3.
ما اسمهُ المطر؟
لأوّلِ مَرّةٍ سألتُ نَفْسي.
وإذ لم تُجبْ،
سألتُ الغيمةَ الواقفةَ بلا مُبالاةٍ
فوقَ رأسي:
ما اسمهُ المطر؟
4.
لم تُجب الغيمةُ أيضاً.
ظلّتْ مُستمتعةً بلا مُبالاتها
غيرَ أنّها رشقتْني
برشقاتٍ قويّةٍ مِن المطر
بلّلتْ ذاكرتي وروحي وثيابي.
5.
صحتُ: ما اسمهُ المطر؟
قالت الغيمةُ فجأةً: أيّ مطر؟
قلتُ لها: مطر بغداد،
مطر الفرات،
مطر الحرمان،
مطر السفارةِ الثلجيّة،
مطر السجن،
مطر البلدِ البعيد.
6.
رشقتني الغيمةُ مُجدّداً
بالمزيدِ مِن المطر
وبالمزيدِ مِن الضياع.
المزيد مِن المطر
على رأسي الذي شيّبتهُ الحروب،
والمزيد مِن المطر
على قلبي الذي أحاطتْ
به الحروفُ مِن كلّ جانب.
7.
مطرُ بغداد،
قالت الغيمة،
اسمهُ: اللعنة.
8.
مطرُ الفرات،
قالت الغيمة،
اسمهُ: الدمعة.
9.
مطرُ الحرمان،
ولم يزل الكلامُ للغيمة،
اسمهُ: المرأة.
10.
مطرُ السفارةِ الثلجيّة
اسمهُ: الخيبة.
11.
مطرُ السجن
اسمهُ: الطعنة.
12.
مطرُ البلدِ البعيد
اسمهُ: الضحكُ الأسْوَد.
13.
هكذا قالت الغيمة.
14.
إذن، شكراً بغداد.
وصلتْ لعنتُك
وترجمتُها إلى سبعين لغة حيّة ومنقرضة.
15.
شكراً للفرات.
وصلتْ دمعتُك
فحاولَ أنْ يسرقها منّي الشاعرُ الدعيّ
والشاعرُ المُرائي والشاعرُ الكذّاب.
وحينَ رفعتُ يديَّ إلى السماء
عادتْ إليَّ دمعتي
بعشراتِ القصائد الباكية.
16.
شكراً للحرمان.
وصلتْ نقطةُ حرفِك
امرأةً طلسمتْ كلَّ جمالِ الأرض
وكلَّ عذابه
وكلَّ أمطاره.
17.
شكراً للسفارةِ الثلجيّة.
لكنّي لم أجدْ ترجمةً مُناسِبة
لكلمةِ: “الخيبة” في كتابِ الأمطار.
18.
شكراً للسجن.
وصلتْ طعنتُكَ فأحرقتْ
ما تبقّى مِن كبدي.
19.
شكراً للبلدِ البعيد.
وصلتْ ضحكتُكَ السوداء
أبجديّةً لا تنتهي مِن الدموع،
أبجديّةً لا تنتهي مِن المطر.