عشق محرم

موقع الكتابة الثقافي
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

 

مريم سمير

كانت تنزل درج منزلها مبتسمة وسعيدة بالشمس الجميلة، ولكن ما إن خرجت الى الشارع حتى راعها ما رأت، أطفال صغار يعذبون قطا، كان القط أسود اللون له عينان خضراوان تبرق فى فزع، كادت أن تتراجع فهى تخاف القطط السود وتكرههم، ولكم تتذكر قول جدتها من أن هذه القطط فى الأساس ما هى إلا سحرة أو جن متنكرون، إلا أنها لم تستطع أن ترد نظرة الاستنجاد التى وجدتها متشكلة فى عينى القط فلامت الصغار ونهرتهم على فعلتهم، وعندما تأكدت بأن القط هرب ذهبت الى عملها وسرعان ما نسيت هذه الحادثة فى خضم يومها الممتلىء. لكن القط لم ينس، فمنذ ذلك اليوم وهى تراه يجلس قبالة باب منزلها كل يوم وهى ذاهبة الى عملها أو وهى راجعة منه، كان دائما وحده، لم تجد يوما معه قط آخر أو قطة، وكانت تشعر بأن القط يراقبها، إلا أنها استسخفت هذا الشعور، ولكن مع الوقت أصبح يسيطر عليها، خاصة حينما كانت تقف فى شرفة منزلها لتجده ينظر لها بثبات، وعينيه تبرقان فى جمال. وفى يوم لم تستطع أن تحتمل أكثر، كان الجو حارا، فوقفت فى شرفتها ولم يكن القط موجودا فى مكانه، وما هى إلا لحظات حتى وجدته بمكانه، كأنه يجىء من لا مكان أو يظهر من العدم، عندها لم تعد تحتمل، لبست خفها ونزلت مسرعه إليه، وما إن وقفت أمامه حتى صرخت فيه وهى تشير بيدها قائلة: امش من هنا ولا تعد، إياك أن تعد مرة أخرى. لم يفعل القط شيئا ولم يزمجر، بل قام فى هدوء

ومشى، وقبل أن يختفى عن نظرها لمحت عينيه تبرقان بشدة وسط وجهه.

بعد أسبوع كان بيتها يمتليء بالأنوار، فهذا يوم خطبتها، وعندما كان خطيبها يلبسها الدبلة سمعوا صرخة عالية توقف على أثرها كل شىء، الصخب، الضحك والزغاريد، بسملت أمها وحوقلت بينما قالت إحدى المعازيم: هذا صوت القط الأسود انه يقول “داوووود” كل القطط تقول ذلك. وابتسمت لتلطف الجو، فقال العريس فى جدية: يخيل لى أن ما قاله القط هو اسم خطيبتى. ضحك الناس على كلامه بينما نظرت هى الى الأرض ولم تعقب، وبعد أسبوع كانت تستيقظ من النوم وهى سعيدة، فغدا يوم كتب كتابها على عريسها، لاحظت أن هناك من يلعقها، فتحت عينيها ببطء ولكن سرعان ما انتفضت فزعة، لقد كان القط الأسود هو من يلعقها، قالت برعب: ماذا جاء بك الى هنا؟ فقال: حبك. قالت:عشقك لى محرم. فرد بهدوء: سوف نرين.. وبعد ساعة فتحت أمها باب الغرفة لتوقظها فلم تجدها، كانت الحجرة خالية على عروشها، ولم تجد سوى سرير خال وبقايا رائحة قط.

ـــــــــــــــــــــــــ

مريم سمير

قاصة – السويس – مصر

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

اللوحة للفنان: عمر جهان

ـــــــــــــــــــــــــــــ

خاص الكتابة

 

مقالات من نفس القسم