حاورته سوسن حمّاد
أحمد يماني, شاعر و مترجم مصري نشر أربعة دواوين في الشعر. ولد في القاهرة عام 1970 و حصل على شهادة البكالوريوس في الأدب العربي من جامعة القاهرة في العام 1992.ترجم قصيدته المسماه بـ “يوتوبيا المقابر” الى الإنجليزية المترجم سنان أنطون, و ستنشر في مجموعة بيروت39 الأدبية.
ويذهب يوسف رخا المشارك في مهرجان بيروت 39، في مقال نقدي له، إلى أن يماني – ومعه إيمان مرسال – أعادا اختراع اللغة في قصيدة النثر. “لقد جردت هذه الأصوات [التسعينية] الخطاب من شوائب الأدلجة، وعبرت عن هموم إنسانية دون التقيد بأية ملامح قومية، كما أبرزت هوية فردية تستعيض بالصدق عن الأصالة”.
فلنبدأ من عنوان قصيدتك, “يوتوبيا المقابر”. غالبا ما أشعر بالراحة حين أسير في مقبرة, لعل سبب ذلك يعود إلى اليقين في معرفة أين سأكون بعد موتي. و لكن بالنسبة لك تبدو المقبرة كمساحة مثالية, أو يوتوبيا إلى حد ما, لماذا؟
أود أن أذكر بداية أنني كتب هذه القصيدة منذ أعوام طويلة وأنا في الثانية والعشرين من عمري وكنت مشغولا للغاية بفكرة الموت ومرتعبا منه إلى درجة نفيه في القصيدة وجعله حياة أخرى أو بيتا جديدا، كان علي أن أتصالح مع الموت وأن أراه بسيطا. ربما حررتني شخصيا هذه القصيدة من الرعب إلى حين..
جميع مقاطع قصيدة “يوتوبيا المقابر” تحكى من منطلق اللاوجودية .في مكان ما من بين ظلال الله التي تخيم على عظامك و التفكير في الإحتجاج على إستبداد الملائكة, نجد سلاح الطرافة و السخرية. السخرية: هل ماتت؟
لا أعرف، إن كنت تقصدين موتها في الفن فلا أظن ذلك ولا في الحياة عموما، على أن السخرية فن صعب للغاية كما هو معروف. يفرق عبد السلام بن عبد العالي بين التهكم والسخرية فالمتهكم ينطلق من مكان أعلى ويصدر تهكمه عن إحساس بالقوة ولذا لا يتهكم على نفسه بينما السخرية متواضعة تسخر من نفسها أولا، ويرى أن سقراط متهكم وأن نيتشه ساخر.
المقطع رقم 5 أشبه ما يكون بطقس جنازة. هل فكرت يوما بكتابة رثائك الخاص؟
لا أستسيغ شعر الرثاء عموما وخصوصا في الأدب العربي وأراه من أضعف الحلقات لأنه أحادي الرؤية أو هكذا يخيل لي. ربما أرى في سطر واحد لفرناندو بيسوا أمرا يتجاوز فكرة الرثاء كلية:
“من نافذة بيتي وبمنديل أبيض أقول وداعا لأشعاري التي تسافر نحو الإنسانية، ولست سعيدا ولا حزينا فهذا هو مصير الأشعار”.
بينما أقرأ المقطع رقم 8, خطر لي خاطر أن أقوم بنبش قبور الموتى فأحيي عظامهم لأستمع لمزيد من مناجاة المقابر التي تحكيها بسلاسة. يا للأسى في تلك القصيدة, فحتى عندما نرقد بأكفاننا نحاول فهم مغزى الحرية و كيفية الحظيان بها. لكن ماذا عن الدفتر الأحمر؟أين نجد الموت في تلك القصة؟
للدفتر الأحمر حكاية أخرى، هي مصادفة مركبة تعرضت لها وأنا أقرأ كتابا صغيرا لبول أوستر يسمى “الدفتر الأحمر” يتناول مصادفات واقعية حدثت له شخصيا. فقط أردت تدوين الحكاية.
انت الآن بصدد الحصول على درجة الدكتوراه من جامعة كومبوليتينسه في مدريد في إسبانيا. عمّا تحوي رسالة تخرجك؟
أود القول بداية إنني لا أزال أشتغل على رسالة الدكتوراه وهي تتناول “قصيدة النثر العربية“. والمثير في الأمر أن قصيدة النثر المكتوبة بالإسبانية تعاني بشكل ما من المشكلات نفسها التي تعانيها القصيدة العربية من حيث خلطها مع “أشكال أدبية” أخرى كالشعر الحر والنثر الشعري إلخ… والمحزن أن هذا ينطبق أيضا على المستوى الأكاديمي وقليلة هي الدراسات الجادة التي تغوص في هذه القصيدة وإن كان هناك جهد معتبر يقوم به البعض مثل “بدرو آؤيون دي آرو” وهو منظر هام يقوم بمقاربة الموضوع خارج الكليشيهات المعروفة وكذلك البروفيسورة “ماريا بيكتوريا أوتريرا”. وبالطبع لك أن تتخيلي خلو المكتبة الإسبانية من أي مرجع يتناول قصيدة النثر العربية.
ما الذي تتوقع أن تخرج به من مشاركتك بمهرجان بيروت39؟
ثمة مستويات عديدة لهذا اللقاء منها ما يتعلق ببيروت المدينة التي تمثل لي الكثير بشعرائها وكتابها وفنانيها وحضورها الكبير وحلمي بزيارتها والذي دائما ما تأجل، ومنها ما يخص اللقاء مع الأصدقاء الكتاب المختارين، وبعد بوجوتا 39 عام 2007 أتوقع أن تكون بيروت 39 مناسبة هامة للإسهام بشكل ما في التعريف بالأدب العربي والذي للآن لم يصل إلى الكثيرين مثلما وصلتهم آداب أخرى لا أحسب أن الأدب العربي عموما يقل عنها في شيء.