هكذا خرج جدى من المدينة وهو لايملك سوى زرقميص مقطوع ولؤلؤة ..كان جدى قد خبأ اللؤلؤة فى المكان الوحيد الذى لايمكن أن يخطر على بال جن أو حاكم طماع ..فى قلبه رحل جدى مع نور الصباح قذفه الحاكم فى أول مركب مغادرة ..وكانت المركب تسوقها جنية بكرباج نحو مصير لايعلمه أحد سواه ..لم يعترض جدى رغم ظلم الجنية التى لم تكن تسخر البحارة فى عمل شاق ولاتطعمهم سوى الزيت ..لكن جدى لم يكن ثائرا ..كان فقط فى بساطة الندى ورسوخ الجبل..لذا عمل جدى بسعادة وبقوة أغاظت الجنية كثيرا ..كان هدف جدى أكثر عمقا من أن يثور على جنية بكرباج ..كان يرغب فى الوصول إلى الشاطىء بأمان ليبدأ معه حياة حقيقية يملك فيها الريح ويسخر فيها النمل لأمره ..لكن الجنية التى أغاظها أن كرباجها يجلب لجدى ابتسامات وضحكات أكثر ..فرمته من مركبها ..ثم لسعت الجنية الريح بالكرباج فثارت الريح وركلت البحر الذى ظل يلطم جدى بقوة مقررا ابتلاعه ..لكن جدى تعلق بزر قميص مقطوع ..ايام وراء أيام والبحر يحاول ابتلاعه ..يأس البحر بعد أن علم أن جدى السيد أبو كامل فى بساطة الندى ورسوخ الجبل فسلمه إلى الشاطىء..شاطىء مدينة كهرمان أفاق جدى بعد ليلة مر عليها قمران أحدهما لانارة المدينة والآخر لرؤية جدى السيد كامل الذى تحدثت عنه النبوءة ..رجل لايملك من الدنيا سوى زرقميص مقطوع ويخبىء لؤلؤة فى قلبه ..سيدخل مدينة “كهرمان ” ليحرر حبة قمح ويزين المدينة بالأشرطة الملونة عندما أفاق جدى وجد نفسه فى بيت بسيط يملكه شيخ عجوز يدعى “موسى “وله ابنة حسناء تدعى “ورد الجناين “..التى صارت فيما بعد جدتى ..وقع جدى السيد أبو كامل فى غرام جدتى “ورد الجناين ” ببساطة الندى ورسوخ الجبل ..وكان أباها شيخا يعمل فى زراعة القمح ..وكان يملك فدانا بجوار قصر حاكم مدينة “كهرمان “..لكن حاكم المدينة رأى ذات يوم أن سنابل القمح تفسد عليه منظر الصباح ..لذا قرر أن يعدم كل حبات القمح فى المدينة وأصدر مرسوما يقضى “أن لاتنبت حبات القمح “..لكن حبة قمح وحيدة فى فدان الشيخ عصت مرسوم الحاكم ونبتت سنبلة فتية ..فأمر الحاكم بحبسها ..عرف جدى الحدوتة لكنه لم يثور لذات السبب الذى شرحناه عدة مرات ..قامت “ورد الجناين ” بتمريض جدى حتى استعاد صحته فوقع فى غرامها أكثر وأكثر ..وعرض على الشيخ أن يتزوجها ومهرها زرقميص مقطوع ومؤخر صداقها لؤلؤة فى قلبه ..فتزوج جدى السيد أبو كامل من جدتى ورد الجناين ..ومات الشيخ بعد ان اطمأن ان ابنته صار فى عصمة رجل فى بساطة الندى ورسوخ الجبل كانت الأيام الأولى فى زاواجهما سعيدة وعمل جدى فى بيع التفاصيل البسيطة ..لم تلق بضاعته رواجا فى البداية ..لكن مع الوقت اجتذب إليه عددا كبيرا من الناس ..باع جدى الفيونكات ونباتات الزينة ..أما اختراعه الكبير الذى جلب إليه المال والحب ..فقد كان بسيطا “أحمر شفاه”..جمع جدى مبلغا كبيرا ..وجد نفسه يبنى به طاحونة ..لطمت جدتى لأن لا أحد فى المدينة يحتاج إلى طاحونة فى مدينة تحبس حبة قمح ..جدى نفسه لم يكن يعلم لماذا أهدر أمواله على طاحونة لن يحتاجها أحد ..شرع جدى فى بناء واحده ..حتى اكتملت ..لكن الأغرب كان الموقع الذى اختاره جدى للطاحونة فقد كان أمام قصر الحاكم مباشرة ..جدى –كما تعلمون لم يكن ثائرا –لكنه قال لجدتى :الأمر ليس بيدى..ولكن على أن أجلب الحرية لحبة قمح ..كان جدى حقا لا يدرك لم قال تلك العبارة أو لم بنى الطاحونة ..فتح الحاكم شباك قصره ليجد الطاحونة ..فثاروأمر باحراق الفاعل ..أتوا بجدى الذى كان يدهن الهواء بعبارة واحدة “الحرية لحبة قمح “..فى ساحة المدينة أشعلوا النار ليلقوا فيها جدى السيد أبو كامل ..لكن السحاب أمطر قمحا فأطفأ النار..هكذا حاولوا اشعالها عدة مرات وفى كل مرة كان مطر حبات القمح يطفىء النار ..فجن الحاكم ..اما الناس فلقبوا جدى بالثائر رغم أنه لم يكن كذلك ..وملأوا جيوبهم بحبات القمح التى أمطرتها السحاب وظلوا يقذفون بها الحاكم ..حتى طردوه من مدينة كهرمان ..وحرروا حبة القمح المحبوسة فى قصره ..وأعلنوها حاكما لمدينة “كهرمان “..أما جدى فصار غنيا ..بعد أن راجت تجارته فى بيع التفاصيل البسيطة وبيع أحمر الشفاه ثم علم المدينة وضع الأشرطة الملونة فصارت أبهى واصبح جدى أغنى وأغنى ..وذات يوم أهدى حبة القمح طبق كشرى جميل ..لم تكن المدن تعرف بعد أن قليل من الحمص والبصل المحروق فوق طبق الكشرى يجعله أجمل ..حبة القمح ردت الجميل إلى جدى السيد أبو كامل ووهبته قصرا من الأحجار الكريمة هدية له على لأنه جعل المدينة تدرك قيمة الأشرطة الملونة