على سجّادة
خميس قلم
"سيضع أبي رأس إبهامه اليمنى في أسفل البنصر، وسيمسح بكلتي يديه على عينيه، فأهزّ رأسي بالإيجاب، سيفهم أبي من نعنعة رأسي أني فهمت إشارته: " زوجك المنتظر أعمى ". وسيفهم من صمت عينيّ: " إني موافقةٌ على الأعمى ". سأتزوجه، و سأعتني به و بولدي الذي سيأتي في تمام صحته..."
" سيتقدّم لي شابّ مهذبٌ جميل، سيرسم أمامي بسبابتيه و إبهاميه قلباً، سأقول: "لقد أرسلته السماء". سيعدني بأنّه سيهتم بي طوال عمره، سنقضي شهر العسل في " تايلاند "، سياحة وعلاجاً، سنعود و نحتفل بالحمل و الضجيج، لكنني سأخسره قبل ميلاد الصغير، حينما ستصطدم سيارته بالليل و الجبل..."
"سأغضب في بادئ الأمر: "هو في السبعين و وجهه متهدّل أمّا أنا فما زلت في مقتبل الأربعين"، ثمّ سيهديني الله لأرضى به، سأتحمل تخريفه وأنا أعيش سعادتي مع ابنتنا الحلوة، وجهها سيكون كوجهي، لكنها ستكون ثرثارة مع صديقاتها، لحسن الحظ..."
"سيذهب أبي إلى صيد السمك و أبقى وحدي، سيقتحم خمسة سكارى بيتنا، سيغتصبونني واحداً واحداً، سأكتم الفضيحة حتى تبدأ بطني بالانتفاخ، عندها سأعترف لأبي حالفةً: (أدير يدي لأضع ظفر سبابتي أسفل أنفي وباطنها باتجاهه، بينما إبهامي مكفوفة على الوسطى والبنصر، وأرفعها بسرعة إلى أعلى رأسي مشيرة إلى السماء) ... سيسكب غضبه علي، ثمّ سنرحل إلى قريةٍ ساحليّة لا يعرفنا فيها أحد، مدّعياً: " زوجها غرق في البحر " ..."
كلّ تلك الاحتمالات اندفعت إلى خاطر " مريوم الطَرْشا " وهي على سجّادةٍ، تناجي ربّها، بلغةٍ صامتة، في الثلث الأخير، من ليلة الجمعة، السابع و العشرين من رمضان: " يا ربّ أريد طفلاً، أريد طفلاً يا ربّ، بأيّ ثمن، بأيّ ثمن يا ربّ.."
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شاعر وقاص عماني، من مجموعته (كرنفال الكتابة) الصادر عن دار الانتشار العربي 2015