ريهام عزيز الدين
ماذا أفعل بطفل في السبعين لم يُصنع علي عيني
لم يتناول طعامه الذي وضعته علي المائدة
حين كررت علي مسامعه السم الذي تم تلقيني إياه
“اشرب اللبن علشان أحبك”
اتسعت عيناه
ثم تناول الكوب مني، التقم الثدي البلاستيكي أفرغه دفقة واحدة
انتظر حتي ارتسمت على وجهي علامة ارتياح مؤقت
بصق في وجهي كل ما ظننت أني نجحت في حشره في فمه
ماذا أفعل بطفل في السبعين
يصحو كل يوم لا يتذكر البارحة و لا يتذكرني
بالأمس سقط مني في طريقنا إلي الحمام المجاور لغرفتي
ساقاه الطويلتان عبثتا بي
ظننت أنه قادر اليوم علي الخطو أولي خطواته لاكتشاف العالم
أي عالم ينتظر طفلًا في السبعين عاق
يبصق الحليب في وجه أمه المكلومة عليه
لم يكن هناك عالم ينتظرنا
كانت الحياة تعيد دورتها من حيث ظننت أنها تنتهي
ماذا أفعل بطفل في السبعين
كيف سأقيس نموه هذا الصباح
هل سأطلب منه أن يقف علي باب المطبخ ويرسل أمراً عسكرياً لجنوده النائمة بعموده الفقري فيقف منتصباً
أي كرسي سيجعلني أبدو أطول منه
ليس لدي حائط يمكنني تعليقنا عليه
أزالت أمي كل ما يستدل علينا في البيت الجديد
ماذا أفعل بطفل في السبعين
سقط مني البارحة
شجت رأسه
لازلت انظر إليه متكوماً بداخل المنشفة
في البدء كنت أظن أنني ألده
وان تلك هي اللحظة التي أمنحه فيها ثدي لكي يتكون رابطاً أبدياً بيننا
ارتبك
تتشوش الرؤيا
فلا ممرضات يحملن إلىّ الخبر السعيد
ولا طفل تمنحني عيناه سكينة و أرض أتجذر بها.
تأتي النجدة
يتم توجيه أصابع الاتهام نحوي
لا أصلح أن أكون اماً
أنظر إلي أصبع يستطيل ويكشف أسوأ مخاوفي
لربما لن أكون أماً قط
ارتبك
انتزعوه مني
أودعوه احد مؤسسات الرعاية
في ليلة الغياب الأولي
كان السرير يتسع لشخصين
نمت علي الجانب الأيمن كما أحب
لأتمكن من النظر إليه على الجانب الآخر
لم يكن هناك سوي بقايا حليب
يذكرني بأنه تقيأ محبتي
وفراغاً يتسع
أحاول أن أحجمه من ناحية بحائط قديم
يحمل علامات نمو لطفلين
أحدهما في الثامنة
علي باب مطبخ قديم
ومن ناحية أخري
أقف عارية الثديين
أتحسس إمكانية تدفق الحليب تارة أخري
لربما سيعيدونه إلىّ في الصباح
سأخبره أنه لا يوجد حليب
ويمكننا تناول شيء آخر
وليكن بعضاً من الحياة علي سبيل الرغبة
سأخبره أني أتساقط تعباً
انهكتني الحيل
وان عيناي ابيضتا حزناً
وأني لا أعلم كيف اكون أماً لطفل في السبعين
وأني لست غاضبة
وأني- برغم كل شيء- أحبه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شاعرة مصرية