محمد سعيد درويش
أجلسُ
في زاوية الغُرفة
أملكُ بضعة أوراق مالية
وعُلبة سجائر
تحتوي على لفافتين تبغ
وكِتاب أنوي قرأته هذا الصباح
أفحصُ الأوراق المالية
بعناية ودقة
أحاولُ أن أجعل شأني الشخصي
أقل رداءة
ثلاثون جُنيهًا ثمن عُلبة سجائر
كي يطفئ الدُخان
الحرائقُ في قلبي
كي أبرر الانتظار
أو أخلف ورائي سببًا
للوفاة
ليقول الجيران
ورفاق المقهى
أنني مُت إثر التدخين
ولكن لا أحد فيهم
يعرفُ الحقيقة كاملةٍ
أنني مُت
إثر الخيباتِ المُتكررة
وأن الدموع جفت في عينايَّ
وأنني مُتعبًا أشد التعب مِن
أن أبكي
وأن الغصات في قلبي
تقتلني كُلٌ يوم
وأن الطواحين في رأسي
تُصيبني بالصداع
وأنني مازلتُ لا أفهم شيئا
وأنني عاجز عَن المواكبة
والمواءمة
كالديناصوراتِ
الوفاة هي أمر طبيعي تمامًا
لكن ليس طبيعيا
أن أموت وأنا على قيد الحياة
***
أشعلُ لفافة
وأنفث الدُخان
أعبثُ بالألوان
أُصدقُ كَذِبة الفنان
أتحلى بالشجاعة
لدقيقتين
وأعود مرة آخرى
جبان
أتناولُ هاتفي
مِن على الترابيزة
وأتأملُ صورتِك
عَيناكِ البنيتان
الجميلتان
شفاتيكِ
الكرزتان
صوتِك
ذاك الذي يضربُ قلبي
كضربة موج البحر
على الصخر
فينتفضُ مكانه
قلبي
ليس صخرًا
ليظل مكانه
ينتفضُ مِن مكانه ليقفز فيكِ
يقف قلبي أمامك
يفتح ذراعيه لتعانقيه .
حسب التوقيت المحلي لمدينة القاهرة
أنا غاضب وحزين
وأُحبك ، أينما كُنتِ ، كيفما شئتِ …
حسب توقيت غرينتش
أنا مازلتُ نائمًا
مُلقى على السرير
منسيُـًا تمامًا
لا أحد يوقظني
في تِلكَ الساعة
ليخبرني
أن المسلسل القديم
الذي أتابعه
قد فاتني
لكن لايهم
آه لايهم
لقد حلمتُ بكِ
لو كان ثِمة أحد
أيقظني في تِلك اللحظة
كُنتُ سأقتله
جميلةٌ أنتِ كعادتك
تقفين في شرفتك
وبصوتِك
الذي يبدو كصوت قِطة صغيرة
تُغنين أُغنيتِك
حسب توقيت غرينتش
أنا عانقتك
على ضفة النهر
آخذتُ قبلة وآكلتُ شفتيكِ
كي أموت مكتملًا
تعالي إليَّ حبيبتي
ربما ساعة
وأصحو مِن نومي
حسب توقيت غرينتش
أنا نائم وأُحبك
حسب توقيت مدينة نيويورك
أنا مُفلس تمامًا
ما أملكه
لا شيء
أمضي في الشوارع
أتأملُ وجوه الناس
العابرة
لا أجدُ نِسمة الهواء
التي كانت تضربُ وجهي
في المقاهي الساهرة
ولا أجدك حبيبتي
مِن بين كُلٌ الجميلات
اللواتي يمشين
في الشوارع
واللواتي يقفن في الشُرفاتِ
أمشي وأنادي عليكِ
لكنك لا تسمعين
صوت الأنين
ولو تعلمين
كيف حالي
حسب توقيت مدينة نيويورك
فأنا أتعذب
وأبدو كطائر
في قفص مُسيخ
حسب توقيت نيويورك
أنا مُفلس ومُعذب وجائع
وأُحبك .