جيشا وسمكة الحنكليس

موقع الكتابة الثقافي
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

 نهى محمود

الكتب من المفردات الأساسية في عالمي

يعد طقس تبادل الكتب طقسا مقدسا وعظيما ..

أمارسه مع مجموعة مقربة من أصدقائي .. غالبا من يعرفون ذوقي في الحياة

أشعر بزهو عندما يتذكرني صديق وهو يقرا كتاب ويقرر ان يبادله معي بعد انتهاءه منه

أشعر بشجن وأنا انهي الكتاب الذي يمرره لي الاصدقاء

لأنه غالبا يعجبني ويتماس مع مشاعري وشجوني وإيماناتي

ابتسم الآن وأنا اتذكر كيف أختار – طه عبد المنعم – ان يقدم لي العزاء في وفاة خالتي

أتصل بي بعدها بيومين ربما ، وقال بلهجة حاول ان تبدو هادئة في حين أنها كانت محملة بالإثارة

انه لديه كتاب سيعجبني وانه يرغب في تمريره لي – لأنه سيواسيني

حسنا كل الكتب التي مررها لي اصدقائي لأنهم يعرفون انها ستلمسني فعلت ذلك بقوة وقسوة وعذوبة

– متعة الألم – هو ما أمر به مع الكتب الجيدة التي تناسب ذوقي / لكني دوما اقع في مأزق رهيب – عذاب رد النسخة التي قرأتها لصاحبها

في كل مرة يعجبني كتاب جدا .. اترك فيه علاماتي بقلمي الرصاص – انقل منه بعض الجمل

أثنى طرف صفحة ما برفق

أنا من نوع البشر السئ الذي يتعلق بكل شئ استخدمه حتى الجماد

الكتب التي تعجبني وترافقني طيلة اسبوع مثلا – هذه عادتي عندما ابدء في كتاب أصحبه معه في كل مكان

أركب به المواصلات وامضي به لمكتبي وأجلس به على الرصيف وأذهب به للمقهى

أتجول به في البيت ، واقرا منه في كل لحظات الفراغ المتاحة في يومي كله

حتى في المطبخ وانا اصنع الطعام

عندما ينتهي كتاب

يكون قد رافقني مدة كافية تسمح لي ان اتعلق به واتألم لفراقه

وأوقن ان جزء من طاقة فرحتي وحزني غادرت داخله للأبد

 

منذ أسبوع وأنا اقرأ رواية ” جيشا” ل آرثر جولدن

ابتسمت للخاطر الذي تملكني بعدما أنهيت صفحاتها –

أفكر اني أتفرج على الحياة بوقار – جيشا يابانية – وأن الطريقه التي حملتني بها ال500 صفحة لأنجز قراءتها وأتأمل حياتي والعالم كله من حولي واعيد تركيب قطع بازل الحزن العملاقة التي تملئني كانت قاسية وممتعة على حد سواء .

وأن الحياة بها جوانب أكثر قسوة وعذوبة من تألمي لفراق من غادروا

وفيها إثارة أكثر من تشبثي ببنطلون البيجامة الأزرق الذي احبه واختار أن ألبسه كطقس مبهج عندما انوي أن ألعب بقصاصات الورق من البلكونة ومتابعة نجمي الناري وقراءه العلامات الخاصة بقلبي

وان العالم ملئ بالاشياء التي قد نتعلق بها دون أن ندرك علاقاتنا القدرية بها ..

وأنه ليس هناك مستحيل في هذا العالم بما في ذلك مقابلتي لسمكة الحنكليس التي أرغب في رؤيتها ولمس بشرتها الغريبة جيشا رواية اليابان الأولى – حققت مبيعات بالملايين

وتركت في قلبي كلمات عميقة ومؤثرة على لسان ” سيوري “بطلتها

قالت –

– فكرت أن جميع الرجال والنساء في حياتي ، سواء أماتوا أم هجروني ، لم يغيبوا إلى الأبد ، بل يتابعون حياتهم داخلي . احسست وكأني أشربهم جميعا .

– إذا ما سألتني لماذا كنت أشتهي هذا الرجل لأجبتك : لماذا الكاكي الناضج لذيذ إلى هذا الحد ؟ ولماذا يصدر الخشب دخانا عندما يحترق؟ –

واذا سألت نفسي لماذا عليّ أن اعيد الكتب التي تمتزج بي إلى اصحابها فأقول لك بمنتهى الأسى والحزن لأني طيبة وانتظر رؤية سمكة الحنكليس

 

مقالات من نفس القسم