عثمان بن شقرون
“هــنـا نــتـعــلــمُ الـــشــيءَ الـــــقــلــيــلَ جــدّا، لـــديــنـــا نـقــصٌ فـي أعـــضــــاءِ هــيـــئـــةِ الــــتَّـــدريـــسِ، ونــحــن الآخــريــــن فتيان مـعـهـد بنجامينتا لـن نــصـل إلـى تــحــقـــيـــق أي شـــيء، بــمــعــنـى أنــنــا ســنــكــون لاحــقـا أنـاسـا من العامـة مــتــواضـــعــيــن وخــاضعــيـــن. التعليم الذي نتلقـاه يرتكـز في المقام الأول على غرس الطاعـة والصبـر، وهما صفتـان تَعِدان بالنجاح القليـل أو لا تُبشران بأيِّ شيءٍ مُطلقا.”
هكذا تبدأ رواية “معهد بنجامينتا – جاكوب فون غونتن” للأديب السويسري روبير فالزير، وهو العمل الأدبي الثالث الذي نشره فالزير. وتعتبر أطول نص كتبه وأحب الروايات إليه، كما تعتبر أيضًا الأكثر إبداعًا والأكثر إثارة للاهتمام، وكانت قد صدرت سنة 1909 في برلين.
بداية، يمكن القول إن رواية معهد بنجامينتا غير قابلة للتصنيف بالمعنى الدقيق للكلمة، لأنها تنقلنا إلى عالم حميمي يصعب للغاية مشاركته، والذي يمكن لكل قارئ أن يستخلص منه انطباعات مختلفة. ذلك أنه نص صعب من حيث تبريره. حبكته مبهمة وتشكل نموذجًا للسرد الحسي والرمزي. لكنها، في الوقت ذاته، تتجاوز مجرد الغموض لتطرح إشكالية أعمق تتعلق بطبيعتها الأدبية ذاتها، إذ تتداخل فيها الأصوات الداخلية والانفعالات الذاتية مع مشاهد متقطعة لا تخضع لمنطق سببي واضح، مما يجعل من القراءة تجربة غير قابلة للتأطير ضمن أي تصنيف أجناسي مألوف. فالرواية ليست مجرد عمل حداثي، بل هي استباق لمفاهيم سردية ستتبلور لاحقًا، حيث يختبر فالزير الكتابة كفضاء تأملي، لا كسرد منضبط بقواعد واضحة. هذا التداخل بين الحسي والرمزي، والواقعي والمتخيل، يجعلها نصًا منفلتًا من الأطر التقليدية، مفتوحًا على تأويلات لا نهائية، تمامًا كما لو أنه يقاوم التصنيف ذاته. ربما بذلك تُعتبر رواية سابقة لعصرها، فرغم كونها تفتقر إلى حبكة واضحة المعالم، إلا أنها قادرة على اختراق سيكولوجية شخصياتها. ويمكن أيضا لمؤلفها السويسري روبير فالزير، التباهي بشيء لا يمكن الوصول إليه إلا من قبل قلة قليلة من الكتاب، وهو خلق شخصية قادرة على تجسيد سمة من سمات الشخصية الإنسانية حتى تصبح رمزا، على طريقة ما فعله سرفانتس. مع دون كيشوت أو ميلفيل مع بارتلبي.
تعتمد الرواية على السرد بضمير المتكلم، مما يجعل القارئ يتماهى مع تجربة بطل الرواية وساردها يعقوب فون غونتن الداخلية وهو يروي رحلته داخل هذا العالم العجيب والغريب. استوحى فالزير هذه الرواية من تجربته الشخصية، إذ سبق له أن التحق عند وصوله إلى برلين عام 1905 بمدرسة للخدم وعمل خادمًا شخصيًا في سيليزيا العليا، ما يجعل من معهد بنجامينتا عملاً روائيًا يستند إلى الواقع، لكنه في الوقت ذاته مشبع بحس العبث والاغتراب الذي يميز أدب فالزير.
تدور أحداث الرواية حول بطلها يعقوب فون غونتن، الشاب الذي ينحدر من عائلة ميسورة، حيث يملك والده عربة وحصانا، ووالدته تملك شرفة خاصة بها في المسرح، بينما يحيا شقيقه يوهان حياة برجوازية كفنان ذائع الصيت. إلا أن يعقوب يقرر من تلقاء نفسه الهروب من المنزل، لينفلت من الظل الطاغي لوالده العضو في مجلس المدينة، وليشق طريقًا مختلفًا تمامًا: أن يصبح خادمًا، بمعنى، أن يصير عديم الأهمية ويبقى كذلك.
يميط يعقوب فون غونتن اللثام عن كل أسرار هذا المعهد مما يجعله واحدا من أكثر الأماكن التي لا تُنسى في أدب القرن العشرين. معهد بنجامينتا مؤسسة تعليمية خاصة للخدم، قرر البطل من تلقاء نفسه الولوج إليها بعد مغادرته المنزل طوعا. وكما يتم التصريح بذلك منذ البداية، ففي هذا المعهد لا يتم تعليم أي شيء سوى الطاعة دون سؤال، وحيث انضباط الجسم والروح. وحيث أن المتعلم في المعهد يعرف مصيره سلفا، يُدرَّب الطلاب على محو ذواتهم والتخلي عن أي طموح شخصي، بهدف الاندماج الكامل في خدمة الآخرين. يصف جاكوب هذا المسعى بقوله: “ما أعرفه هو أنني سأكون فيما بعد صفرًا مستديرًا”. وبعبارة أخرى إن النسق التعليمي في هذا المعهد لا تختلف مدخلاته عن مخرجاته. فهل فعلا سيخرج يعقوب فون جنتن من المعهد كما دخل إليه؟
إن المعهد ليس مؤسسة تعليمية بالمعنى التقليدي، بل أشبه بمصنع لتفريغ الأفراد من إرادتهم، حيث يتعلم الطلاب “القليل جدًا”، أو بالأحرى لا شيء على الإطلاق، سوى الطاعة المطلقة وإهانة الذات أمام نظام مقدس. المناهج الدراسية غير موجودة، والمعلمون شبه غائبين، أما الطلبة، فيتسمون بالخضوع والجمود التام. يدير المعهد الأخ والأخت بنجامينتا، اللذان يفرضان نظامًا صارمًا أشبه بغسل دماغ غير مُعلن، يقوم على مبدأ: أن الحياة لا تتطلب شيئًا سوى التخلي عن الضمير لصالح الطاعة والاستقامة الشكلية. فالخادم هنا ليس مطلوبًا منه أن يفكر، بل أن يجيد التكيف مع دوره، حيث “الطريقة هي كل شيء”.
“نحن الأحد عشر طالبا أو طالبا داخليا، ليس لدينا الكثير مما ينبغي القيام به، ولا يتم تكليفنا بأي واجبات مدرسية على الإطلاق. هنا، نحفظ القوانين السائدة عن ظهر قلب. أو نقرأ كتابَ: ما الهدف الذي تسعى إليه مدرسة بنجامينتا للبنين؟– كراوس يدْرسُ أيضا الفرنسية بمفرده، حيث لا يتم إدراج اللغات الأجنبية أو المواد المماثلة في برنامجنا. ليس هناك إلا درس واحد يتكرر باستمرار: كيف ينبغي على الفتى أن يتصرف؟ وكل التعليم، في العمق، يدور حول هذه المسألة. والمعرفة لا تُنقل إلينا. كما قلت سابقا، هناك نقص في طاقم التدريس، بعبارة أخرى، إن السادة المربين والمدرسين ينامون، إما أنهم موتى أو لا وجود لهم إلا ظاهريا، أو ربما قد تحجروا، فالأمر سيان. والحصيلة هي أنهم لا يمنحوننا أي شيء حقًا. “
يبدو واضحا، أن يعقوب واجه بمجرد التحاقه بالمعهد مشاكل عديدة، جعلته يسيء الظن بالمعهد وبجدوى الدراسة فيه. وسيصب كل اهتمامه على زملائه في المعهد لكن بنوع من اللامبالاة المتعالية أحيانًا، لكنه في الوقت ذاته ينجذب إليهم بطريقة غريبة، كأنهم جزء من عالم غامض يستكشفه بسخرية وفضول، وكأن كل واحد منهم يمثل طريقة لمواجهة مستقبل غير مؤكد، عالم في تغير مستمر. لا يبدي يعقوب إعجابًا واضحًا بأي من زملائه، بل ينظر إليهم كأشخاص عاديين أو حتى ساذجين، وكأنه يراهم أقل إدراكًا لحقيقة الأمور مقارنة به. في الوقت ذاته، هو لا يحتقرهم تمامًا، بل يشعر تجاههم بمزيج من الفضول والاستخفاف ولا ينفصل عنهم تمامًا كأنه يراقبهم كجزء من تجربة شخصية لفهم العالم الذي زُجَّ فيه. يتحدث عنهم بأسلوب متردد بين التعاطف والسخرية، ويلاحظ تفاصيل سلوكهم بروح ناقدة لكنها ليست خالية من التقدير. يصف يعقوب كراوس قائلا:
“كراوس هو صنيعة حقيقية من الله، هو اللاشيء والمستضعف والجاهل، بالكاد يجيد القيام فقط بالعمل الأكثر شقاء، وهكذا سيحكم عليه الجميع، والشيء الغريب: أننا لن نخطئ في الحكم عليه بهذه الطريقة، سنكون على حق تمامًا، لأن هذا الأمر صحيح على الإطلاق: كراوس هو التواضع المُجَسَّد هو التاج وقصر الرضوخ، يرغب في إنجاز الأعمال الباهتة، يستطيع إنجازها ويجب عليه ذلك. لا يدور في خلده سوى الرغبة في المساعدة والطاعة والخدمة، لن يمر وقت طويل حتى يتم ملاحظة ذلك من أجل استغلاله، وفي حقيقة كونه سيتم استغلاله تتجلى عدالة إلهية في غاية الإشراق والبهاء بالصلاح والنور! .”
ليس كراوس مجرد شخصية ثانوية في الرواية، بل هو نموذج إنساني لمن يُكتب لهم أن يكونوا أدوات في يد الآخرين، فهو ككائن مستغَل بطبيعته. ويراه نموذجًا للخضوع المطلق، ويؤمن بأن استغلاله أمر حتمي، معتبرًا ذلك “عدالة إلهية”، ما يجعل مصيره محل تأمل وشفقة خفية تحت قناع التهكم المبطن. ومن خلاله، يعبر يعقوب عن رؤية مزيجها التأمل والسخرية من مصير الإنسان في عالم غير عادل.
أما علاقة يعقوب بالطاقم التربوي، فهي أكثر تعقيدًا. يُظهر يعقوب نوعًا من التحدي أو التمرد الخفي، لكنه لا يصل إلى حد الصدام العلني. هو يختبر الحدود، يراقب كيف يتفاعل المدرسون معه، ويبدو وكأنه يسعى لفهم ما وراء سلطتهم الشكلية. علاقته بالسيد يوهانس بنجامينتا، المدير، تبرز بشكل خاص؛ فهو ينجذب إليه كشخصية غامضة وقوية، وربما يراه نموذجًا للأبوة أو السلطة التي يتوق لفهمها بدلًا من مجرد الخضوع لها. أما علاقة يعقوب بليزا أخت المدير لا تخلو من تعقيد أيضا، فهي تتعامل معه بصرامة أحيانًا، لكنه يشعر بتوتر عاطفي غريب في وجودها. تمثل ليزا في الرواية عنصرًا مناقضًا ليعقوب، فهي ليست مجرد شخصية نسائية تقليدية، بل تحمل في حضورها رمزية للسلطة والغموض، وربما حتى الفشل أو العجز العاطفي. تعكس علاقتها بيعقوب توتره بين الرغبة في التمرد والخضوع، وبين محاولته لفهم القوى الخفية التي تحكم حياته. من خلالها، يستكشف يعقوب جوانب من نفسه تتعلق بالسلطة والرغبة والبحث عن معنى وسط عالم يبدو خاليًا من الوضوح أو اليقين.
” إن امرأة شابة، فراولين ليزا بنجامينتا أخت مدير المعهد، هي التي تقدم لنا الدروس وتوجهنا، بدلاً من الأساتذة الذين لسبب غريب يقيمون هناك ويرقدون كالموتى. في وقت الدرس، تدخلُ إلى الفصل الدراسي وفي يدها عصا بيضاء. ننهض جميعًا من مقاعدنا بمجرد ما نراها تدخل؛ ولا يمكننا الجلوس حتى تستوي على مقعدها. تنقر بعصاها ثلاث نقرات قصيرة ومتسلطة على حافة الطاولة، فيبدأ الدرس. يا له من درس! على الرغم من أنني سأكذب إذا ما قلت، كنت أجده غريبا. لا، يبدو أن ما تعلمه لنا فراولا بنجامينتا يستحق الاهتمام. إنه قليل ولكن لا نتوقف عن تكراره، على الرغم من أنه قد يكمن هناك سِرٌّ ما وراء كل هذه التفاهة والسخرية.”
من خلال نبرة التهكم الخفي هاته، و الإحساس بالغرابة في عالم يبدو مألوفًا ظاهريًا، والتوتر بين السلطة والطاعة. يتجلى العمق الفالزيري: ما يبدو تافهًا قد يخفي سرًا، وما يُكرَر بلا توقف قد يكون مفتاحًا لفهم أعمق. التكرار ليس مجرد رتابة، بل قد يكون آلية لخلق دلالة خفية، أو ربما وسيلة لتعويد الذات على الامتثال. ويبدو واضحا أن روبير فالزير من خلال رواية معهد بنجامينتا يوجه نقدا للمنظومة التربوية لكن بطريقته الخاصة. فالتعليم لم يعد وسيلة للارتقاء الاجتماعي أو المعرفي بل صار أداة للانمحاء الذاتي ومنظومة للانضباط والامتثال المطلق. حيث أن المعهد لا يعدّ التلاميذ لمواجهة العالم، بل لطمس ذواتهم داخله. يعكس هذا البعد فلسفة فالزير الخاصة بمحو الذات، التي تحضر في جميع أعماله، حيث يصبح التعليم مجرد عملية لإفراغ الفرد من خصوصيته، ليصبح جزءًا من نظام أكبر يتطلب الطاعة أكثر مما يتطلب الفهم أو المبادرة.
إلى جانب ذلك يعتبر المدرس كعنصر محوري في المنظومة نموذجا لسلطة هشة وفاقدة للهية، فالسيد بنجامينتا مدير المعهد لا يبدو كمدرس تقليدي يملك سلطة التلقين بل شخصية هشة مهددة بانهيار مؤسسته، مما يجعله أشبه ببقايا نموذج تعليمي يحتضر. هذا ينسجم مع فكرة “نهاية التعليم” التي تطرح تساؤلات حول جدوى المؤسسات التعليمية التقليدية في عصر بدأت فيه أنماط التعلم تتغير. كما أن المعهد تمثيل مجسد للمنظومة التعليمية المغلقة، على اعتبار أن المعهد في حد ذاته يمثل فضاءً مغلقًا، يشبه السجن أو الدير، حيث يتم تلقين التلاميذ مبادئ ثابتة لا تتغير. هذا يعكس نقد فالزير للمؤسسات التعليمية باعتبارها كيانات تعزل الفرد عن التجربة الحية، بدل أن تؤهله لخوضها. التعليم هنا لا يعدو كونه شكلاً من أشكال التدريب على الخضوع، لا على التفكير أو الفعل والمبادرة.
في هذا السياق يصبح السؤال: هل يمكن اعتبار فالزير جزءًا من خطاب “نهاية التعليم” سؤالا مشروعا؟ إذا نظرنا إلى مفهوم “نهاية التعليم” كإشارة إلى انهيار النموذج التقليدي للتعليم القائم على التلقين والهرمية، يمكن القول إن فالزير ينتج هذا الخطاب، لكن بطريقته الخاصة. فهو لا يطالب بتعليم أكثر حداثة أو تحررًا، بل يرسم صورة ساخرة لمؤسسة تعليمية تفرغ الفرد من فردانيته ويعكس عبثية نظام تعليمي فقد وظيفته الحقيقية، ليصبح أداة إنتاج للامتثال بدلاً من أداة لإنتاج المعرفة. مما قد يُفهم كنوع من النقد الراديكالي لفكرة التعليم المؤسساتي ذاتها وتفكيكا وجوديا ساخرا لهذه المنظومة.
في نهاية رواية معهد بنجامينتا، وفي ظل انهيار مؤسسة بنجامينتا يدخل السرد في حالة من الضبابية والتجريد، كما هو الحال في كتابات روبير فالزير. يقرر يعقوب فون غونتن، الراوي والبطل المضاد، مغادرة المعهد مع السيد بنجامينتا، المدير الغامض الذي كان يمثل سلطة أبوية هشة طوال الرواية. حيث يغادران المؤسسة معًا في رحلة إلى الصحراء، ولا تُفصح الرواية بوضوح عن هدفهما أو مصيرهما. النص يتلاشى في تأملات غامضة، وكأن النهاية ليست سوى بداية أخرى، أو ربما ضياعًا أبديًا في المجهول. تمثل هذه النهاية رمزًا لرغبة يعقوب في التخلي عن ذاته والانغماس في “الغياب”، كما أنها تعكس فلسفة فالزير حول الانسحاب من العالم والتلاشي في الهوامش. هل سيجد جاكوب خلاصه في هذه الرحلة؟ أم أن الرحلة مجرد استمرار لحياته السابقة في شكل آخر؟ يترك فالزير الإجابة مفتوحة، كما هو معتاد في أدبه.
كما تطرح معهد بنجامينتا سؤالًا جوهريًا من بين سيل من الأسئلة: هل الطاعة المطلقة هي مفتاح النجاة، أم أنها تذويب للذات في نظام لا معنى له؟ وبينما يتساءل جاكوب عن مصيره، يترك فالزير القارئ في مواجهة سؤال أعمق: هل نحن أحرار حقًا، أم أننا جزء من نظام يفرض علينا أدوارنا دون وعي منا؟ هذه الأسئلة تجعل الرواية أكثر من مجرد سرد لحياة شاب في معهد، بل استكشافًا فلسفيًا لطبيعة السلطة، والخضوع، والبحث عن معنى وسط الفوضى.
تظل رواية معهد بنجامينتا رواية مفتوحة على التأويل، تطرح أكثر مما تجيب، إذ تدفع القارئ إلى التساؤل بدلًا من تقديم إجابات قاطعة. هل يمثل المعهد نموذجًا للمنظومة التربوية السلطوية، أم أنه محض فضاء عبثي يفرّغ التعليم من جوهره؟ هل نجد في شخصية يعقوب فون غونتن تمردًا على القيم السائدة، أم مجرد استسلام ساخر لها؟ وما الذي تمثله رحلته الأخيرة مع السيد بنجامينتا: هل هي تحرر من قيد المؤسسة، أم سقوط في هاوية الفراغ واللاجدوى؟ وأخيرًا، هل يمكن اعتبار الرواية نبوءة مبكرة بانهيار أنظمة التعليم التقليدية، أم أنها تأمل وجودي أوسع في هشاشة الإنسان أمام السلطة والمصير؟ أسئلة كهذه تظل عالقة، شأنها شأن النصوص الكبرى التي تأبى أن تُستنفَد دلالاتها، وتجبر القارئ على العودة إليها مرارًا، بحثًا عن يقين قد لا يأتي أبدًا.