عنه.. عنها.. عنهما

موقع الكتابة الثقافي
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

عماد عبد المحسن

عندما كنت جناحا أيسر لطائر

يحمل حقائب سفره 

كنت أفكر دائما في شقيقي الأيمن

إذ يقف جسم طائرنا حاجزا بيننا

 

كنت أقدم أحيانا على الانتحار

لألقى أخي في الجنة

 

أشعر به

إذا ارتفعت

ارتفع

وينخفض

إن أنا فعلت

 

نحن متماثلان في الفعل

لكنني لا أعرف شكله

ما لون ريشه

هل أصابه الشيب مثلي

هل فقد ريشة قريبة لقلبه

مثلما حدث لي

 وابيضت عيناه من الحزن

 

مزعج ألا ترى شبيهك

ومؤلم أن تتبادلا الحديث عبر حاجز عظمي

………..

عندما كنت روميو

استغلني شكسبير في قصصه العاطفية

وحاول – دون جدوى – أن يغمس قصتي في حبره

كنت أحب أخرى 

امرأة بسيطة تعمل في مصنع للأحذية

لم يجدها لائقة بأرستقراطيته

فحرمني منها 

واستبدلها بأميرة تصلح للقصص الشهيرة

 

ظالم أنت يا شكسبير

الفقراء وحدهم من يحبون

الفقراء هم العشاق النبلاء

أما التي تمرح في روايتك

فتجلس الآن في حانة

ترقص للمخمورين

ولا تهتم بحبكة قصتها الخالدة

 

أما أنا فسأصنع قصتي من جديد

وسأرتدي حذاءً من صنع حبيبتي

…………

نحن اسفنجتان

تمسح إحدانا بقايا كراسي المقاهي

وألسنة جالسيها

وتعكف الأخرى على زجاج حانات العواصم

تزيل وجوها عالقة

 وأصابع بعضها كان يهتف. 

بعضها كان يتلصص.

 بعضها كان يصرخ بانفعال

 

نحن نستوعب الضجر

ونشرب الوجوه

 

وعندما يذهب الضجيج

ننام في الماء

ساكنتين

راضيتين بالصقيع المبلل

 

نأكل الماء

ونلعق العيون 

نكتفي بلمسة من يد 

لنرقص 

لا نهتم بالمساحيق التي تجمل الوجوه

ملابسنا رثة

وحزننا أليف

 

نحمل في ذاكرتنا

أسرار تأوهات

وخيانات عظمى يمارسها البعض فوق الطاولات

ولا نبوح

 

نحن بئر عميق

يداعبه الثلج 

يحاول إغواءه

لكننا لا نباع بدفء

ولن يشترينا الجفاف

………………….

أقترح للخباز صورة 

بملابس بيضاء. من صنع ملائكة القمح. 

وقدرة على الفوز في مسابقة استنشاق الهواء الساخن. 

الخباز الذي يرتدي ملابسه الداخلية دون حاجة النساء لتصنع غض البصر. 

 

أقترح أيضا ما لا يبوح به خبزه 

هالة سوداء حول وسادته

ودموع تتسرب منها خلسة

ونيران تضطرم أسفل سريره الحديدي 

………………..

وهل من منطق الطير

أن يصطفي ميادين دون غيرها

هل من منطقه

أن يستأثر بالشجر – دون الزهور مثلا –  

كم هو أناني

منحاز لعرقه

يتحدث لغة لا تفهمها الكائنات

ولا تحتويها قواميسها

كم هو متكلف

يبدي ألفة

غير حقيقية

إنه الفار

الهارب دوما

لا تقبض عليه

إلا عندما يصيبه العجز

 

الطير منطقه السيادة

والإمارة

يسكن الفضاء

لينظر للسماء بكبرياء

 

الطير

منطق الغريب

المسافر

حقائبه فوق جناحيه

وكفنه حفنة من تراب

ملت أجنحة الطير الأسفار

وعرفته محطات قطار نائية

وسئمته حبوب القمح

فكيف تراه يحن إلى وطن

وكيف يفكر في معشوق

مرَّ بعشه مصادفة 

ولماذا يرغب في الهجرة طول الوقت

أليس الأجدر أن يحتل مكانا 

يعلنه الموطن 

يشقى من أجله

ويثور على حاكمه إن ضل

ويفديه آذا غار البعض عليه

 

عجيب هذا الكائن

ولد ليرحل

ليس له جذع في الأرض

ولم يسعى ليقيم جدارا

فلماذا تستقبله الأرض إذا جاع وعطش

أليس حريا بفضاء يمرح فيه

بأن يكفيه

ـــــــــــــــــــــــــ

من ديوان تحت الطبع بعنوان “عنه.. عنها.. عنهما”

خاص الكتابة

 

 

مقالات من نفس القسم

علي مجيد البديري
يتبعهم الغاوون
موقع الكتابة

الآثم