اختلف معه ما شئت فهذا حق التفكير علينا، ولكن لا تكفره، هذا هو مطلبه من كل المصريين، مؤكداً أن من حظه أنه ولد مسلماً، مصرياً مؤمناً بالحرية إلى أقصى الحدود ، جاء حواري معه لا من باب الدفاع عنه، ولكن من باب الفهم لما يقدمه كمفكر، حيث تزامن حصوله على جائزة الدولة مع الذكرى الرابعة لابتعاده عن عالم الكتابة التى عاد لها مؤخراً.
ـ كيف ترى تزامن فوزك بجائزة الدولة، مع مرور 4 سنوات على قرار اعتزالك الكتابة؟
– رغم أننى لا أعتمد على الدلالات فى تفسير أقدارى، فإن الجائزة حملت لى دلالة رمزية أشعرتنى بأن وطنى مازال به شجعان لم يخشوا منحى إياها بعد تهم تكفيرى. وذكرتنى بعدد من تم تكفيرهم فى تاريخنا الحديث ولم نكرمهم بجوائزنا، 50 اسماً من بينهم صلاح عبدالصبور وفرج فودة وأحمد بهاء الدين ويوسف إدريس وتوفيق الحكيم وعبدالرزاق السنهورى وطه حسين، وهم شموس نهضتنا الفكرية. أعلم أننى مُنحت الجائزة على الأبحاث العلمية الصرفة التى لا تحمل جدلًا، مثل كتاب «النبى موسى وآخر أيام تل العمارنة» و «قصة الخلق»، و«إسرائيل التوراة والتاريخ والتضليل». وأقول لمن يرفض منحى الجائزة ويكفرنى، لست قائدًا لأحد ولا مفكرًا كبيرًا ولا صغيرًا، أنا مواطن بدون أى رتب، يحاول أن يقدم للوطن شيئًا يعتقد أنه صواب، فإن كان خطأ فألقوا به فى البحر ولكن لا تكفروه. أحب المسلم، والأرثوذكسى، والكاثوليكى، والبهائى، والأحمدى والقديانى، واللادينى، لأننى مجرد بشر، ولن آخذ وظيفة الله فى حساب الناس.
ـ تؤمن بالمواطنة وترى أنها تمثل علاجاً لمشاكل المصريين.. كيف ذلك؟
– أنادى بالمواطنة التى تسبب لمن كفرونى، ثورة فى عقولهم ويسمونها علناً كما يقول القرضاوى: «المواطنة من الأوثان»، بينما أرى أننا لو تساوينا سنحل مشاكلنا، وهو ما لا يريدونه، هم يريدون أن يظل اختلافنا حول النقاب والحجاب والسروال، وأن يحارب شبابنا الغرب لا بالحضارة ولكن بالجهل، فلا نطالب حكومتنا بتحسين التعليم، أو تطوير المدارس، ولا أن ننفض عن قنوات فضائية لا يسأل مشاهدونها غير عن التاتو ونتف الحواجب! وكأن الإسلام نزل بالأمس، هم يريدون أن يظل تعامل المسلمين مع غيرهم بمنطق السادة والعبيد، وأقول لهم إن كلنا عباد الله والدليل من آيات القرآن، ومنها: «ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة»، و«يوم القيامة يحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون»، و«لكل منكم جعلنا شرعة ومنهاجاً». ربنا يقول إنه خلق اليهودى والمسيحى والمسلم، فهل نغير خلقة الله؟ ويتمادون فى تعاليهم ويقولون إنهم يتسامحون مع غير المسلم، وأنا أرى أن التسامح ليس منة من أحد على أحد، لأنه شريعة إنسانية يجب أن تكون لها السيادة. وأقول لمن يكفرنى على هذا الكلام، أحمد ربى لأنى ولدت مسلمًا وأكرر الشكر والحمد لأننى ولدت فى بيت يحفظ محارم الدين لأن رب البيت كان رجلًا أزهريًا ترك الأزهر وعمل بالتجارة، وظل إمام المسجد فى قريتنا لاعتقاده أن الدعوة لا يؤجر عليها من بشر. ثم أحمد ربى أن هذا الأب كان عاشقًا للشيخ الإمام محمد عبده، الذى كان له رأى يقول فيه: «أنا لست الله لأحكم على أحد بدخول الجنة أو النار».
ـ هل تعتقد أن تطبيق مبدأ المواطنة يمكنه علاج حالة الاحتقان بين المسلم والمسيحى؟
– المشهد الآن مرعب، المسلمون يكفرون المسيحيين، والمسيحيون يهينون المسلمين. ويعلم الجميع أن المواطنة هى الخلاص الوحيد لهذا البلد؟ زكريا بطرس رجل مسيحى أهان المسلمين ويعيش فى الخارج، فهل أقول إنه يعبر عن كل المسيحيين؟ لا. هل نقول إن بن لادن يمثل كل المسلمين؟ لا. كلاهما له ظروف تواجده فى عالمنا، زكريا بطرس ظهر كرد فعل عصبى على فعل عصبى فى مصر، والعصبية كما قال أحمد بن الطيب هى أن يرى الإنسان خيار الآخرين أشر من أشرار قومه.
ـ هل توافق على أن الدولة فى مصر تعرقل مشروع المواطنة مثلها مثل رجال الدين؟
– لا أعفى الدولة من المسؤولية، فبدلاً من أن تواجه حكومة الحزب الوطنى الإرهاب وتصر على الدولة المدنية، تتجاهل النقاش فى الأمر، وتتعامل مع المعادين لمبدأ المواطنة، هل يُعقل أن تأتى بمن أفتى بقتل فرج فودة بعد اغتياله، ليشهد بأنه كافر! هل يعقل أن تنادى الحكومة بالمواطنة وتصر على الاحتفاظ بخانة الديانة فى البطاقة الشخصية، الدولة لا تناقض نفسها، حتى فيما يقوم عليه مبدأ التشريع الإسلامى، كما تنص المادة الثانية من الدستور، فالشريعة تقوم على مبدأ مهم ورئيسى لأى حياة وهو العدل. والعدل يلزمك بمنح كل أفراد الديانات حقوقهم كمواطنين، لا بما يؤمنون به. وإذا كان العدل أساس الملك، فهو لا يقتصر على المسلمين فقط. لأن الله تعالى ينزل مطره للمسلم وغير المسلم، وتطلع شمسه على كل خلقه، هل تأخذون وظيفة الله؟ لماذا تبدون الهلع على الإسلام وهو دين كبير لا يقع؟ ولو حدث تشويه فى الإسلام فليس بفعل من يؤمنون بالمواطنة، ولكن بسبب من تاجر بالدين فى السياسة.
ـ كيف كنت تتمنى أن يكون موقف الدولة من كل هذا؟
– كان من المفترض أن ترد بثورة ثقافية علمية، تنهض بالمجتمع وترتفع به وتقوده لحالة غير التى وصلنا إليها. أنا أتمنى من حكومتنا ألا تستعين بحلف الفقيه والسلطان لأنه ليس له صاحب نهائياً، ما عدا شخصيات تعد على أصابع اليد. فالإخوان مثل غالبية علماء الأزهر مثل علماء الجبهة، لا يهمهم مصالح الوطن ولكنهم يهتمون بما يخدم مصالحهم. لقد حسم الغرب تلك المسألة منذ قرون، وفصل الدين عن الدولة وعن كل مجال عام، ويصر على حماية الدين فى ذات الوقت، والنتيجة دولة مدنية علمية. ولذا بات الغربيون ملجأنا عندما تضيق علينا بلادنا، يرحبون بنا ويمنحونا الأمان ويتيحون لنا فرص العمل والفكر، وهو أكبر دليل على أنه لا عداوة بين الدين والعلمانية. أمتنا الآن مهزومة، إسرائيل تدك غزة وتقتل المئات، وفى النهاية تشب حماس وتقول انتصرنا! حزب الله يخطف جنديين فتُدك لبنان بالكامل ونقول انتصرنا!! لقد بتنا مرضى بالهزيمة ولابد من علاج والبداية الاعتراف بحالنا.
ـ أين تكمن مشكلة الدكتور سيد القمنى؟
– مشكلتى مع من يدعون أنهم رموز الإسلام، الذين يقولون نحن مشايخ، والإسلام ليس به مشايخ ولا إكليروس. وعندما قال المولى عز وجل: «اسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون» كان يقصد بها تلك الواقعة التى جاء الكفار يسألون فيها النبى عمن يضمن لهم أنه نبى؟ فنزل قول الله تعالى: «اسألوا أهل الذكر» و كان يُقصد بهم النصارى واليهود لأنهم أصحاب كتاب. أما الآية التى تقول: «إنما يخشى الله من عباده العلماء» فليس المقصود بهم علماء الدين، ولكن العلماء الذين تتجلى لهم قدرة الله من خلال دراساتهم وما يتكشف لهم من أسرار الكون. الداعية الحق هو من يسافر إلى مناطق مثل أدغال أفريقيا، وأحراش استراليا، كما يفعل الفاتيكان الذى يرسل رجاله لمعالجة الناس هناك وتعليمهم وإطعامهم، ويعاملهم بالحسنى فيبدأون فى السؤال عن الدين المسيحى الذى منحهم معاملة كريمة فيعتنقونه. أما شيوخنا فيركبون المرسيدس ويجلسون فى مكاتب مكيفة ويقبضون الأموال من فضائيات يمسحون من خلالها عقول الناس وينسونهم مبدأ إعمال العقل.
ـ تعلن دوماً أن السياسة تفسد الدين وأن الدين يفسد السياسة، لماذا لم تتضح تلك المعضلة فى سنوات الإسلام الأولى؟
– من قال ذلك، لقد كانت واضحة للعيان ولكن علماءنا مروا عليها مرور الكرام، فقد اتضحت مع مقتل عمر بن الخطاب، والخلاف الذى انتهى بقتل عثمان بن عفان، وفى موقعة «الجمل» خرجت السيدة عائشة على ناقتها لتحارب الإمام على بن أبى طالب، وكلاهما استند إلى صحة موقفه بالدين، والسؤال: من منهما كان على حق، ومن كان على باطل؟ عندما تدخلت السياسة فى الدين قسّمت المسلمين لشيعة وسُنة، وتم ضرب الكعبة بالمنجنيق ثم حرقها، وبعدها قُتل الزبير وصُلب لعدة أيام، واستبيحت مدينة رسول الله واستبيحت نساؤها.
ـ هل تعتقد أن المشكلة الفكرية للمسلمين الآن تتلخص فى عدم تجديد الخطاب الدينى؟
– طالبت بتغيير المناهج منذ عام 1996 وقبل أن تقع أحداث 11 سبتمبر.. رجال الدين يحتاجون ذلك بشدة، يتحدثون فى المعلوم منذ سنوات ولا يفكرون فى عملية بناء المواطن، أو ترسيخ قيم رئيسية فى نفسه، أهمها أن الدين المعاملة، وأن الضمير الحى يقود لإقامة العدل الذى يزكّى الناس عند ربهم، وأن الله استخلفنا فى الأرض لإعمارها، وهذا العمار لن يتحقق من دون منح الحرية للعقول. يجب أن يعلموا أن ما يُدرس فى الأزهر ومعاهدنا التعليمية شديد الضرر بنا وبمستقبلنا، ديننا عظيم ويسير وسهل وبسيط، فقط لو خلّصناه من كل ما أضيف له عبر العصور الإسلامية واعتبره من يقولون إنهم «رجال الدين» أمرا مقدسا، وعليهم أن يرفعوا أيديهم عن عقول الناس، فالمناهج معطلة وتخلق أجيالا من الإرهابيين عبر خلق حالة من التناقض بين المسلمين.
ـ البعض يرى أنك تعديت كل حدود الحرية فيما تعلنه من آراء حول الإسلام.. ما رأيك؟
– أقول لهم: ليتكم تتعلمون من التاريخ الإسلامى فى قرونه الأولى، كانت الأمة الإسلامية فى قمة مجدها وعزها واثقة من نفسها، تترجم أرسطو، وقراءات الهند. «الفارابى» أخذ فلسفة المصريين القدماء التى تقول بوجود تسعة عقول أعلاها الله، ومزجها مع الإسلام ولم يكفره أحد.
«ابن رشد» الذى كفرناه وأحرقنا أعماله، هُرّبت كتبه إلى أوروبا، وأنتجت خمسة قرون سموها «المرحلة الرشدية اللاتينية»، وكانت أساسا انطلقت منه حضارة أوروبا وقامت عليه نهضتها. ولم يقل الأوروبيون إن أعمال ابن رشد غزو ثقافى عربى، كما نفعل الآن، لأنه لا شىء اسمه «غزو ثقافى»، وإن أصررتم على هذا فلتعيشوا فى الظلام.
ـ قلت فى أحد كتبك: «القرآن يجسد نصا تاريخيا ولا ضير من وضعه موضع مساءلة إصلاحية نقدية».. ألا ترى أن هذا مبرر لاتهامك بالكفر؟
– لا، فالمساءلة النقدية لا تعنى الانتقاص من القرآن، فالنقد هو التدقيق والفحص للآيات فى إطار سياقها الزمنى ومعرفة الأسباب الخاصة بنزولها وواقع الآية وظرفها المكانى، وما إذا كان لها علاقة بأحاديث نبوية أم لا.والخلاف بينى وبين مشايخ هذا الزمان أنهم يؤكدون أن القرآن كله صالح لكل زمان ومكان، والسؤال المنطقى: لماذا ألغى سيدنا عمر بن الخطاب سهم المؤلفة قلوبهم بعد وفاة الرسول بسنوات قليلة وهو أمر إلهى قاطع فى القرآن؟ ولِمَ ألغى متعتى الحج والنساء وقد كانتا مقررتين فى عهد رسول الله، فهل نشك فى الخليفة عمر؟ وأقول لهم: هناك أحكام فى القرآن صالحة لكل زمان ومكان وهذا لا جدال فيه، وهى المرحلة التى كان الرسول يؤدى فيها دور الرسالة، وعندما ذهب للمدينة بات الرسول النبى الحاكم الذى لم يقل إنه جاء ليؤسس دولة، ولكن ليوحّد المسلمين تحت راية الإسلام، حتى لا يكونوا قبائل تأكل بعضها. أما الآيات الصالحة لكل زمان ومكان فهى مثل آية «لا تزر وازرة وزر أخرى» وآية «فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر»، ولكن هناك أحكاماً الزمن نفسه عطلها، مثال على ذلك لدينا 23 آية فى القرآن الكريم تتحدث عن الرق وملك اليمين، ومازال يدرس فى الأزهر حتى الآن، رغم أن الرق والعبودية انتهيا منذ سنوات طويلة فى العالم! كيف إذن نصر على التعامل بها؟
ـ ولماذا ترفض أن تقترن الحضارة التى أسس لها المسلمون بالإسلام؟
– لأن الحضارة يصنعها الإنسان ولا تدخل فى ميزان حسناتى وسيئاتى ولا علاقة لها بالدين. لو دخلت الامتحان ورسبت فى الطب هل أدخل النار؟ ولو نجحت فى امتحان الهندسة هل أدخل الجنة؟ الحضارة هى المهندس والطبيب والعالم والميكانيكى والتاجر والمدرس، والدين علاقة بين المرء وربه. جاء النبى محمد ليتمم مكارم الأخلاق ويبلغ رسالة ربه. ولكن نسبة كبيرة من علماء الدين زيفوا الدين ليحكمونا.
ـ فسر الكثيرون مقالاتك فى مجلة روزاليوسف باعتبار أنها تحمل دعوة لتنحية الحديث النبوى.. هل هذا صحيح؟
– لم أناد بتنحية الحديث لأننى أختلف مع القرآنيين، ولكننى أرى أن الحديث النبوى دخله الكثير من الدس والافتراء على الرسول، لقد كان أبوهريرة يصلى وراء الإمام على بن أبى طالب، ويأكل على مائدة معاوية بن أبى سفيان، ويقول: «الصلاة وراء علىّ أكرم والطعام على مائدة معاوية أدسم» فهل هذا يعقل؟ عكرمة عبد«عبدالله بن عباس» كان يروى الحديث بعد وفاة سيده، ويقبض من كل من يدفع له، وحبسه ابن عبدالله على باب الكنيف، فسأله المسلمون كيف يفعل هذا فى عبد أبيه؟ فقال لهم: هذا الملعون يكذب على أبى ويروى عنه. الأمر الآخر أن رواية الحديث اعتمدت على مدى تقوى الرواة وليس على العقل، ودخل بين هؤلاء الثقاة كذابون، والحديث ليس كالقرآن الكريم. ولذا علينا التعامل معه بما يتناسب مع العقل، لا تحدثنى عن جذع الشجرة التى بكت للنبى، والحجر الذى قال للنبى أحبك.
ـ أليس لكل نبى معجزات.. لماذا نستكثر أن تكون تلك معجزات النبى؟
– الإسلام له معجزة لا يضاهيها أى معجزة هى القرآن. استمعى معى لقول الله تعالى: «ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين» أليس هذا إعجازا لا يأتى به بشر؟
ـ ألم يسر المسيح على سطح الماء لماذا لا نصدق حديث الصخر للنبى؟
– معجزات ما قبل النبى صلى الله عليه وسلم كانت معجزات «استعمال مرة واحدة»، لإثبات صدق النبوة، مثل عصا موسى التى شقت البحر ولكنه لم يتركها للأنبياء من بعده.. المسيح كان يبرئ الأكمه ويشفى الأبرص ولكنه لم يعلم الحواريين الطب. الإسلام أتى بكلام يتعايش مع الواقع وهذه هى المعجزة الرئيسية، إلى جانب أن المعجزة فى شخص الرسول نفسه، فالله قال إن الرسول خاتم النبيين وإنه آخر رسالة ترسلها السماء، وإنكم يا بشر وصلتم سن الرشد وآن وقت تحملكم أمانة العقل، ولذا أنهى الرسول زمن المعجزات وأطلق حرية الإنسان وسراحه لينتج ويبهج ويزرع. ويكون ضميره فيصلاً والضمير قام على مبدأ العدل.
ـ المؤمن القوى خير من المسلم الضعيف.. لماذا قررت الاعتزال؟
ـ الرسول عليه الصلاة والسلام فى صلح الحديبية قدم تنازلات لم يقبلها الصحابة رغم أنه كان منتصرا فى غزوة الخندق، وقال عمر بن الخطاب: والله ما شككت غير الساعة، الرسول يكتب من محمد رسول الله، فيقول له سهيل بن عمرو مفاوض المشركين: «لا، لو أعلم أنك رسول الله ما قاتلتك، اكتب من محمد بن عبدالله»، فيقبل الرسول، ويساوى نفسه بالمشرك. فهل كان النبى ضعيفاً؟ بالطبع لا، ولكنه كان يعرف أن قوته لا توازى قوة الكفار، خاصة بعد تحالف يهود خيبر معهم، وأنا مسلم لى فى رسول الله أسوة.
ـ ولم كان الاعتذار عن كل ما كتبت؟
– جاءنى بيان هددنى فى حياتى وبناتى، وأعتقد أنه لا يعيبنى أن أفكر فى حماية بناتى، أو أن أشعر بالخوف عليهن. البيان أصر على أن يكون الاعتذار فى نفس المكان الذى كنت أنشر فيه وهو مجلة روزاليوسف، وإلا سألقى حتفى خلال أسبوع. ولذا كان قرار العزلة الإجبارية رغم أنه كان من الممكن التصالح مع الجانب الآخر الذى كفرنى، وقد دعانى دكتور عبدالصبور شاهين، وقال لى «تعال واكسب الدنيا والآخرة»، وكأننى لست بمسلم.
ـ ألم تفكر للحظة أن البيان قد لا يتعدى مجرد تهديد.. لماذا صدقته؟
– على مدى 3 أشهر كانت تصلنى رسائل تهديد من منظمة أنصار الرافدين فى العراق، وكانت تتضمن وقائع قتل الأجانب، حتى كانت الرسالة قبل الأخيرة التى تزامنت مع واقعة اختفاء سفيرنا فى العراق إيهاب الشريف.. كان عنوان الملف «عقبالك».. فتحته وجدت به تفاصيل قتل إيهاب الشريف فأبلغت الأمن بأن سفيرنا قُتل، بعد يومين جاء التهديد بتوقيع الجهاد المصرى، فطلبت الأمن فاصطحبونى مع جهاز الكمبيوتر وتم فحصه للتأكد من أننى لا أدعى التهديد واستمعوا لأقوالى، ثم أعادونى للبيت وزودوا لى الحراسة فردا واحدا، مكث يومين ثم انصرف، وهو أمر سبق للبيان تناوله، لتتأكد ظنونى فى أننى مستهدف، لتشتد الحملة علىّ فأصررت على الصمت، مع أن من يريد الشهرة لا يصمت.
ـ كيف استقبلت تكفير جبهة علماء الأزهر لك بعد الجائزة؟
– أولاً سبق لمحافظ القاهرة حل تلك الهيئة ولكنها عادت بقرار القضاء الإدارى. ثانيا هذه الجبهة لا علاقة لها بالأزهر، ولكنها دكانة من دكاكين الإخوان.. جمعية تتبع الشؤون الاجتماعية ولا تعبر عن رأى العلماء المستنيرين.. فأنا أنتقد علماء الأزهر ولكننى لست فى خصومة معهم. وسبق لمعهد البحوث الأزهرية اتهامى بالكفر ومحاكمتى وبرأنى القضاء، ومن قال لأخيه «يا كافر» فقد باء بها أحدهما، فمن باء بها بعد البراءة؟ ولا أقول سوى «اللهم اغفر للسفهاء منا ولا تغفر لمن يسىء لدينك».