumnal appearance sweeps
into the waiting estuaries
of their hearts
first to clean, then to harvest.
Who would not walk this
walk, this dutiful gesture
on naked feet, the unmistakable
dancing late into each night.
———————————–
هوامش
*كان بول بوت زعيمًا للحركة الشيوعية المعروفة باسم الخمير الحمر، الذين أرغموا ما يقرب من 26٪ من سكان كمبوديا على العمل سخرةً في الأعوام 1975 – 1979، وقد عرضوهم لسوء التغذية والإعدام حين فرض بول بوت نطامًا زراعيًا جماعيًا.
**سجن “تول سلينغ” هو ما يعرف الآن باسم متحف تول سلينغ للإبادة الجماعية، في بنوم بنه عاصمة كمبوديا. كان الموقع مدرسة ثانوية استخدمها الخمير الحمر سجناً زجوا فيه ما بين 14 ألفاً و 20 ألف إنسان تعرضوا للتعذيب المتواصل والقتل.