هُنالِكَ مَنْ يَترقَبُ
عشْرَ عَصَافيرَ فَوقَ جِدَارٍ
ومَنْ يَجَمَعُ التِّينَ
مَنْ يَتَولَّى الحِرَاسَةَ في الَليلِ
مَنْ يَحْلِجُ القُطنَ
أو يَحفُرُ الِبئْرَ
لمْ ندِرِ كَيفَ تَشكَّلَتِ الأوجُهُ الخَشبِيةُ
كيف وَرِثْنَا الصِّفاتِ التي تَتماثَلُ
نَحْمِلُ بِضِعَ سنينٍ
من القَحْطِ والصَحراءِ
وإخفاءِ رَغبتِنا في الرَحِيلِ
تَعبنُا من السَنَواتِ التي في الوَرِاء
الرَمادِ الذي كَان بَعضَ رِفاقٍ لَنا
والجِرَاحِ التي ذَكَّرَتْنا النُّدُوبُ بها
أرْشَدَ أقدَامَنا الحَدْسُ
أنْ نَتسَلَّقَ بَعْضَ التِلالِ
ونَترُكَ أُخرى
أنْ نَتعلَّمَ من طَائِرٍ
كيفَ تَحملُهُ الرِيحُ
مِنْ عَقربٍ كيفَ تَخطو إليه فَريسَتُه
وأنْ نتبعَ الخُطواتِ الحَكيمةَ
المَعِدَاتُ خَلَتْ من عُصَاراتِها
وسقَطْنا من الجُوعِ
التهَمْنا قرابِينَنا
وصَنَعْنا حِليًّا من الحَصواتِ
هَدايا لزوجَاتِنا
وتَراءَتْ على أَولِ الأَرضِ
مُنحَدراتٌ
وكانت تُغَطِي الغُيومُ البَسِيطَةَ
والنَهْرُ يَسرِقُ خُطواتِه للأمامِ
هناكَ على مَحمَلِ الجَدِّ
كَانتْ مَلائِكَةٌ تَتَرقَّبُ أعينَنا
بينما تَتسَلَى القُرودُ
بمَلءِ مَسامِعِنا بالضَّجيجِ
وبَعدُ ..
وغير ملاحقةِ اليَرقاتِ
ورَصدِ صِغَارِ الضَفادِعِ
أو فَحْصِ حُنجرةِ الكَروانِ
أقمْنَا بُيوتًا من “اللَبَنِيِّ“
وأعشاشَ غَابٍ
لتحمي الطُيورَ من البَردِ
شَتلْنا قُطُوفًا من الأُرْزِ
تنمُو عَلى مَهْلِها
وتكون بديلًا لأنسجةِ الحَيوانِ
وبَعْدُ..
الغُزاةُ استراحُوا قليلًا
وولَّوا فِرارا
الخُيولُ صَنعْنَا لها مُتحفًا
والجُنودُ قَضَوْا ليلَهم
يُنشدون أَنَاشِيدَ للنَصرِ
الضَريحُ تَزَيَّنَ بالعَلَمِ الوطَنيِّ
الأمَهاتُ تَخِذْنَ مَناديلَ للدَمعِ
الظلالُ افترشْنا لها حَائِطَ البَيتِ
كيْ تتمدَّدَ خَارِجةً عن تَوابيتِ أجسَادِنا
القلوبُ التي رَفرَفَتْ في السَمَاءِ
وعَادتْ حَزانَى .. نُغَيِّرُ أوتَارَها لتدُقَّ
الأصِابعُ دَرَّبَها الوَقتُ
كانت تَخُطُّ حِكَايَاتِ مَن سَبقُونَا
وتَصنَعُ تَاريخَنا الهَشَّ فَوقَ الرِمَالْ
الحَياةُ تَسيرُ على كُلِّ حَالْ ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شاعر مصري،
والقصيدة من ديوانه الثاني (مساكين يعملون في البحر) الصادر مؤخرًا عن الهيئة العامة لقصور الثقافة