حسين عبد الرحيم
وكان كل مايشغله بعد فوات كل هذه السنوات
وهو الجالس القرفصاء فوق الصخور الصلدة،
يسأل نفسه
كيف عبر الأصدقاء من هنا عبر سواتر من
حديد وغمام وضباب، وصراخ موج البحر،
فصاروا يتأرجحون بعيدا في بلاد تراها ولا تراهم؟!
صار حتى لحظته هذه ما بين الحلم والحقيقة.
بلا يقين يذكر إلا ماتركوه عليه، سيجارة تنفث دخانا أزرق
تحجب إحصاء الأعمار، بين من ذهبوا، ومن مكثوا،
يتبادلون الذكريات في صمت بحواس فاترة،
لتمر أطياف الأوطان في سكينة الذاكرة.
ثلاثون عاما والعبور إلى امريكا عبر الحدود المكسسيكية في العام 90 يقول حسن علام لممحمد القدس، كييف ستعببر ل لومببارديا في هذا الصقييع والمراكب الغرقي وجنود الضفادع البشرية يجوبون المراسى بشارات ضوئية باحثين عن جثث الموتى والمفقودين.
يقول ونيس في نفسه وقد التهمته الوحدة والطلل للذكريات غارقا في دموعه مسستعيدا ما كان وولى:
“من هنا مروا ومررنا سويا وجلسنا على الرمال ليلا نبعث برسائل حب وعشق
لأوطان لا تعرفنا، لبشر يقفون طيلة الليالي متأهيون للسفر إلي بلاد موغلة في الساحل
الغربي”.
عاد يستطلع مامضي طارق البرديسي ونفر من أهل كايرو يفتتح أول العرب فجرا.والفئران تتبادل القفز من بيت لآخر، في الجربين كنا وصراخ الست أم الزوز. شخرة السابعة مع سحب اول نفس من السيجارة الروثمان.وحسن علام يعود بعد منتصف الليل وقد أبلغنا خبر الفرار إلي كندا ليلة العام تسعين. وصفارة تطلق في ستاد باليرمو، وهو يجري في الأحراش.يثقب ثلوج الحدود الدافئة بعض الشيء. والفنار القديم تحرك طواحينه رياح العبث.وجديدنا يدور في أفلاكه باحثا عن مرسى، وسهرة صباحي في الكبائن، وبعيد تصطخب الجلبة وتخبو ويبقى السمر في “إيلاندبيتش”.
كان العام الثامن والثمانون بعد الألف وتسعمائة. وطيف عابر تحت مصباح قديم لمخرج يتسلل بعيدا عن الضوء، يصطحب فتاة تعمل بالتمثيل، تؤدي دور إيفيتا على وقع اصطدام الموج بصخور لا تلين.وفيلم سكس. وضحكة خجل. وشيشة بتدور، وغضاضة رائحة الفحم، وشبورة البيرة الإستيلا من طما دي لابوست، ووشيش _ آت من بعيد يخترق أذن الفاصل في ملكوته. ينصت لنفير في الغاطس.عندما تخلص البرديسي من الكاوبوي ال lee وارتدت الشورت أل zara.، برتقالي كان الزمن. وعاطفة رومانتيكية تغويني قرب طرح البحر،عندما غنى المغيب بيأس قبل نادي الضباط.وسلام سلاح للتي مرت بهفهفة نغمة منير وقد شبكت أناملها في يد العاشق الخجول في غفلة من الحراس قرب ثكنة اللواء طيار.
وسلام وتحية من أحمد المناويشي قائد البرديسي في الكتيبة الصفراء.ورنة جرس وشخاليل في بدء الليل.تحت بلوكات الجمهورية وقت الغنج ليلة الجمعة.وطارق يقول في سكرة:
ـ زمانه عبر الحدود.؟!!
شاشات التلفاز السوني تستعرض أحداث العام المنقضي وتقارير جمة وفضائح مخملية تفيد باقتراب الفايد من العرش البريطاني رويدا رويدا، وضحكة الجهل يتبعها عبوث، يدخل عادل البرنس بصنف جديد بختم بلبيسي ولفة سيناوي شبه الدمور، ظاهرة من أول قطفة على جوزة نحاس.ويظهر الإستاد من بعيد في مرمي بقع ضوئية.دخان أزرق يتسلل من الكبائن جهة شارع عاطف السادات.وحميد الشاعري على خطوة بنت فاتنة ومفتونة بالدلال رمت كعب القدم بسحر الغرام أحمر.يالالاالي.، يالالالي، وين بعادك وين يا غايب عن عيني.فودكا ونبيذ أحمر هولندي قرب (دالاس. وتوست التونة وكايزر الهمبورجروكبده بلدي، وفلفل حرف وطرشي.وكانز، وباقي واحدة ملفوفة من سهرة الأمس، وأفخاذ عارية ترفع على المساند في الظلام.بجانب أطلس، وتدحرج وجرى الرمان وكان الزمان وعقارب السيتزن تضيء الحادية عشر مساءً.وهواء من الجنة يخترق حواسي كلها فأنتشي وكدت أغني، الكون كله بيدوووور.، وشفرات تواصل يعبر بها الهوى من مسامات الفؤاد فتحط على صخرتنا الكبيرة التي نلتقي حولها منذ ثلاثون عاما.ننفذ من سياج الصخور تحت بصر حراس الليال المخملية في شرفات مغلقة.نرتحل بأرواح خمسة وأنفس لاتعد وعزائم لاتلين.وثمة أحلام قديمة خارت وقتما دخل سامي الطحان يبلغنا بإلغاء تأشيرة البدري والقاء القبض عليه بمكتب سفريات بالتوفيقية وتطاحنه مع أحد السماسرة ومشاجرة دموية يفقد على أثرها عينه اليسرى للأبد.
……………
*من “يوميات البناية”