سعدي يوسف
سونَيت
أرى الصفصافَ في شمسِ الغروبِ
يُحَيِّيني، أرقَّ من الصباحِ
هل الأشياءُ تَنزَعُ في المغيبِ
غلائلَها، مخضّبةَ الجِراحِ؟
*
أرى ماءَ البُحيرةِ من بعيدٍ
يرفرفُ بالزوارقِ والغصونِ
فيا امرأتي: ثِقي بِغَدٍ سعيدِ
ولا تَمضي مع الثوبِ الحزينِ
*
نثيرُ الثلجِ يحملُهُ النسيمُ
إلى ألواحِ نافذتي، فأرنو
إلى الأشجارِ تهدأُ إذْ تغيمُ
أتستبقُ الربيعَ ؟ هناكَ غُصنُ !
*
ستأتيني السناجبُ والطيورُ
وتتبَعُ موكبي أنّى أسيرُ…
الحركة الأولى
صفصافةٌ خضراءُ
كان الماءُ يدنو من ضفائرِها، ويهمسُ:
يا حبيبةُ
ظَلّليني…
إني سئِمْتُ العُرْيَ تحتَ الشمسِ؛
هذي الشمسُ باردةٌ،
فيا صفصافتي الخضراء
يا عَلـمَ الضواحي:
دفِّئيني!
الحركة الثانية
صفصافةٌ زرقاءُ
كان الغيمُ يهبطُ، مثقَلاً برطوبةٍ زرقاءَ،
والصفصافةُ الزرقاءُ دلّتْ في القناةِ ضفائرَ النُّعْمى،
وكان الماءُ مُحْتفِياً :
لقد صيّرْتِني، كالحُـلمِ، أزرقَ!
فلْتكوني، دائماً، عندي…
كأنّ أميرةَ الصفصافِ قد سمِعتْ
فها هي ذي… أطاعتْ !
إنّ هذا الكونَ أزرق…
الحركة الثالثة
صفصافةٌ بيضاءُ
كان العشبُ في ممشى القناةِ
مُكلَّلاً بالثلجِ،
كان الماءُ أبيضَ، ناصعاً، ثلجاً
وهاهي ذي تَـتيهُ كشأنِها
صفصافتي البيضاءُ،
هاهي ذي تُدَلِّي في القناةِ غصونَها
بِيضاً،
وتهمسُ :
أيُّ معجزةٍ !
لقد صارَ السبيلُ الفظُّ أبيضْ…
……
لندن في 19.11.2020