غير أن علاء خالد في أطول أعماله لم يقترف ما يشجع على الدحض أو الإحالة. ليس سوى بضع عثرات تحريرية – في ترتيب بعض الفصول، في تكرار كلمة (كان) كمفتتح لكل جملة بامتداد فقرة كاملة، في إضغام عبارات رؤيوية رائعة كانت لتبرق لو أُحسن تأطيرها – تؤخذ على عمل سائغ بدرجة غير عادية بمقاييس (الكتابة الجادة)، ممتع على أبسط مستويات القراءة وأقربها إلى سطح الوعي: ككلام عادي عن ناس عاديين، ربما، ولكن أيضاً كسلة حواديت (واقعية) تبدأ بعودة الجد المهاجر مهزوماً إلى الإسكندرية من هيام في صحراء شمال أفريقيا وتنتهي بالزواج أو موت الأم أو ربما فقط هذه الكتابة. المتعة حاصلة على الرغم من عمق ما يؤديه علاء خالد من مهام مع طرح شخوص مقنعة ومتعددة الدلالة والتأريخ لمجتمع الإسكندرية في ثمانينيات القرن العشرين بالذات. ولا شك أن حجم (ألم خفيف) الضخم مقارنة بالغالبية العظمى مما أقام أود (الانفجار الروائي) في السنين الأخيرة يفضح مَرَضيّة هاجس التكثيف الموروث وما بات يقترن به من ضحالة واستسهال، كما يجب اتهاماً وجه إلى الروائيين المصريين الجدد بأنهم عداؤون قصيرو النفس. إنه النص المستفيض الماثل أمام (القارئ العادي)، وهو من هذه الزاوية أيضاً الانعكاس الأبهى لصورة علاء خالد عن الوضع الإنساني.
إنها صورة تعكس هشاشة وتناقض وربما نرجسية الطبقة المتوسطة – حرصها البادي على بقاء الحال، وحالها هي بالتحديد، على ما هو عليه – لكنها في الوقت نفسه صورة تتجاوز الشرط التاريخي إلى تعدد إنساني وانفتاح على فضاءات روحية ونفسية من شأنها أن تجعل للحياة، وحياة الطبقة المتوسطة بالذات، معنى يعيننا كتاباً وقراء على أن نعيشها.