دمي ملوث بالحب

موقع الكتابة الثقافي
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

شعر : ياسر الزيات *

لا يبكي، لأنه قد يبدو ضعيفا. لا يحب ولا يكره ولا يحيا، لأنه قد يبدو ضعيفا. لا يأكل ولا يشرب ولا يكتب، لأنه قد يبدو ضعيفا.

المعلق في الطابق التاسع

لا ينتحر.


وضع أمامه رائحتها، وضع عينيها، وجلدها، وشفتيها، وأخذ يكلم نفسه.

أزاح أنبوبة الأوكسجين، والمهدئ، وإبرة الجلوكوز، وأخذ يكلم نفسه.

بكت الممرضة، وعاملة النظافة، والسرير، وأخذ يكلم نفسه.

يكلم نفسه كل يوم، وهو يعمل، وهو يحلق ذقنه، وهو يستمع إلى شتائم السائقين، في الطريق من البيت إلى المستشفى.

***

شاعر أحب امرأة تحب مطربا شهيرا، والمطرب الشهير أحب امرأة تحب الشاعر.

امرأة تشتري زهورا كل يوم لتلقيها تحت قدمي المطرب الشهير.

وامرأة تشتري زهورا كل يوم، وتحملها إلى مستشفى الشاعر.

والشاعر والمطرب الشهير يبكيان كل يوم.

والزهور تذبل

كل يوم.


في المصعد، بالضبط في المصعد، بجوار باب المصعد، وضع يده على صدره، وتألم.

في المصعد التالي، فوق رأسه تماما، وضعوا أيديهم على صدره، فتألم.

قبل المصعد تألم، وعلى السرير تألم. عندما أحبها، وعندما تذكرها، وعندما أراد أن يكرهها

تألم.


قالت له:”اهدأ”. قالت له:” لماذا لم تأخذ المهدئ؟!”. قالت له:” لا تنزع الإبرة مرة ثانية”. قالت له:” لماذا تبدو ضعيفا هكذا؟!”. قالت له:” لماذا تتألم؟!.


” ضعي يدك هنا، ضعيها على هذه اللحظة الأبدية العابرة، وتألمي قليلا”.

وضعتها، وتألمت، وبكت، وتذكرت، ورقدت على القبر المجاور.

لم تأخذ المهدئ، وكانت تتألم.


يقول الطبيب إن دمي ملوث بالحب. وتقول العرافة إن حبي ملوث بالدم. ويقول بائع الجرائد:” تشبه صورتك بالأمس في صفحة الوفيات”. ويقول حفار القبور:” لماذا يتوجع هذا الميت المجنون؟!”

وتقول الملائكة:” ألم نحذرك من تلك الجلطة العاطفية؟!”. وتقول الديدان:” هذا جسد مغشوش بأنوثة غادرة”. وتقول الرائحة:” أنا رائحتان”. ويقول الحب:” أخرجوني من هذا الغبي، إنه يصدق كل شيء”. ويقول الله:” اعزلوه بعيدا عن بقية الموتى”.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* شاعر مصري

 

عودة إلى الملف

مقالات من نفس القسم

علي مجيد البديري
يتبعهم الغاوون
موقع الكتابة

الآثم