في البعيد، البعيد. كان الساحر نيشارجورجي يغني كلمات سحرية مع الصفير وقرع الطبول، وهو يتجول فوق البحيرات الثلجية. جلس تحت شجرة الصنوبر الملتوية ليستريح ويسوى عشاءه من لحم الغزال.
وفي أثناء جلوسه تعرض له الساحر الشرير شيبلم وهو الساحر المساعد للابنة الشريرة للقمر. وقامت معركة ببن قوى الخير وقوى الشر. ليستعمل كلاهما قوته في معركة كبيرة لكي ينتصر على الآخر”.
“ثم حولوا أنفسهم إلى سحب رعدية مخيفة. وأخذوا يمطرون على بعضهم البعض. وانتهوا بمعركة وحشية كان يسمع فيها صوت طوفان عظيم، وكانت السماء سوداء”.
تحولا إلى غزلان برية، ثم إلى ثعاببن، وأخيرا تحول الساحر الشرير إلى طائر ضخم بينما أصبح الساحر الطيب نسراً صعد إلى السماء وانقض على الطائر الشرير وسقط به إلى الأرض. ليصرخ الساحر الشرير شيبلم: “الآن أخذت كل قوتي”.
كانت هذه من حكاية “معركة السحرة”، وهي حكاية مدهشة ضمن كتاب “عجائب الحكايات من سحرة البلطيق”، وهي حكايات سحرية تم جمعها وأعاد تقديمها الكاتب فرانسيس جنكينز أولكت. الحكايات الأسطورية منتقاة من البلاد الموجودة على سواحل منطقة بحر البلطيق، شمال أوروبا ، مثل لابلاند وفنلندا واستونيا ولاتفيا وليتوانيا.
تحكي القصص الفلكلورية المختارة عن السحر والسحرة الشعبيين، كما يذكر الكتاب أن الشامان أو الطبيب الساحر هو أحد شخصيات الحكايات الرئيسية، فعمله يعتمد على الحيلة ومخاوف الناس وايمانهم .. ويعالجهم ويقدم ألاعيبه في طقس خلفيته من الصفير واستعمال الطبول ومواجهة الأرواح الشريرة أو الطيبة.
تتنوع الحكايات في الكتاب ما بين الأغاني الشعبية الموسيقية والحكايات السحرية والأساطير الرومانسية. وعرض الكتاب من كل بلد مجموعة حكايات، فقدم من لابلاند حكايات، مثل: معركة السحرة، العملاق الذي لا يحب العظام، الأولاد الذين لم يحصلوا على البقرة السحرية. ومن فنلندا قدم: الغناء السحري، العذراء المختبئة وعذراء قوس قزح. وكانت الحكايات الفلكلورية من أستونيا، هي: السيف المغني، عذراء طريق الحليب. ومن حكايات لاتفيا كانت السيف الذهبي، ومن ليتوانيا حكايات مثل: رجل فقير ولا يكفي. وحكايات وأغنيات شعبية غيرهم.
وألحق بالكتاب فصل عن تاريخ بحر البلطيق، وشعوب بحر البلطيق اليوم، بالإضافة إلى قاموس مصغر عن المفاهيم الغريبة في تلك المنطقة. ويكشف المؤلف فرانسيس جنكينز أولكت عن سر تأليفه الكتاب في الإهداء، فيكتب: “إلى ألبرت فون جولين.. رجل حديدي وأحد أبطال فنلندا ، الذي قتل أثناء الثورة بعد الحرب الأخيرة لمواقفه البطولية والذي كان أول شخص يجذبني إلى فنلندا والبلطيق. لذا ربما يستطيع هذا الكتاب أن يكون تكريما لذكراه” . وقد نشرت هذه الحكايات لأول مرة عام 1928، وأعاد تقديمها المؤلف فرانسيس جنكينز أولكت مؤخرا في 2017 تحت عنوان “عجائب حكايات من سحرة البلطيق“.
يذكر أن صورة الغلاف لأكسيلي جالين (1865- 1931) وهي لوحة معلقة في متحف الفن بفنلندا.
عن الكتاب:
الكتاب: عجائب حكايات من سحرة البلطيق
المؤلف: فرانسيس جنكينز أولكت
سنة النشر: 2017