ديوان “مقهى صغير لأرامل ماركس” لـ أشرف يوسف
كتب عنه أسامة حبشي في الأهرام
هذا المقهي الصغير برغم تعدد أقسامه يعد قصيدة نثر مطولة لهمسات، مهموسة أحيانا ومرتفعة فى أحيان أخري، من أجل التذكر على حد قول نجيب محفوظ، ومن المعتاد أن يكون السرد بروح الشعر ولكن أن نجد الشعر بروح السرد فإن ذلك غريب، والحقيقة أن بعض تجارب الشاعر وديع سعادة كانت هكذا، وهنا بديوان"مقهي صغير لأرامل ماركس" نجد بعض قصائده تأخذك للحيز السردى كقصيدة لسان لأنوثة بداخلي" شملني الحزن فى تلك اللحظة، التي تلفتَ حولي فتي شبيه بكَ، كأن روحك ألقت بين يدي مصادفة فى مقهي صغير.. ولكنه لم يكن أنت عندما أطلت النظر ساهمة، وعرفت أن روحي تطال بلسان داخلي "ص 91".
فى الديوان يتجاور المرئي وغير المرئي، تختلط الأصوات لتخرج لنا مدن الصوت بأشكالها المختلفة، وبالأحري مدن الليل تحديدا، كل قصيدة وكأنها سلمة تفضي إلي أخري كى نصل لسطح الأفكار والتخيل، تجاور مرعب، وكأن القصيدة مابعد الحداثية تنفذ من بين الصفحات، ولكن هناك ما هو أبعد من مابعد الحداثة، "هناك بين السحب في الأعالي، مدينة متخيلة داخل رأس مدمن "ص 22"، "الموظفون يا أخانا القواد أكلوا المدينة.. أكلوها علي إيقاع المساءات الرتيبة للزحام" إن الديوان يدخل فى دائرة الحداثة الزائفة - التى أعلنتْ موت مابعد الحدثة- التى أنهت مشهدية الفرد الذي يجلس عاجزاً ويبدأ بطرح الأسئلة عن الحقيقة كإشكاليات، والحداثة الزائفة، تجعل من مشاركة الفرد شرطاً ضرورياً لتكوين المنتج الثقافي، وهذا يشمل كل النصوص، التي يحدد محتواها وديناميكيتها المتلقي.
وكتب عنه "عبد النبي فرج" في القدس العربي
في هذا الديوان يحتل الحلم مساحة كبيرة تكاد تغطي المتتالية؛ لارتباط السرد الشعري بشخوص هشة كسرتها الحياة، منها من استسلم وأدار ظهره للبشر والمدينة والغناء والرقص، إلى الحلم بحياة أخرى في عالم آخر، وهناك من صمد في وجه القبح، أي قبح، البشر، السلطة، بقوة الحلم والخيال، فإذا كان الواقع فاسدا ظالما ومرا، والإنسان فيه غير قادر على تحقيق أبسط متطلباته، نتيجة لسلطة هذا الواقع المدمرة إنسانيا وأخلاقيا، فالحلم والثورة هما الوسيلتان الوحيدتان لتخطي هذا الواقع، قد تتأخر الثورة، وقد تلغى، وقد تغيب، لكن الحلم دائما يحضر، و«يجن الإنسان حينما يمنع من الحلم» على حد تعبير بودلير. إن الحلم هو الوجه الآخر للشعر كما يرى هربرت ريد، و«لو استطعنا أن نروي أحلامنا لأمكننا أن نروي شعرا متواصلا
«لا تُلق بالحجارة.. انتظر حتى نتجمع في نقطة فنحن قلة وضعاف وصغار وحلم تجزأ إلى لقطات متقطعة كأنه شبه نائم وممد فوق سرير محاط ببقايا زبالة يومه الفائت وكأنه شبه نائم بلا شيء يراه ويصدق أنه رآه ولم يكن جزءا من خيال ولم « نتذكر أنه حلم».
أشرف يوسف شاعر إنساني ينشد كدرويش أناشيد ملتاعة؛ مستفيدا من التراث التوراتي للتعبير عن الشغف، عن النسيان، عن الروح المنتهكة، من خلال بنية مفتوحة لتستوعب هذا الحشد الكبير من الشخوص والرؤى والرموز والأسئلة، في لغة صافية حسية رقراقة، وعلى قد «الحالة»،من دون تزيد أو تقطير.
«شّلحوني يا أوغاد خيالاتي المريضة
بودّي أن أسير عارية في حمى حبيبي
ويقال عنه عنين أحب امرأة باهرة الجمال
ويقال عني بلهاء سباني رجل أحمق ذو لسان طويل
للذود عن مفاتني
أنا ذات القدمين الثوريتين
لم أكن له سوى بيت ومدينة
للحاق بالباص الإلهي»
وكتب الناقد "يسري عبد الله" في الحياة اللندنية
ثمة نزوع إيروتيكي في الديوان، يحضر بوصفه معطى حياتياً وجمالياً في آن، ويسهم في تنويع الأداءات اللغوية المتعددة داخل القصائد، ويبدو انحيازاً إلى الحياة في مواجهة الموت الذي يتسرب شفيفاً إلى بعض المقاطع. غير أن الانشغال باليومي والمعيش، وبمساءلة العالم، والتنكيل به، وبجدل الغياب والحضور، وبمحبة العدم ومقاومته، يجعلنا أمام فضاء شعري يرتكن إلى النسبي، ويسعى صوب خلخلة القناعات السائدة، ومجابهة المستقر. ولذا يفكك هذا النص العابر للأيديولوجيا على رغم انطلاقه منها، الأشياء والعالم ليعيد صوغهما من دون اعتقاد في امتلاك هذا الوعي الرسولي، بل ثمة رغبة عارمة في كسر الثابت والمألوف.
في «مديح مقهى صغير لأرامل ماركس» نساء مقموعات، وعذابات إنسانية لا تنتهي، وأشواق جارفة، وحياة تسكنها صراعات تتمدد، وبشر على حافة الفعل/ حافة الحياة، يأتي ديوان أشرف يوسف معنياً باستكشاف مساحات مسكوت عنها في النفس البشرية، وولع دال بالإروسية، واستثمار لإمكانات الصوت الشعري المتعدد، عبر خلق أصوات موازية ومتقاطعة، تجعلنا أمام نص بوليفوني بامتياز، جدارته في قدرته على البوح بألسنة مختلفة، فضلاً عن جسارة حقيقية؛ هي في جوهرها ابنة الشعر، ابنة الحياة
الآن يمكنكم تحميل الديوان من >> هنا