ممدوح التايب
حين يخوننا الشعر، تخوننا معه كل الأشياء
فنقف عراة من اليقين الوحيد بأننا نحيا
وبأن الكلمة ترتق الجرح وتبشر بالأملِ.
عرفت شاعراً خانه الشعر في منتصف الطريق؛
تقدمه بمسافة عشر خطوات والتفت،
كان في عينيه موت حضارات بأكملها
وحزن ثكالى كل الحروب،
قال الشعر وهو ينفض عن ثوبه غبار
الرحلة والمجازات الميتة:
لتكمل الطريق، لو وجدته، بدوني
فلا الرحلة أعتقت أرواحنا ولا الغرباء
حين التقيناهم تركونا نستظل ولو بالوهم
فاطرق أي أبواب الموت بعدي، وادخل.
رأيت الشعر يطير بين عاشقين
وندبا بحجم السكة على جبين المحارب
ونغمة يطاردها الصمت في الزنازين
وثدياً في فم اليتيم الذي سيكون
شاعراً ذات يوم، ويخونه الشعر في منتصف السفر.
سيعيش هذا الشاعر ربما لعمر التسعين
وسيحب امرأةً يعجز أن يركب ملامحها
في قصيدة، وسينجب طفلين لن يعرف
كيف يشبههما بقمرين، بعصفورين، بوردتين
وسيكتفي بمنحهما مصروفهما اليومي
لأن الشعر لم يترك له ما يكفي من الاستعارات.
سيموت الشاعر، وقبل أن ترتخي العينان
سيرى الشعرَ، على حافة سرير الموتِ، طفلاً
يتيماً، يبعثر الكلمات، ينظر له ويبتسم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شاعر مصري .. صدر له نياشين خشب 2017 ـ وعصافير في شباك من غبار 2019