إيمان أحيا
كانت الفتاة تستعد للنزول للعب في الطابق الأسفل حيث صالة البيت الواسعة كما اعتادت طيلة ايام الصيف، متعة اللعب تنسيها كل شيء سواه، وبين الغوص في عالم الدمى خاصتها وركوب الدراجة فيما اتيح من براح تقضي يومها، لتدخل والدتها في تلك اللحظة لتوقف تيار مخططاتها وأحلامها لهذا اليوم موجهة إياها بنبرة قوية: ملك.. ينبغي أن تبقي في غرفتك اليوم، والدك مشغول ولديه ضيوف في غرفة العمل، العبي بدُماك في غرفتك.
حاولت الصغيرة الاعتراض: أمي لا احب اللعب في غرف..
قاطعتها والدتها بعصبية: لن أكرر كلامي، مغلقة الباب بشدة انتفضت لها الفتاة، حزنت ملك للحظات لكنها سرعان ما استعادت نفسها كعادة الاطفال، أمسكت بدميتها المحببة إليها موجهة حديثها إليها: هل أنا احدث ضجيجا؟ دائما كنت ألعب وأبي يعمل لماذا تحدثت أمي بهذا الشكل؟ أعتقد انها لم تعد تحبني كالسابق، لقد انشغلت عني تماما، أخي أمير يأخذ كل وقتها، هل أصبحت أمي تحبه أكثر مني ؟ لا لا..
عدلت الطفلة هاجساً أخافها: ربما لأنه صغير ولا يجيد الحديث مثلي تعتني به أكثر، هل تعلمين أصبحت أنتظر كل يوم ليكبر أمير ويلعب معي ويجيبني عندما أحدثه، أنا أحبكِ لكنك لا تتكلمين، عندما يكبر أمير سيصبح صديقي الوحيد.
مر الكثير من الوقت والفتاة غارقة في لهوها وحديثها المفترض مع صديقتها، ولكن متى كان المكوث بين أربعة جدران سلوى لطفل؟ ومتى كانت الجمل التحذيرية حائلا بينهم وبين رغباتهم؟
على أطراف اصابعها بدأت الصغيرة بالنزول للأسفل في خفة متناهية أضافت إلى خفتها مما جعل الشعور بحركتها ضربا من المستحيل، تفقدت المكان من حولها فلم تر والدتها، سارت ناحية غرفة العمل في خطى تدهش الناظر وكأن تلك الغرفة أصبحت من الأهمية لتكون هدفا يسيطر على عقل الفتاة الوصول إليه، وصلت الى الغرفة، استرقت النظر من ثقب المفتاح، ولكن ماهذا أبي يجلس على طاولة عمله المعتادة ممسكا بأوراقه، وأمامه على الجانبين يجلس رجلان يرتديان ثيابا أنيقة يتحدثون عن اشياء لا أفهمها، ولكن لا أفهم سبب عصبية والدتي، عموما، أكملت الفتاة النظر محاولة أن تسمع ماذا يدور بين والدها والرجلين.
“حسنا سأعمل على تبرئته بأي شكل، بالطبع توجد طريقة ما وسأعثر عليها بين الثغرات، ولكن هذا سيكلفكم الكثير، أنتم تعلمون قدري وشهرتي”. سمعت والدها يقول ذلك.
“لولا علمنا ما جئنا إليك، وهذا مقدم اتعابك ولكن ابني لن يبقى في السجن يوما واحدا يجب أن تعلم ذلك ولك كل ما تطلبه لاحقا”، كان هذا كلام أحد الرجلين قبالته بملامح قاسية وبنية ضخمة.
“ليس وسيما كأبي”. قالت بامتعاض يمتزج بزهو. نهضا اصطحبهما أباها ليودعهما، فوجئ بابنته امام الباب، تنظر في سعادة غريبة نظرت إلى ابيها نظرة طويله لتخبره: أبي أريد أن أصبح مثلك.