سيمون دو بوفوار: رسائل إلى نيلسون ألغرين (الرسالة الثانية)

سيمون دي بوفوار
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

ترجمة: سعيد بوخليط

 سنة 1947: سيمون دو بوفوار في الولايات المتحدة الأمريكية: 

بدعوة من جامعات أمريكية عديدة، سافرت سيمون دو بوفوار إلى الولايات المتحدة الأمريكية، بحيث مكثت هناك طيلة الفترة الممتدة من شهر يناير غاية ماي.

خلال شهر فبراير، في نيويورك، التمست ماري غولدستين من صديقها نيلسون ألغرين، حين زيارته مدينة شيكاغو، الذهاب قصد التعرف على الكاتبة.

فعلا اجتمع بها وقضيا معا ليلة، وعند ظهيرة اليوم التالي، اصطحب ألغرين بوفوار في جولة شملت أحياء المدينة المهمشة، وكذا حانات الحي البولوني.

بعد ذلك،  أخذت بوفوار القطار المتجه إلى لوس أنجلس.

 

                            (الرسالة الثانية )

صديقي العزيز،

حينما عدت من السفر إلى كاليفورنيا، صادفت رسالتكم وكذا هدية الكتب.أتدرون، لقد بحثت عن عناوين تلك الكتب عبر مختلف الوكالات التجارية لفندق بالمر هاوس، لكني أصبت بخيبة كبيرة جراء فشلي في العثور عليها، ليس فقط لأني أتوخى قراءتها، بل لكونها نفحة منكم، مما جعلها لدي ثمينة.لذلك، تغمرني سعادة حقيقية لأنها حاليا ماثلة بين يدي، بجانب الرسالة.

لازلت غير متأكدة هل سيكون بوسعي القدوم إلى شيكاغو شهر أبريل، بحيث تقتضي الفترة الحالية مني تقديم محاضرات عديدة في نيويورك.لكن عموما، أنا شبه متيقنة من عودتي السنة المقبلة إلى أمريكا.ذلك، أن أصدقائي المتواجدين في لوس أنجلس سيبيعون روايتي الأخيرة(1)إلى منتج سينمائي؛وأنا سعيدة لهذا الأمر، بالتالي يمكنني الرجوع لقضاء فترة طويلة وخلالها أتدبّر حيثيات مسألة المكوث قليلا في شيكاغو.

هل ترغبون حقا في السفر إلى باريس؟سأصطحبكم بسرور قصد اكتشاف تفاصيل المدينة.أتطلع قبل كل شيء للحصول على روايتكم(2)، حاولوا من فضلكم توفيرها إلي.

لقد أعجبتني كاليفورنيا كثيرا، ثم سان فرانسيسكو بمناظرها الرائعة ومدى لطف أهلها.التقيت هناك ثانية أفضل صديقة لي(3)، وقد انقطع الوصال معها طيلة سنة كاملة، بعد مغادرتها باريس لدواعي زواجها من أمريكي.

تمكنت من الاطلاع قليلا على مضمون رواية توماس وولف (4)،  لابأس.غير أني سأتذكر باستمرار شارع شيكاغو(5)، والحانات الصغيرة القابعة في الحي البولوني، ثم الرياح الباردة:لن أنسى قط تلك الأجواء.

إلى اللقاء.سعيدة بهذه الفرصة التي أتاحت إلي إمكانية التعرف إليكم ومتيقنة من أننا سنلتقي مجددا، سواء خلال هذه السنة أو العام المقبل.

                                              سيمون دو بوفوار.  

…………    

(1)رواية: جميع البشر زائلون(1946)

(2)رواية: لاتأتي أبدا أيها الصباح(1942)

(3)المقصود هنا،  شخصية: ناتالي سوروكين

 (4)رواية ملاك منبوذ(1940)

(5)شارع يمثل ملاذا للمتشردين والمتسكعين والذين بلا مأوى

 

 *المصدر: رسائل سيمون دو بوفوار،  غاليمار، 1997.

        

مقالات من نفس القسم