شيطنة التلاميذ

العقاد
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

د. إلياس زيدان

إطلالات تربويّة من شبابيك الوطن – 10

“شيطنة التّلاميذ”  

العديد من كتّاب السّيرة والمذكّرات قصّوا علينا، بلهفة لافتة، حكايات تلك “الشّيطنات” والنّوادر والمشاغبات الّتي قاموا بها هم أنفسهم، أو كانوا شهودًا عليها كتلاميذ خلال “أيّام المدرسة”. في سيرته الذّاتيّة “أنا” أفرد عبّاس محمود العقّاد (1889-1964) عنوانًا خاصًّا لهذا الموضوع هو “شيطنة التّلاميذ”، وذكر تحته ما يلي: “ولا أحسب أن أحدًا يتكلم عن أساتذته إلا انتظر منه القارئ شيئًا عن “شيطنة” التلاميذ مع الأساتذة”.[1] وأضاف: “وللقارئ حق … فما خلت قط علاقة تلميذ بأستاذ من تلك “الشيطنة””.[2] بعض كبار السنّ من المديرين والمعلّمين والأهالي ثار وعاقب المُتشيطنين من الطّلّاب، وبعضهم تقبّل هذه الشّيطنات وتعامل معها “بروح رياضيّة”، لا بل وجارى قسمٌ من هؤلاء الطّلّاب فيها. السِّيَر والمذكّرات الّتي سنأتي على ذكرها تُظهِر أنّ تعاطي هؤلاء الكبار مع “شيطنة التّلاميذ”، إيجابًا أو سلبًا، يدوم طويلًا في ذاكرة التّلاميذ. هذا من ناحية. أمّا من النّاحية الأخرى، فإنّ لتعاطي الكبار مع “شيطنات التّلاميذ” بالغ الأثر في نفوس التّلاميذ، وفي نظرتهم إلى هؤلاء الكبار وفي العلاقات المتبادلة بين الطّرفين، سواء على المستوى اللحظيّ وقت حدوث “الشّيطنة” أو على المستوى البعيد الأمد، كما سنرى. الطّالب عبّاس وإخوته في انتظارنا على أحرّ من الجمر لكي يشاركونا بباقة من تلك الشّيطنات.

يعترف الطّالب عبّاس محمود العقّاد أنّه لم يكن “من أبطال “الشيطنة” المدرسية … ولكنني كنت أستطيبها، وأشجع عليها حين تقع في موقعها”.[3] ويضيف عبّاس: “لا أطيل في سرد النوادر، فهي كثيرة تكفي هنا واحدة منها على سبيل المثال”.[4] ويروي: “كان معلم الخط في مدرستنا من أبرع الخطاطين في البلاد العربية، ولكنه كان رجلًا غريب الأطوار، يهتاج لأقل خطأ، فيشتم التلميذ المغضوب عليه شتمًا يناله هو قبل أن ينال التلميذ؛ لأنه يبدأ كل شتيمة بقوله: يا ابني … ثم يكيل الشتائم كيلًا، فإذا هي كلها مردودة إليه”.[5] شكّل هذا الوضع فرصة اقتنصها التّلاميذ، فكانوا “يهجونه لشتمهم وشتم نفسه على النمط الغريب”.[6] لكن لا بدّ من وجود تلميذ “خبيث” في كلّ مجموعة، يتفوّق فيها في شيطنته على غيره. وهكذا كان في هذه الحالة. يروي عبّاس عن “تلميذ خبيث أعيى أساتذته وأهله خبثًا في جميع سنوات الدراسة، يملك أهله مطاحن بخارية”.[7] وعليه اغتنم معلّم الخطوط الفرصة فأخذ يستدعي التّلميذ “ظهر كل خميس إلى بيته ليحمل الطحين إلى مطحنة أهله ويعود به في اليوم نفسه”.[8] وبخصوص يوم الخميس، يشدّد عبّاس: “وما أدراك ما يوم الخميس؟! … إنه هو اليوم الذي ينتظره التلميذ بنافذ الصبر ليسرح ويمرح، لا ليخزن نفسه في مطحنة”.[9] بعد مدّة نفد صبر التّلميذ “وعول على استنجاد خبثه … وهو لا يخذله حيث يتخابث في غير طائل، فكيف بالخبث الذي ينقذه من هذا البلاء؟!”.[10] في ذلك الخميس باع التّلميذ الحمولة الّتي سلّمه إيّاها المعلّم بأبخس ثمن ولم يعد إلى بيت الأستاذ. أخبر “الخبيث” زملاءه الطّلّاب بالأمر، وكانوا جميعًا ينتظرون ردّ فعل الأستاذ على أحرّ من الجمر. وفي درس الخطّ الأوّل بعد هذه الفعلة، وبينما كان المعلّم يصحّح كراريس الطّلّاب، وكانت القطعة المطلوب نسخها تبدأ بحرف “ميم”، لم “يشتمهم على عادته في كل تصحيح؛ لأنه على ما يظهر كان يدخر “الشتيمة” كلها لتلميذ واحد، هو ذلك التلميذ الخبيث”.[11] وهذا ما حدث بالفعل، فقبل أن يضع “الخبيث” كرّاسته أمام الأستاذ انتهره الأستاذ قائلًا: “أهذه “ميم” تكتب يا ابني يا ابن ال …؟!”.[12] ويؤكّد عبّاس: “فنظر التلميذ إلى أستاذه متجاهلًا، وهو يسأل: “أي ميم يا أفندي؟! إنني لم أكتب ميمًا!””.[13] وضع “الخبيث” الكرّاسة “أمام الشيخ فنظر فيها فرأى أن الخبيث قد تخطى الصفحة التي بعدها”.[14] ويؤكّد عبّاس: “فلم يسكت الشيخ بل راح ينطلق في شتمه لهذا السبب الجديد، وقال له: “وتتخطى الصفحة أيضًا يا ابني يا ابن الـ…””.[15] يبدو أنّ الشّيخ قد تنبّه “للفخّ” الّذي نصبه له الخبيث. ويكتب عبّاس عن الشّيخ: “ثم ضحك على الرغم منه … فنجا الخبيث بهذه الضحكة من العقاب، ومن سخرة الطحين في كل يوم خميس”.[16]  

قد تبدأ “شيطنة التّلاميذ” في سنّ مبكّرة جدًّا، كما سيروي لنا الطّالبان جبرا ومارون. يتذكّر جبرا إبراهيم جبرا (1919-1994) أنّ أمّه أدخلته مدرسة الروم الأرثوذكس وهو في سنّ الخامسة، وقد علّلت قرارها بقولها “حتى أعرف أنصرف إلى شغلي”.[17] وكان الطّفل جبرا متحمّسًا جدًّا، فقد رأى الأولاد، وكلّهم يكبرونه سنًّا، يكتبون، فسأل جبرا المعلّم “معلمي، هل أكتب أنا أيضا؟”.[18] لكن لم يكن معه قلم ودفتر، فطلب المعلّم منه أن يحضرهما في الغد. في ساعة الغداء ركض جبرا إلى البيت، فأعطته جدّته نصف قرش فاشتراهما، ويؤكّد: “وطرت بما اشتريت عودة إلى البيت […] جعلتُ أستذكر الحروف التي كتبها المعلم على اللوح في الصباح؟ كانت الألف سهلة”.[19] ويضيف: “في ذلك المساء، كان دفتري “فرجة” العائلة”.[20] بعد مرور يومين أقنعه رفيقه عبده بمرافقته إلى داره في طريق عودتهما من المدرسة، وهناك سأله: “أتعرف كيف تصنع طقاعة؟ دفترك هذا فيه 16 ورقة. كل ورقتين تجعل منهما طقّاعة”.[21] تردّد جبرا في البداية، لكنّ عبده أقنعه بصنع طقّاعة واحدة فقط. ويروي جبرا: “وناولته الدفتر. فتحه واقتلع الورقتين اللتين في الوسط، وطواهما بشكل خاص، وأنا أراقبه، ثم طوى زاوية من الطوية، وأدخلها بين طرفيها، وبعد ذلك جعلها تحت إبطه، فضغط عليها بذراعه، ثم سحبها بسرعة، ونفضها بقوة، فأطلقت صوتاً انفجارياً بديعاً. أعاد الطي، وأعاد العملية، و”طقع” مرة أخرى. شيء رائع!”.[22] وسأل عبده جبرا: “أأعمل لك واحدة؟”، فأجابه جبرا: “أنا أعملها”. ويضيف: “واقتلعت ورقتين من وسط الدفتر، وعملت طقاعة، وطرقعت! ثم عملنا طقاعة أخرى، فأخرى – إلى أن أتينا على الدفتر”.[23] لكن لسوء حظّهما، أو بالأحرى لسوء حظّ جبرا، كانت “أم عبده ترقبنا بنصف عين […].[24] وخرج الصديقان إلى الشّارع يطرقعان بعتادهما من الطقاعات ووزّعاها على الأصدقاء أيضًا “ورحنا جميعاً نطرقع … إلى أن غابت الشمس، وتمزقت الطقاعات كلها”.[25] وفي البيت سألته الجدّة، وبعدها سأله أبوه وأخوه يوسف، “أين الدّفتر؟”. وكان جواب جبرا “أخذه المعلّم”. وعندما سُئل في كلّ مرّة “لماذا”؟ كان جوابه “ليحفظه في الجرار عنده. لكي لا يضيع”.[26] وتكرّر الأمر في اليوم الثّاني. لم ينته الأمر عند هذا الحدّ، فقد ملّ الطّالب جبرا من المدرسة بسرعة – أو قد “نجحت” المدرسة في التّسبّب في ذلك! -، ففي صباح اليوم الثّالث “عندما دق الجرس، جرّني عبده من ذراعي. فقلت: “شو هالمدرسة؟ جرس، دائماً جرس؟””.[27] فقال له عبده “بلا مدرسة يا شيخ! أتجيء معي؟”. فأجاب جبرا “يلّا”. وتستمرّ تفاصيل الرّواية بقوله: “وخرجنا من باب الملعب راكضين، في اتجاه ساحة المهد”.[28] وهناك كان السّيّاح الأجانب “يومئون إلينا لكي نقف أمامهم، وباب كنيسة المهد خلفنا، ويصوروننا”.[29] ويؤكّد الطّالب ابن الخمس: “وبقينا أنا وعبده لعدة أيام ننزل إلى الوادي، أو نتسكع في ساحة المهد، وفي أوقات انصراف أولاد المدارس نعود إلى البيت، لكي نوهم أهلنا أننا ما زلنا نواظب على الدوام في المدرسة”.[30] وبقيا على هذه الحال إلى أن وقعت الواقعة! انكشف أمرهما! ينوّرنا جبرا: “ولكن ما كادت تمر أربعة أيام أو خمسة، حتى جوبهت في الظهيرة بأمي، واقفة ببوابة الحاكورة، وهي تنتظرني. وما كدت أدفع البوابة، حتى أمسكت أذني وجرّتها بقوة عاتية، وصاحت: “أين الدّفتر؟”.[31] فأجابها جبرا: “يمه، قلت لك، عند المعلم!”. فوبّخته: “عند المعلم، يا كذاب؟”. ويستمرّ جبرا في سرد الحادثة: “ولطمتني على خدّي: “التقيت بأم عبده هذا الصباح، وحكت لي كل شيء” ولطمتني على خدي الآخر”. وأضافت الأمّ: “ملأت شارع راس افطيس بالطقاعات، يا كذاب، يا حرامي! وتضحك علينا أيضاً! والله لن ترى المدرسة بعينك مرة أخرى!””.[32]      

يقصّ علينا الطّالب اللبنانيّ مارون عبود (1886-1962)، ابن ضيعة “عين كفاع”، في “وجوه وحكايات”، تلك الحادثة وهو في سنّ الخامسة مع معلّمهم الّذي حاول مارون جاهدًا تذكّر ابتسامته، ويؤكّد: “فما تذكرت قط أني رأيته باسِمًا، أذكر لثته كانت محمرةً، ولهذا حكاية رأيتها وأنا ابن خمس سنين حين كان يعلمنا الألفباء”.[33] وصل المعلّم في تعليم طلّابه حرف “القاف”، وحينها “قال لأحد رفقائنا النُّجباء: قاف”. وماذا فعلَ ذلك الرّفيق النّجيب؟ يروي مارون: “فانتصب بوجهه كالمارد”. أي بوجه المعلّم. وفي هذه اللحظات “غضِب المعلِّم لهذه البَلَادة، هو يريد الحرف المعروف لا الوقوف، فرفع شفته العليا وأرخى السفلى، وربسَه بيديه ساخطًا”.[34]

وفي “أحاديث القرية” يحكي لنا الطّالب مارون عبّود حادثة لها علاقة بمناهج وأساليب التّعليم في حينه، إذ “كانوا في ذلك الزمان يعتمدون على الذاكرة يحشون عقل الطالب محفوظات لا أول لها ولا آخر. شعر ونثر من كل عصر، والويل لمن يلحن أو يخرم حرفًا أو يخطئ […].[35] وكان حينها في الثالثة عشرة طالبًا داخليًّا في “أكبر مدرسة في المقاطعة […] ندخل المدرسة في أول تشرين الأول، ثم لا نرى وجه الضيعة قبل منتصف تموز”.[36] عند اقتراب عيد رأس السّنة لدى المسيحيّين فرض المعلّم “علينا أن نكتب إلى آبائنا مكتوب معايدة”.[37] وكيف يكتب الطّلّاب المحشوّة رؤوسهم بالمحفوظات رسالة من بنات أفكارهم؟! يؤكّد الطّالب مارون: “فنحك رءوسنا فلا يخرج منها شيء”.[38] إذًا، ما العمل؟ الحلّ بسيط كما يروي مارون: “فنهرع إلى الكتب المختصة بالمراسلات كالشهاب الثاقب وغيره، حتى إذا وقعنا على المكتوب نقلناه بكل أمانة وبعثنا به إلى أهلنا”.[39] ويضيف مارون: “وإليك واحدة من هذه الرسائل الطريفة التي نقلها رفيق لي عن تلك الكتب، ووجهها إلى والده: والدي العزيز، بعد لثم يديكم وطلب رضاكم الأبوي على الدوام. أحاول أن أكتب إليكم فيفت في عضدي لأن باعي قصير، ولكن شوقي إلى محياكم يجري قلمي في هذا المضمار”.[40] ويستمرّ الطّالب في النّقل عن الكتاب: “نحن متوجهون نهار الخميس القادم إلى طرابلس الفيحاء”.[41] وصل المكتوب، “فما قرأه الوالد حتى اضطرب. شغلت باله عبارة: فتَّ في عضدي، وباعي قصير. فخشي أن يكون قد أصاب ولده مكروه فت عضده، وقصر باعه!”.[42] ويضيف مارون: “وازداد اضطرابًا حين علم أن ولده متوجه إلى طرابلس”.[43] كانت كتابة الولد كألغاز لم يستطع الوالد حلّها، وفي فجر اليوم التّالي ركب الوالد المضطرِب بغلته وانطلق إلى طرابلس، “وقضى ذلك النهار يفتش عن المحروس في شوارع طرابلس وأزقتها”، ولكنّه لم يجد ابنه. من طرابلس انطلق الوالد مسرعًا إلى مدرسة الابن، “فوجد ابنه فيها سالمًا، لا باعه قصر ولا عضده مفتوت، فحمد الله وسأل ابنه: متى رجعت من طرابلس؟”.[44] وفي تلك اللحظة “هز الفتى كتفيه وقال: أيّة طرابلس؟”. فأجاب الوالد: “طرابلس. أنت كتبت لي أنكم متوجهون إلى طرابلس، فشغلت بالي ولاقيتك”. “فقال الطالب النجيب: هكذا مكتوب في الكتاب”.[45] 

يكتب الطّالب ميخائيل نعيمة (1889-1988) في “سبعون” أنّه ترك ضيعته اللبنانيّة “بسكنتا” قاصدًا النّاصرة الجليليّة عام 1902 لإتمام دراسته في “دار المعلّمين الرّوسيّة”، أو كما أسماها أهل النّاصرة “المسكوبيّة!”. يعترف الطّالب ميخائيل: “قد تكون خطاياي كرمل البحر عدّاً. ولكن السرقة ليست منها”.[46] ويستدرك قائلًا: “إلّا يوم أغراني الشيطان مرّة فحملني على الاستجابة لصراخ بطني ولكن بطريقة غير مشروعة، وغير لائقة بتلميذ كان مضرب المثل باجتهاده وطيب أحدوثته”.[47] حصلت هذه الحادثة في سنته الثّانية في “المسكوبيّة”، خلال فترة الصوم الكبير الممتدّ أربعين يومًا قبل عيد الفصح لدى المسيحيّين. وبخصوص الصّيام يذكر: “كنّا نحسبه شبه كارثة بسبب ما كانت تعانيه فيه معدنا من قحط وحرمان”.[48] كانت من إحدى العادات في المدرسة أن يخرج الطّلّاب والمعلّمون إلى نزهات في ضواحي النّاصرة. في أحد الأيّام خرج الجميع كالمعتاد واعتذر الطّالب ميخائيل عن الخروج. ويكتب في هذا الصّدد: “بقيت وحدي في المدرسة ولا رفيق ولا رقيب”.[49] وحينها وقعت “الخطيئة” الّتي “كان ظاهرها أبيض وباطنها أسود”.[50] يبدأ الطّالب ميخائيل بتوجيه إصبع الاتّهام إلى أعضاء مختلفة من جسمه الّتي دفعته إلى هذه الفعلة الشّنيعة قائلًا: “وجرّتني قدماي – أو هو الجفاف في معدتي الذي جرني – إلى أمام القبو المشبك مدخله بالحديد والمعلّقة في داخله أكياس كبيرة كانت تُفرَغ فيها كلّ يوم من أيام الصوم كميات من اللبن الرائب لتغدو بعد حين “لَبْنة” نأكلها مع الزيت بعد انقضاء الصيام”.[51] يصف ميخائيل المشهد حين وقف يتأمّل الأكياس من خلف الشّبكة الحديديّة: “إنها لأكياس بيضاء، بيضاء. وإنها لسمينة، سمينة – حتى لتكاد تنشق. وإنّ ما فيها لشهي، شهيّ، ومجرّد التفكير فيه يُسيل اللعاب”.[52] ويستمرّ في وصف صعوبة الوصول إلى اللبنة البيضاء البيضاء، هذا إضافة إلى تأنيب الضّمير: “ولكن الحديد حديد. وإنّك لمجنون يا ميخائيل تفكر في اقتحامه. أصحيح أنّك تفكّر في ذلك؟ أصحيح أنّك تُغامر بسمعتك في سبيل لعقة من اللبنة؟”.[53] وكيف سيعطي ميخائيل نفسه شرعيّة في اقتراف هذا الجرم؟! ليس أفضل من المصادر الدّينيّة، فيُجزم: “ألم يبع عيسو باكوريته بأكلة عدس؟”.[54] شتّان ما بين العدس واللبنة! ويؤكّد في ذلك: “واللبنة أشرف من العدس وأشهى بما لا يقاس”.[55] إذًا، أعطى نفسه شرعيّة دينيّة، ولكنّ هذا غير كافٍ. كيف سينفذ من الحديد وكيف سيخرج، وماذا سيفعل في حال فاجأه أي شخص وهو داخل القبو: “فماذا تقول وبماذا تستر زلّتك؟ إنّك لتؤثر إذ ذاك لو تنشق الأرض وتبتلعك”.[56] في نهاية الأمر أقنع ميخائيل نفسه قائلًا: “ولكنّ شيئاً من ذلك لن يكون فالمكان خلو من الناس”.[57] وصف ميخائيل فعلته كأنّها “غزوة”. وكيف انتهت؟! إليكم/نّ التّفاصيل على لسان “الغازي” البِسكنتيّ: “خرجت من “غزوتي” وفي يمناي كمية من اللبنة. وكنت لبقاً بحيث أعدت الكيس كما كان بالتمام، وبحيث لم أترك أي أثر على الأرض أو على الحديد”.[58] إذًا، هل سينجو بعد فعلته المُحكمة التّخطيط والتّنفيذ؟ كاد ينجو، ولكنّه يعترف: “ولكنني لم أكن لبقاً حين أقبلت على اللبنة في يدي ألتهمها في مكان مكشوف. فقد طرقت أذني بغتة تنحنحة غريبة وكأنها آتية من أعلى”.[59] ومِمّن صدرت تلك التّنحنحة؟ وأيّ ثمن سيدفعه ميخائيل بعد انكشاف أمره، هل ستُمرمغ سمعته في التّراب؟! إليكم/نّ نهاية القصّة رواها صاحبها المفضوح أمره: “التفتّ وفمي محشوّ لبنة، ويدي ما تزال فيها بقية، وإذا على شرفة في الدور الأعلى من البناية معلّم روسي لم يكن قد انقضى على وصوله إلى المدرسة غير يوم واحد. إنه لا يعرفني. ومن الأكيد أنّه لا يعرف ما هي اللبنة، ولا من أين جئت بها. ولعلّه يحسبها ضرباً من الحلوى. ولكنني، مع ذلك، جمدت مكاني، وجمدت اللبنة في فمي، ويبست يدي. وتمنّيت لو أنّني قضيت جوعاً ولم أفعل الذي فعلت. ويقيني أنّ توبتي كانت مقبولة عند الله. فهو لم يفضحني. ويفضحني الآن قلمي بعد نصف قرن ويزيد”.[60]

بدأ الطّالب إحسان عبّاس (1920-2003)، ابن قرية عين غزال الواقعة إلى الجنوب من حيفا، دراسته في القسم الدّاخليّ في “الكلّيّة العربيّة” بالقدس عام 1937. بعد مرور بضعة أسابيع على وجوده في الكلّيّة كما يروي: “فاتحني زميل من منطقة الخليل بقوله: ما رأيك في أن نذهب فنزور مدينة الخليل والحرم الإبراهيمي يوم الجمعة القادم”.[61] يقول إحسان إنّه في تلك المرحلة لم تسنح له حتّى فرصة التّعرّف على القدس، “إذ كان لا يسمح لنا بمغادرة الكلية الا يوم الجمعة، على أن نرجع اليها قبل موعد الجلوس الى مائدة الغداء”.[62] راقت له فكرة زميله، فقد أحبّ التّعرّف على مناطق قد لا يُتاح له أن يراها وحده. سافر الطّالبان إلى الخليل، وصدف أن رآهما المدير وهما في الطّريق. يؤكّد الطّالب إحسان: “وكان الاجراء في مثل هذه المخالفة إجراء قاسياً”.[63] في صباح اليوم التّالي مَثَلَ الطّالبان أمام مدير الكلّيّة، الأستاذ أحمد سامح الخالدي. وأيّ عقابٍ نالا؟ يسجّل الطّالب إحسان: “ولما قابلنا مدير الكلية عاتبنا بكلمات رقيقة ثم صرفنا دون عقوبة، وكان ذلك من حسن حظنا، لأنه اقتنع أنا قمنا بذلك عن جهل بالأوامر، وبنيةٍ حسنة”.[64]

يروي الطّالب إحسان حادثة أخرى كان هو ومدير الكلّيّة بطلَيها. نظّمت الكلّيّة، بمديرها وطلّابها وبعض معلّميها، رحلة إلى الأردنّ، وحطّوا الرّحال في أكثر من بلدة فيه، ويقول إحسان: “وكانت هي التغيير الأكبر في روتين الحياة بالكلية”.[65] يروي أنّه “توجهنا من عمان الى العقبة، وفي هذه المدينة الصغيرة بتنا ليلة في غابة نخيل هنالك، وقدّم الينا المسؤولون فيها عشاءً حافلاً من سمك البحر الأحمر”.[66] يبدو أنّه لا مجال للمقارنة بين هذا العشاء وبين طعام الكلّيّة! في تلك الليلة أقاموا حفلة سمر. أحبّ الطّالب إحسان نظم الشّعر، فيروي عن تلك الحفلة: “وكان دوري فيها أن أهجو الطعام الرديء الذي تقدمه لنا الكلية، والطلاب يرددون لازمة الأنشودة الهجائية”.[67] وكيف سيتعامل مدير الكلّيّة ومعلّموها مع هذا الهجاء؟ وماذا سيكون ردّ فعل المعلّم كفلكنتي، المرافق لهم في الرّحلة والمسؤول عن الطّعام في الكلّيّة، بعد سماعه هجاء إحسان؟! يؤكّد إحسان في هذا الخصوص: “وقام المدير نفسه بالرّد عليّ، وهجاني في “قرّادية” نظمها […] وانضم اليه الأستاذ كفلكنتي المسؤول عن الطعام في الكلية”.[68] ويخلص إحسان إلى القول: “كنت سعيداً جداً أن اكتشفت في الأستاذ أحمد سامح، شخصية المدير الانسان، الذي يقابل هذيان المراهقين بالتسامح والمغفرة […] وكانت أمسية جميلة، استطاعت ان تقرب بين التلامذة والأساتذة”.[69]

يكتب الطّالب أنيس فريحة (1902-1993)، ابن “رأس المتن” اللبنانيّة في سيرة حياته “قبل أن أنسى”، أنّه قضى سنة واحدة كطالب الصّفّ الثّاني ثانوي في القسم الدّاخليّ من مدرسة الشويفات. كرُمَ علينا الطّالب أنيس بأن روى لنا عن أكثر من مشاغبة طلّابيّة دارت أحداثها خلال تلك السّنة، وعلى ما يبدو كان ذلك في السّنة الدّراسيّة 1918-1919. كان في المدرسة، إضافة إلى الطّلّاب اللبنانيّين، طلّاب من سوريّة وفلسطين، وكان الأخيرون من العائلات الموسرة. يبدو أنّ تَجَمُّع “أدمغة” طلّابٍ من أكثر من قطر شقيق من شأنه أن “يرتقي” بمستويات “الإبداع” في المشاغبات. تصادق أنيس مع الطّالب عزّ الدين الشوّا من غزّة، وانضمّ إلى مجموعته، وكان أحد أفرادها والمتحدّث باسمها طالبًا دمشقيًّا من آل الدالاتي، يصفه أنيس بأنّه: “كان محدّثاً فكهاً، وصاحب نكتة لطيفة”.[70] كان القسّيس المسؤول عن المدرسة يطلق على الدالاتي لقب “شيخ المشاغبين”.[71] يروي الطّالب أنيس إحدى الحوادث الكثيرة قائلًا: “أذكر صباح أحد عندما هيأوا “معلاقاً” مشوياً على الفحم، وتزكة عرق، وضارب عود من آل الجرديني، وأعد شيخ المشاغبين نارجيلة، ودعاني عز الدين للإفطار معهم”.[72] ويضيف أنيس: “وفجأة دخل علينا القسيس […] كان رجلاً عملاقاً مهيباً ذا عينين حادتين وجبين دائم التقطيب”.[73] ويتابع أنيس وصف القسّيس: “لم يكن القسيس يبتسم كثيراً. لكنه كان رجلاً طيب القلب نقي السريرة”.[74] وبخصوص علاقتهم به كطلّاب، يؤكّد: “كنا نهابه جداً غير أننا كنا نحبه أيضاً”.[75] أمّا بعد كشْف أمرهم فيروي أنيس أنّ القسّيس “فتح الباب ودخل دون استئذان وقال “يا عيني […] أنتم في مدرسة أم في مقهى””.[76] وعندها: “خفنا خوفاً عظيماً، وبدأ بعضهم بإخفاء آثار الجريمة: العود، ومنقل الفحم، والتزكة..”.[77] حينها قال لهم القسّيس: “رأيت كل شيء”.[78] ومن سيكون محامي الدفاع عن الطّلّاب؟! لا أحد أفضل من الدالاتي، فيقول أنيس: “وانبرى الدالاتي، المتكلم باسم المجموعة، ليدافع عنهم وقال: يا حضرة القسيس، عندما تخاطبنا تقول لنا دائماً: يا عيني، يا أولادي، فنحن أعزاء لديك، وأولادك المحببون. والوالد يتغاضى عن الهفوات”.[79] لم يتوقّف الدالاتي في دفاعه عند هذا الحدّ، وأضاف قائلًا للقسّيس: “المسألة بسيطة، تفضل شاركنا!”.[80] وكانت النّتيجة أنْ “تبسم القسيس فسُرّي عنا – وإذا تبسم القسيس فإن معنى ذلك أنه صفح وتغاضى”.[81]  

وعن “الجريمة” الثّانية يروي أنيس: “في أواخر شباط يزهر اللوز في الشويفات ويعقد. ومدرسة الشويفات محاطة بأشجار اللوز”.[82] وماذا يفعل الطّلّاب في هذا الموسم؟! يقول أنيس: “عندها تبدأ سرقة اللوز الأخضر، وتبدأ معها المشاكل المسلكية”.[83] وهذه المشاكل بلغت أيضًا حدّ سرقة الخسّ والملفوف، وقد أزعجت هذه السّلوكيّات إدارة المدرسة. إذًا، ما الحلّ؟! لم يأتِ الحلّ من طرف إدارة المدرسة. “أبدع” الدالاتي هذه المرّة أيضًا! يكتب أنيس: “انبرى شيخ المشاغبين، الدالاتي، ليقترح حل المشكلة: تعالوا يا أولاد نضمن اللوز كله فنأكل منه أخضر ثم فريكا”.[84] ويضيف أنيس: “وهكذا كان وخفّفنا عن الإدارة مشاكل سرقة اللوز”.[85] ذكرنا أنّ الطّلّاب الفلسطينيّين والسّوريّين قد انحدروا من عائلات موسرة، وفي إمكانهم تحمّل التكاليف، لكن ماذا بخصوص الطّالب أنيس أحد “الدراويش اللبنانيين الفقراء”[86]، فكيف سيدفع حصّته وهو لا يملك الدّراهم. في هذا الموقف برزت “أُخُوَّة” أبناء بلاد الشّام في أنصع تجلّياتها! وكيف تُرجِمت هذه الأُخُوَّة إلى أرض الواقع؟! يقول أنيس: “واشترط عز الدين أن يُعفى أنيس من الدفع. كان يعرف أن خرجيتي أنفقت، وأن جيبتي خالية من أثر الدراهم”.[87] لم تنته عمليّات السّرقة عند هذا الحدّ، إذ لم يَسْلَم حتّى بستان القسّيس الموجود في ضواحي القرية بمشْمشِه الشّهيّ من شلّة الطّلّاب هذه، وعليه “قرروا أن يسألوا القسيس إذا كان يرغب في تضمين البستان، لأنهم سيسرقون المشمش”.[88] وفي هذه المرّة أيضًا “ضمنوا البستان وأعفي أنيس، وارتاحت الإدارة”.[89]  

لم تقتصر مشكلة “الطعام الرديء” المذكورة عند إحسان عبّاس على الكلّيّة العربيّة بالقدس، إذ يبدو أنّ بعض الطّلّاب، وخصوصًا من أبناء العائلات الموسرة، تذمّروا من طعام المدرسة في الشويفات أيضًا، ففي أحد الأيّام كان الغداء معكرونة بلحم. لم يشكّل هذا الطّعام مشكلة من ناحية أنيس، لأنّه يستطيب هذا اللون من الطّعام كثيرًا، لكنّ بعض الطّلّاب الأغنياء لم يستطيبوه، وعندها “وقف شيخ المشاغبين الدالاتي وقال: شو هالأكل سيدي؟ أضربوا عن الطعام يا أولاد”.[90] يوضّح أنيس: “ولكننا نحن اللبنانيين كنا قد التهمنا ما في صحوننا”.[91] بعد دعوة الدالاتي “حدث اضطراب وشغب. وسمعت السيدة إيجني […] فدخلت وسألت عن السبب. قال لها الدالاتي: مولاتي شو هالأكل؟ حدا بيتغدى معكرونة حاف؟”.[92] والسّيدة إيجني هي زوجة القسيس. ويتابع أنيس: “طيَّبت خاطره وقالت سنجلب لكم طعاماً آخر”.[93] يذكر أنيس أنّ القسّيس كان “قد سمع الضجة فدخل علينا وساد سكوت عميق”.[94] وماذا فعل القسّيس؟ “أومأ إلى الدالاتي بأن يتبعه، وكأنه عرف حدساً أن المشاغب هو الدالاتي”.[95] ويضيف أنيس: “وذهب الدالاتي معه وطال انتظارنا وقلنا: ربما طرده القسيس. وبعد أكثر من نصف ساعة عاد إلينا وكنا قد غادرنا قاعة الطعام”.[96] سأل الطّلّاب الدالاتي “ماذا جرى لك؟”، فأجابهم: “لا شيء، حضرة القسيس دعاني للغداء معه ومع زوجته”.[97] لستُ أدري ماذا فكّر الطّلّاب في تلك اللحظات، هل حسدوا الدالاتي أم أغبطوه على غدائه، فلا بدّ أن يكون غداء القسّيس وزوجته أشهى من غدائهم! على أيّة حال سألوه: “ماذا كان الغداء؟”، فأجابهم: “معكرونة بلحم حاف!”.[98]   

كتب الطّالب أنيس عن السّنة الّتي قضاها في مدرسة الشّويفات أنّها كانت “سنة من سني العمر!”.[99] يبدو أنّها كانت كذلك لكثرة مشاغبات الطّلّاب فيها، وبالطبع كان أنيس من بينهم، ولطريقة تعامل إدارة المدرسة مع هذه المشاغبات. يختم الطّالب أنيس هذا الفصل قائلًا: “سنة حلوة كانت سنة الشويفات. ذكرياتها سترافقني حتى آخر رحلة العمر. زوجة القسيس الست إيجني، تركت في نفوسنا أثراً عميقاً […] كانت لنا مثال السيدة الأم. هذا بإقرار الدالاتي الذي كان يخلق لها مشكلات بشكل مداعبات”.[100] ويضيف الطّالب أنيس: “وللقسيس في ذهني صورة لا تمحى. كان ذا شخصية فذّة تفرض نفسها. وعلى الرغم من أنه كان لا يبتسم كثيراً، فقد كان طيب القلب حسن الطوية. أحببناه لوقاره ومهابته”.[101] وعن صديقه عزّ الدّين وعلاقته بالقسّيس يكتب: “كان عز الدين يحب القسيس حباً صادقاً، وكان يزوره كل مرة يمر في بيروت. ولم يكن يصعد إلى الشويفات إلا برفقة أنيس. حلوة الشويفات”.[102]

مع انتهاء هذه الإطلالة يمكنك، إن أحببت، مراجعة ذكرياتك “أيّام المدرسة”. إن كنت قد قمت بما يشبه ما ذكره أدباؤنا من شيطنات ونوادر، فكيف تعاملوا في المدرسة وفي البيت مع ذلك؟ كيف شعرت في حينه؟ وكيف تشعر/ين الآن بعد مرور سنوات على تلك الذكريات؟

في الإطلالة القادمة سندخل في دهاليز الرُّعب، رعب الأطفال من القصص والجوازر الدّينيّة، كما هي حال عنبرة سلّام الخالدي (1897-1986) الّتي تؤكّد: “الامر الذي لا ازال اذكر وقعه في نفسي هي قساوة أسلوب الترهيب الذي كان استاذنا الشيخ يبالغ فيه […]”[103]، وقصص العفاريت والجان التي رواها لهم الكبار، تلك القصص الّتي يؤكّد في خصوصها إبراهيم المازني (1890-1949): “يقف لها شعر الرأس […]”.[104] 

ألقاكم/نّ بخير.

………………………

[1] . العقّاد، عبّاس محمود. (2013). أنا. القاهرة: مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة. ص 44.

[2] . المصدر السابق. ص 44.

[3] . المصدر السابق. ص 44.

[4] . المصدر السابق. ص 44.

[5] . المصدر السابق. ص 44.

[6] . المصدر السابق. ص 45.

[7] . المصدر السابق. ص 45.

[8] . المصدر السابق. ص 45.

[9] . المصدر السابق. ص 45.

[10] . المصدر السابق. ص 45.

[11] . المصدر السابق. ص 45.

[12] . المصدر السابق. ص 45.

[13] . المصدر السابق. ص 45.

[14] . المصدر السابق. ص 45.

[15] . المصدر السابق. ص 46.

[16] . المصدر السابق. ص 46.

[17] . جبرا، جبرا إبراهيم. (2001). البئرُ الأولى: فصول من سيرة ذاتيّة. الطّبعة الثانية. بيروت: المؤسّسة العربيّة للدراسات والنشر. ص 21.

[18] . المصدر السابق. ص 23.

[19] . المصدر السابق. ص 26.

[20] . المصدر السابق. ص 27.

[21] . المصدر السابق. ص 28.

[22] . المصدر السابق. ص 28-29.

[23] . المصدر السابق. ص 29.

[24] . المصدر السابق. ص 29.

[25] . المصدر السابق. ص 29.

[26] . المصدر السابق. ص 29.

[27] . المصدر السابق. ص 30.

[28] . المصدر السابق. ص 30.

[29] . المصدر السابق. ص 30.

[30] . المصدر السابق. ص 30.

[31] . المصدر السابق. ص 30.

[32] . المصدر السابق. ص 31.

[33] . عبود، مارون. (2014). وجوه وحكايات. وندسور: هنداوي. ص 7. 

[34] . المصدر السابق. ص 7.

[35] . عبود، مارون. (2013). أحاديث القرية: أقاصيص وذكريات. القاهرة: مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة. ص 134.

[36] . المصدر السابق. ص 127.

[37] . المصدر السابق. ص 135.

[38] . المصدر السابق. ص 135.

[39] . المصدر السابق. ص 135.

[40] . المصدر السابق. ص 135-136.

[41] . المصدر السابق. ص 136.

[42] . المصدر السابق. ص 136.

[43] . المصدر السابق. ص 136.

[44] . المصدر السابق. ص 136.

[45] . المصدر السابق. ص 136.

[46] . نعيمة، ميخائيل. (2011). سَبعُون: حِكاية عُمْر، 1889-1959. الطبعة الثانية عشرة. بيروت: مؤسّسة نوفل. ص 191.

[47] . المصدر السابق. ص 191.

[48] . المصدر السابق. ص 192.

[49] . المصدر السابق. ص 192.

[50] . المصدر السابق. ص 192.

[51] . المصدر السابق. ص 192.

[52] . المصدر السابق. ص 192-193.

[53] . المصدر السابق. ص 193.

[54] . المصدر السابق. ص 193.

[55] . المصدر السابق. ص 193.

[56] . المصدر السابق. ص 193.

[57] . المصدر السابق. ص 193.

[58] . المصدر السابق. ص 193.

[59] . المصدر السابق. ص 193-194.

[60] . المصدر السابق. ص 194.

[61] . عبّاس، إحسان. (2006). غربة الراعي: سيرة ذاتية. الإصدار الثاني. عمّان: دار الشروق للنشر والتوزيع. ص 113.

[62] . المصدر السابق. ص 113.

[63] . المصدر السابق. ص 113.

[64] . المصدر السابق. ص 113.

[65] . المصدر السابق. ص 114.

[66] . المصدر السابق. ص 114.

[67] . المصدر السابق. ص 114.

[68] . المصدر السابق. ص 114.

[69] . المصدر السابق. ص 114.

[70] . فريحة، أنيس. (1989). قبل أن أنسى. الطبعة الثانية. طرابلس: جروس برس. ص 64.

[71] . المصدر السابق. ص 64.

[72] . المصدر السابق. ص 64-65.

[73] . المصدر السابق. ص 67.

[74] . المصدر السابق. ص 67.

[75] . المصدر السابق. ص 67.

[76] . المصدر السابق. ص 67.

[77] . المصدر السابق. ص 67.

[78] . المصدر السابق. ص 67.

[79] . المصدر السابق. ص 67.

[80] . المصدر السابق. ص 67.

[81] . المصدر السابق. ص 67.

[82] . المصدر السابق. ص 71.

[83] . المصدر السابق. ص 71.

[84] . المصدر السابق. ص 71.

[85] . المصدر السابق. ص 71.

[86] . المصدر السابق. ص 67.

[87] . المصدر السابق. ص 71.

[88] . المصدر السابق. ص 71.

[89] . المصدر السابق. ص 72.

[90] . المصدر السابق. ص 74.

[91] . المصدر السابق. ص 74.

[92] . المصدر السابق. ص 74.

[93] . المصدر السابق. ص 74.

[94] . المصدر السابق. ص 74.

[95] . المصدر السابق. ص 74.

[96] . المصدر السابق. ص 74.

[97] . المصدر السابق. ص 74.

[98] . المصدر السابق. ص 74.

[99] . المصدر السابق. ص 62.

[100] . المصدر السابق. ص 75.

[101] . المصدر السابق. ص 75.

[102] . المصدر السابق. ص 75.

[103] . سلام الخالدي، عنبرة. (1978). جولة في الذكريات بين لبنان وفلسطين. بيروت: دار النهار للنشر. ص 29.

[104] . المازني، إبراهيم عبد القادر. (2010). قصة حياة. وندسور: مؤسسة هنداوي. ص 17.

مقالات من نفس القسم