وهذه ذكرياتى مع صديقتى العزيزة التى شاركتها أياما كثيرة حلوة، أياما مليئة بالضحك ومواقف مليئة بالمرح وبضوء الشمس المبهج، لكنها انتقلت من المسكن فابتعدت عنى وانتهت هذه الأيام بغير رجعة، وتلك ذكرياتى فى المدرسة بالصف الثالث الثانوى، أحلى أيام عمرى البكر، لملمت فيها صديقاتى وصنعت منهن أحلى عقد احتفظت به فى خزينة بنك حتى لا يضيع منى، ولكنى لم أعلم أن الأيام تقدر عليه حتى وجدته فى يوم وقد اندثر بغير عودة، وهذه ذكريات بيتنا القديم، وهذه ذكريات رحلة أسوان بما فيها من مرح وهذه…و..و..، اكتظت يدى بالذكريات الحبيسة التى علت أصوتها تطلب الفرار، استدعى صوتها اختى فجاءت لترى ماذا هناك، وبعد أن عرفت القصة قالت فيما يشبه الهمس: اتركيها ترحل لن تكونى سعيدة وأنت تحتفظين بها رغما عنها. فقلت بهلع: أنا خائفة وهم حمايتى من الزمن. فردت قائله: لا..هم لا يحمونك.. هم الباقى من ماضيك.. عليك أن تتركيهم يرحلون، ستجدين أن السلام قد حل فى قلبك مكان الخوف، وصدقينى سوف تصنعين ذكريات أحلى والأجمل أنها ستظل معك بدون رغبة فى الفرار. تساءلت وأنا أبكى: وماذا لو لم أصنع ذكريات جديدة؟ قالت: ستصنعين فقط ثقى فى الزمن وفى نفسك وستجدين أنك مع الوقت سوف تغزلينها من خيوط الشمس، وتحتفظين بها حتى الموت.. صمت بعد أن سمعت كلامها، ثم اتخذت قرارى، اقتربت من النافذة وفتحتها، وبعد تردد أطلقت ما فى يدى فى الهواء، فتحول على الفور الى عصفور ملون اختفى فى الفضاء، وهو يغنى لحنا عذبا لم أسمعه من قبل، وفى داخلى شعرت بالسلام يحتلنى بقوة، ويملئنى بالآمل.. أغمضت عينى وابتسمت وأنا أتخيل ذكرياتى القادمة وهى تتحول معى … الى عصفور ملون.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مريم سمير أحمد
قاصة – السويس – مصر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللوحة للفنان: عصمت داوستاشى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خاص الكتابة
