حسام الضمراني
نشر أعماله في نهاية التسعينات، رغم أنه أحد المنتمين لجيل السبعينات الأدبي في مصر بعد أن تخرج في كلية الحقوق، إلا أن لأعماله الروائية آثر يعادل آثر روائح الكتب القديمة المستعملة والنعناع؛ بل والسكر الذى أورثه ابنته الكاتبة مريم حسين التي تعلمت علي يديه أن تتبع سر السكر، وهو عنوان “مجموعتها القصصية الأولي الصادرة عن دار ميريت”.. إنه الأديب حسين عبد العليم، الذي غيبه الموت عنا، اليوم الأربعاء، بعد صراع مع المرض.
استطاعت أعماله الروائية أن تكون بمثابة وثيقة تاريخية ترصد أحوال المجتمع المصري قبل اندلاع ثورة 1952 وهو ما برز في روايتاه “بازل”، و”سعدية وعبدالحكم” التى عبرت كل منهما عن عصر ما قبل الثورة وللفترة الناصرية، وأخري توثق تشوهات عصر الانفتاح الاقتصادي أيام الرئيس الراحل أنور السادات مثل روايتاه “موازييك” و” زمان الوصل” حيث رصد في الأولي التدهور الذي داهم مصر مع الانفتاح الاقتصادي، وآثاره التي تراكمت بالسلب تدريجيا فأدت إلي قيام ثورة يناير، والثانية عبارة عن عرض لواقع عجائبي يعيشه صائد طيور اضطره ضيق الحال لبيع بندقيته، والتخلي عن عشقه.
كما استطاع أن يرصد من خلال روايتاه “فصول من سيرة التراب والنمل”، و”المواطن ويصا عبد النور” عوالم الأقباط المصريين، وجسد في روايتاه “ورائحة النعناع”، و”الروائح المراوغة” إجترار لسيرته الذاتية ومرثية وحالة من الحنين لأيامه الخوالي والتي تعادل رائحة الكتب القديمة فى أنحاء المكتبات ومستودعات الكتب المستعملة هذا الشذا العجيب الذي تعبق به هذه الأماكن ونستنشق رائحتها المنعشة ونحن فيها.
بمنهجية باحث يعمل على تحليل الحقب التاريخية، كان يستند إلى المراجع لإمداده بالمعلومات الدقيقة عن المرحلة التي يتناولها، إيمانا منه أن يقدم عملًا أدبيًا جماليًا ويتمتع بقدر كبير من المصداقية، وهو ما نجده في رواية “سعدية وعبد الحكم” والتي اعتمد فيها ثبتا بالمراجع التي استخدمها عن تاريخ الفترة وتاريخ الأمراض والأحداث المهمة وحتي الإعلانات في الصحف.
الأديب الراحل علاء الديب وصف روايات “عبد العليم” بأنها روايات بنفس القصة القصيرة تحتشد بتفاصيل كثيرة مختزلة، لأن الكتابة عنده مثل تشيكوف وإبراهيم أصلان تعني الاختصار؛ كما أنها تتسم بتراكيب لغوية فريدة تقارب لغة الحياة اليومية.