يعد عماد فؤاد واحداً من الأصوات الشعرية المهمة في مصر، وقد أصدر عدداً من الدواوين التي لاقت حفاوة منها “تقاعد زير نساء عجوز، و”أشباح جرحتها الإضاءة”، بالإضافة إلى إعداده الأنطولوجيا الأولى لقصيدة النثر في مصر بعنوان “رُعاةُ ظلالٍ.. حارسو عُزلاتٍ أيضاً”. سافر عماد إلى بلجيكا منذ سنوات، واستقر بها، وبدا كما لو أنه فرض على نفسه عزلة إجبارية، كما لم يصدر له شيء منذ ديوانه الأخير “عشر طرق للتنكيل بجثة”، الصادر في 2010، فلماذا حدث هذا وما مشروعاته الجديدة؟ هنا حوار مع عماد فؤاد.
مسيرتك الشعرية تعطلت بعد خمسة دواوين.. فلماذا؟
ليست لديّ مسيرة شعرية، دعنا نسميها تجارب، أو مشوار مع الشّعر بدأ منذ مطلع التسعينيات، ذلك لأنني أتعامل بحذر شديد مع كلمة (الشّعر)، حذر وخوف حقيقيان يصلان إلى درجة القداسة، وهو ما يجعلني لا أكتب إلا عندما يكون لديّ ما أكتبه، عودت نفسي على ألا أكتب لأثبت أي شيء، لا لنفسي ولا للآخرين، فالشعر بالنسبة لي فرصة أخيرة لمقاومة كل هذا الخراب الذي يحيط بي / بنا من كل جانب، أصدرت حتى الآن خمسة مجموعات شعرية، كان آخرها “عشر طرق للتّنكيل بجثّة”، والذي صدر عن دار الآداب اللبنانية سنة 2010، وهذا يعني أنني متوقف عن إصدار الشعر منذ ما يقرب من السنوات الأربع، وهو الأمر الذي لا يشكل لي أي ضغط من أي نوع، ثمة كتابة من حين إلى آخر، وحين تكتمل ستخرج بين دفتي كتاب.
منذ فترة طويلة وأنت تبدو غائباً.. فلماذا هذه العزلة الإرادية التي فرضتها على نفسك؟
-العزلة كانت ضرورية في ظل المتغيرات الكثيرة التي ألمت بمصر والعالم العربي في السنوات القليلة الماضية، كذلك على المستوى الشخصي كنت في حاجة إلى هذه العزلة لأعيد النظر في كثير من الأمور، ومنها الكتابة ذاتها.
سافرت إلى بلجيكا منذ سنوات تبدو بعيدة الآن.. فما الذي استفدته من وجودك في قلب الثقافة الأوربية؟
-المكاسب والخسارات على حد سواء في الحقيقة، ربما يشعر المرء في لحظات معينة بالندم لأنه خرج من بلاده، وربما يشعر في أحيان أخرى أنه ليس نادماً على شيء، لكن من المؤكد أن ثمة استفادات كما أن من المؤكد ثمة خسارات، ربما أكثر ما أرى أنني استفدته من وجودي في بلجيكا هو العزلة التي فرضت عليّ بحكم الهجرة، وهي العزلة التي جعلتني أعيد النظر في كثير من القناعات التي خرجت بها من مصر.
ما الجيل الذي تحسب عليه نفسك في مصر؟ ولماذا لا تبدو مهتماً بالتواصل مع الوسط الثقافي هنا؟ وهل تطلع على ما يصدر سواء من دواوين أو روايات؟
-لم أعد أثق كثيراً في مفهوم المجايلة الذي يصنف الشعراء أو الكتاب والفنانين بحسب ظهورهم على الساحة الثقافية أو بحسب سنوات ميلادهم، يصبح الأمر كأنك تتعامل مع عدد من التلاميذ عليك إدخالهم جميعاً في فصل دراسي واحد، مجبرين على ارتداء زي مدرسي مغاير عن غيرهم من التلاميذ، وعلى هذا الأساس يبدأ الآخرون في تحديد المميزات والفروقات التي تميزهم عن سواهم، وهذا شيء يتعارض مع مفهوم الإبداع المتحرر من كل قيد أو شرط، لا أعتبر أنني أنتمي لجيل بعينه، بقدر ما أعتبر نفسي واحداً من الذين يحاولون كتابة ما يرونه شعراً، فيصيب مرة، ويخطئ مرات. أما عن التواصل مع الوسط الثقافي في مصر فشرحه يطول، أتواصل مع قلة من الأصدقاء المقربين مني، لكنني ربما لا أتواصل مع منابر النشر أو الصحف، لأنني بالفعل لا أجيد التواصل مع هذا الجانب المعقد، حيث يتطلب مني امتلاك مواهب لا أمتلكها للأسف!
أطلع على كثير مما ينشر على المواقع الإلكترونية المصرية والعربية، لكن مسألة امتلاك الكتاب شيء أصبح صعباً، خاصة في ظل ابتعادي عن القاهرة، لكنني برغم هذا أحرص على الاطلاع على الجديد دوماً خلال زياراتي المستمرة للقاهرة.
كتبت منذ فترة جملة لأسامة الدناصوري على صفحتك بفيس بوك “بائس هو الشاعر الذي لم يجرب النثر أبداً” فهل هذا يشير إلى مشروع مختلف تنوي خوضه؟
-أعدت التذكير بمقولة أسامة الدناصوري لإيماني الشديد بها من جانب، ومن جانب آخر لأنني بالفعل قاربت على الانتهاء من مشروع جديد ذي شكل وبناء مغاير لما كتبته من قبل، أرجو لو أستطيع إنهاءه قريباً.
وهل هناك نية منك للعودة النهائية إلى مصر مستقبلاً؟
-لو كنت سألتني هذا السؤال قبل ثلاث أو أربع سنوات كنت أجبت بنعم، وقتها كانت لديَّ النية للعودة في يوم ما إلى مصر، أما الآن، لا أعرف، ربما حين تعود إلينا مصر نعود نحن إليها!
عماد فؤاد
• شاعر مصري من مواليد 22 أكتوبر 1974.
• تُرجمت قصائده إلى عدد من اللغات، منها: الإنجليزيّة والفرنسيّة والهولنديّة والأسبانيّة والألمانية والفارسيّة واللاتفيّة والروسيّة والرومانيّة.
شارك في العديد من المهرجانات الشعرية العالمية في كل من: هولندا، لاتفيا، البحرين، بلجيكا، الجزائر، نيكاراغوا، رومانيا، ألمانيا.
المجموعات الشعرية:
• “عشر طرق للتَّنكيل بجثَّة”، دار الآداب، بيروت، 2010.
• “حــرير”، دار “النَّهضة العربية”، بيروت، 2007.
• “بكدمةٍ زرقاء من عضَّة النَّدم”، دار “شرقيات”، القاهرة، 2005.
• “تقاعد زير نساء عجوز”، دار “شرقيات”، القاهرة، 2002.
• “أشباح جرَّحتها الإضاءة”، “ديوان الكتابة الأخرى”، القاهرة، 1998.
أنطولوجيا:
• قام بإعداد وتقديم أول مختارات لقصيدة النَّثر المصرية تحت عنوان: “رُعاة ظلال.. حارسو عزلات أيضاً”، “جمعية البيت للثقافة والفنون”، الجزائر، طبعة أولى2007.