دقيقة واحدة.. مقطع من رواية “لا تمت قبل أن تحب”

لا تمت قبل أن تحب
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

محمد الفخراني

 تقول إنك لا يُهِمُّك كَمْ يكون عمرك الذى تُقابل فيه حبيبتك، تقصد حبيبتك التى تعرف أنت أنها هى هى، لا يهمّ لو قابَلْتَها الآن، أو فى الستين أو السبعين أو الثمانين، ولا يُهِمّ وقتها أن يكون عمرها 80 أو 18 أو 100، لا يهمّ، مادُمْتَ تعرف أنها هى هى، تقول إنك لا يُهِمُّك أن تعيش معها سنة واحدة أو شهرًا أو إسبوعًا أو يومًا أو حتى ساعة، ساعة واحدة تكفيك، أو أقل من ساعة، فقط ما يكفى لِتـُحَضِّرا معًا وجبة عشاء صغيرة، أو لتشْرَبا فنجان قهوة، وتتكلَّمان فى شىء عادى وبسيط، بكلمات بسيطة، بدون نظرات عميقة أو خاصة، بدون أسئلة غامضة أو شخصية، أو تَصَرُّفات مفاجِئَة أو مُبَالَغ فيها، بدون أىّ محاولة لإثبات شىء أو نَفْيِه، فقط دقائق بسيطة، بها سلام وخِفَّة ولمسة من طرافة وظُرْف، تقول أن دقيقة واحدة معها ستكفيك، لا يهمُّ كم يكون عمركما، ولا الوقت الذى تقضيانه معًا، لا يهمّ، ما دُمْتَ تعرف أنها حبيبتك التى هى هى.   

ماذا لو قال لك أحدهم: “وماذا ستفعل بالدقيقة يا رومانسى يا اهبل؟”، أتوقَّع أنك تعرف بِمَ تَرُدُّ.. تقول مثلاً أنك تعرف جيدًا ما ستفعله بتلك الدقيقة التى يستهزؤون بها، ويمكنك حتى أن تسألهم عَمَّا فَعَلَه أىّ منهم بسَنَة أو خَمْس أو عَشْر سنوات كانت لديه، تعرف؟ سيكون سؤالكَ قويًّا ومُفَاجِئًا لهم، وستلاحظ هذا بسهولة، لأن أكثرَهم، إنْ لم يكن جميعهم، سيجدون أنهم لم يفعلوا أىّ شىء بسنوات كانت متاحة لهم، أو على الأقل لم يفعلوا شيئًا بوقتٍ كان متاحًا لهم وهو أطول بكثير جدًا من الدقيقة التى تريدها أنت، وتقول أنها كافية لتفعل فيها كل شىء.

طفلة تُحَضِّر لها إفطارها وتُسَرِّح لها شعرها كل صباح.

أنت تريد تلك الدقيقة لتعيشها، ستعرف كيف تعيشها، فالكثيرون كما تقول يفعلون أشياء كثيرة ليس من بينها أن يعيشوا ولو دقيقة.

 هذا ما تريده.. صَحّ؟ دقيقة واحدة تعيشها مع حبيبتك التى تعرف أنت أنها هى هى.

………………

تصدر قريبًا عن دار “العين”

مقالات من نفس القسم

تراب الحكايات
موقع الكتابة

ناجية

محمد فيض خالد
تراب الحكايات
محمد فيض خالد

ثلاث قصص

آية الباز
تراب الحكايات
موقع الكتابة

ظُلمــة