البهاء حسين
:
قلتُ للصليب على صدركِ
وفى سيارتك
ما يقوله المارَّةُ لبعضهم بطرف العين
حين لا يتبادلون سوى نظرةٍ
تَشفى الفضول
ثم يمضى كلٌ لحاله .
قلتُ لصدركِ، وهو يترجرجُ عند المطبّات
كلَّ شىء
لخدّكِ
كلَ ما يمكنُ أن تقوله الأصابع لخدّ حبيبٍ يحتضر
لكنكِ عاملتِ الموتَ بحسن نية
كأنه قطكِ المدلل
:
يا لكِ من إنسانةٍ نزقة
وهبتْ لقطٍ واحدٍ حجرات البيت الثلاث
فُرجةَ النهدين، حضنَها كلّه
وتركتْ لىَ الشرفة.
،،
كلَّ يوم
أسألُ من يمرُّ من تحتى
عن صليبٍ فضىّ، يتأرجحُ فى مرآة السيارة،
كأنه طفلٌ يصفّق
كلما نجا من حفرة.
:
أسألُ عنكِ طوبَ الأرض
القطط
كلَّ الكلابِ الضَالة
كنتِ تحكّين جلدكِ وتنشّين ذباباً لا وجودَ له
كلما رأيتِ كلباً أجربَ يتهارشُ بالحائط
كم تعذبتِ من أجل الكلاب ، كأنك منهم
كأنهم ” طريقتك الوحيدة لفهم نفسك”
كأنهم أطفالك الصغار .
:
أسألُ عن سنواتكِ الخمسين ، لماذا تركتها عهدة فى ذمتى
هى وألبومك الأبيض
لعلكِ تريدينَ منى أن أجوبَ ملامحكِ الحزينةَ
أن أُعدِّل هيئتكِ فى اللقطاتِ التى لا تعجبك
أن أحرسَك من الكرمشة التى بدأتْ تتسربُ إلى صورك
ربما تريدينَ منى تحديثَ ابتسامتكِ التى أجبرتك عليها الفلاشات
فى حفل الزفاف
ربما أردتِنى أن أبعدَ أطفالكِ عن حافة البراويز
مخافة أن يسقطوا منها
أو أن أصبَّ اللبنَ لـقطتك الصغيرةِ ” مريم “
فى الوعاء الفارغ بالصورة
وربما تريدين أن تنامى على جنبك الآخر
من يعلمُ، يا أخت روحى
فيمَ يفكر الموتى؟
على كل تنبح الكلاب على الشرفة الخالية منك
لتدلنى على رغبتك
تفصح الكلاب عن رغبات أصحابها بالنباح
يفصح الحنين عن نفسه
فى هزَّة الذيل .
:
كم سألتُ عن قوسِ قزح
عن السُّحب وهى تتصادم فى السماء
من دون صوت .
عن اللون الواحد للفساتين
فى دولابك .
يا ما سألتُ عن قبرٍ يستحق عظامك
قبرٍ نتبادل فيه الأدوار
كلما عَنَّ لى أن أموت
ولم أجد أفضلَ من الشرفة.