حاوره: وائل السيد
يعمل الروائي المصري طارق إمام على رواية بطلها الشاعر “الإيطالي- السكندري” جوزيب أونجاريتي. ويقول: “الرواية محورها رحلة متخيلة للشاعر في أواخر أيامه للإسكندرية لإتمام جزء من يومياته عن فترة طفولته”، ويضيف: “أحداث الرواية تنطلق في أواخر ستينيات القرن الماضي، بالتقاطع بين شيخوخة الشاعر وشيخوخة الإسكندرية نفسها الخارجة من هزيمة 67 في انتظار مستقبل غامض. من هذه اللحظة تسترجع الرواية إسكندرية مطلع القرن العشرين حيث عاش أونجاريتي طفولته، مقارنة بإسكندرية نهاية القرن التي تتقاطع ونهايات الشاعر نفسه. والرواية إجمالاً نص مكمل، أو هكذا أطمح، لرواية “الحياة الثانية لقسطنطين كفافيس”، (2012)، لكن في اتجاه آخر”.
طارق إمام الأكثر إنتاجاً في جيل التسعينيات، والذي حصل على عدد من الجوائز الكبرى يجيب على سؤال يتعلق بفوزه بجائزة متحف الكلمة الإسبانية.. وهل يمكن أن يشجع آخرين على العودة إلى كتابة القصة؟: “في الحقيقة الجائزة شجعتني شخصياً على استكمال مشروع مجموعة قصصية، محورها بالكامل قصص قصيرة جداً على غرار قصة “عين” الفائزة بالجائزة. أملك بالفعل مشروعاً قصصياً عمره نحو عامين يقوم على القصص القصيرة جداً وكتبت فيه نحو 30 قصة إلى الآن، موزعة على عدة محاور أو مواضيع، أتمنى الاشتغال عليها قريباً وتطويرها في مسودتها النهائية. أما الطريف فعلاً، فهو كم القصص القصيرة جداً التي أرسلها لي أصدقاء لا أعرفهم شخصياً على فيسبوك بعد فوزي بالجائزة تطلب رأيي. وربما للمرة للأولى أعلن أن مكتبة الإسكندرية قررت تكريمي الشهر القادم بمناسبة فوزي بالجائزة، في سياق مؤتمر مخصص بالكامل للقصة القصيرة”
وهل ترى أن القصة يُعاد الالتفات إليها بعد فوز الكندية آليس مونرو بجائزة نوبل؟. يقول صاحب “شريعة القطة”: “في مصر، والعالم، هناك روايات عديدة (بعضها شهير) أقصر من قصص أليس مونرو. فوز مونرو، (التي لم تعجبني قصصها)، ذكرني بنوع بعينه من القصة كدنا أن ننساه، هو ما عرفناه في مصر في فترة من الزمن بـ” القصة الطويلة”، فقصص مونرو تختلف عن الحجم المعتاد للقصص القصيرة كما اعتدناها، وبعضها يقترب في عالمه وحجمه من فن الرواية القصيرة “النوفيلا”. ولو تتذكر، فقد كان مصطلح”قصة طويلة” مألوفاً للغاية في كتابات جيل الستينيات، وكان يستخدم لوصف الأعمال التي تقع بين القصة والرواية، لكنه اختفى بعد ذلك. أعتقد أن التجرؤ على كتابة الرواية في السنوات الأخيرة (وهو مغامرة حميدة في ظني) هو ما أخفى ذلك المصطلح مانحاً القصة الطويلة التي يمكن ضمها بين دفتي كتاب، إمكانية طرحها كرواية. الرواية، بفقدانها لجزء من مقاييس حجمها التقليدي، فقدت بالتزامن جزءاً من قدسيتها وإخافتها للكاتب”.
يعتبر البعض أن المزاوجة بين الكتابة الإبداعية والنقدية هضر بالكاتب ولكن طارق الذي يكتب بانتظام منذ أكثر من عشر سنوات عن روايات ودواوين قد تكون الأولى لأصحابها يرى شيئاً آخر: “الأمر أفادني بلا شك، فالكتابة النقدية هي من وجهة نظري نشاط يضعك مباشرةً داخل مطبخ كاتب آخر ويجعلك قادراً على التجول وسط غابة ثرية من الإمكانات الفنية. الكتابة النقدية هي أيضاً قراءة لكن قراءة أعمق.. وبما أنني من المقتنعين أن الكتابة في نهاية المطاف حرفة لها أدواتها، فإن “الوعي النقدي”، سواء تحول مباشرة لكتابة نقدية أو لم يتحول، عنصر جوهري لدى الروائي بالذات”.
وما الذي تحققه الكتابة عن آخرين بالنسبة لك؟ يقول: “هي بالأساس تمتعني قبل أي شىء. أنا أعتبر قراءة عالم كاتب آخر ومحاولة الخروج منه بتأويل جديد لعبة مثيرة، أعتبرها لعبة فك وتركيب مثل البازل، لذلك تجدني مثلاً مولعاً بالكتابة عن الشعر، لأنه يمنحك في الحقيقة مساحة أوسع للتأويل ولكتابة نصك الموازي للنص الذي قرأته. أقول دائماً إنه إذا كان العمل الإبداعي في أحد وجوهه عمل نقدي، فإن العمل النقدي أيضاً في أحد وجوهه نص إبداعي”.