لاوقت للأسئلة الأن إنه وقت النجاة ، أركض على الرمال الساخنة حافياً لا أدري أين حذائي وملابسي الأنيقة
– ما ملابس الحرب هذه ؟
ألمح خندقاً من بعيد ، انزل فيه وأختبئ من لهيب النار .. ألتقط انفاسي لكن أجد رجلين يتناقشان .. الأول يرتدي بزته العسكرية ، يبدو على وجهه علامات الصرامة والجد ، وجهه كالصخر لكنك تلمح إبتسامة ساحرة تظهر أحياناً أما الثاني فيرتدي بدلته الأنيقة وألمح ( البايب ) بين شفتيه ، أتساءل ماجدوى البدلة و البايب فى ظل هذا الوضع .. يبدو اننا في حرب وهو يدخن البايب؟! أسمعهما
– ألم أقل لك أن جنودنا بواسل ؟
– لكنهم يموتون ونحن لا نملك حلاً
– إنها الحرب ولابد من تضحيات
– لابد أن تكون القوة متكافئة بيننا وبينهم
– إن معنا الإرادة القوية ويساندنا شعبنا القائد المُعلم
– إن شعبنا وجيشنا يُسحقون ولن يصيبنا سوى اللعنات
– إنك تريد الإستسلام ولن أسمح بذلك ، لن نركع ولن نسقط
أتابع حوارهما بدهشة محاولاً فهم ما يحدث ..ألمحهما ينظران إليّ ! ،يقول الثاني
– ها هو قد جاء ليحكم بيننا
يتجهان نحوي فأراهما ، الأول يحمل بندقية و الثاني يحمل غصن زيتون .. يقول لي
– ما رأيك أنت ؟! أهي الحرب أم السلام ؟!
– لا أدري فأنا لا أعرف ما يدور هنا
يرد الأول بحدة
– ماذا يدور هنا ؟ إننا نحاول صد العدو وهو يريد أن نفاوضهم ..( يقاطعه الثاني )
– هو يرى أن نستمر في الحرب و ننتظر الإمدادات
أرد عليه
– وماذا ترى أنت ؟!
– أرى المفاوضات حتى نصل للسلم
– إن العدو الذي يحاربك لا ينتظر مفاوضاتك وإلا لما حاربك أصلاً
يرد الأول بحماسة
– ألم أقل لك ؟! خذ يا صديق البندقية ولتخرج عليهم كالليث الشجاع
أمسك البندقية بيمناي لكن الثاني يقول
– فلتمسك غصن الزيتون فهو الأمل الوحيد
أحاول الصراخ متسائلاً عما يحدث هنا لكن أجد نفسي في أرض المعركة يحوطني الرصاص و أشلاء الجثث ، يسقط غصن الزيتون ولا أجد معي إلا البندقية ، أسندها إلى كتفي ، أضغط الزناد ..تنطلق فقاعة هواء ، أصرخ أين الذخيرة ؟ فيجاوبني رصاص العدو إجابة بليغة تدخل صميم قلبي ، تسقط البندقية ، أجثو على ركبتيّ ويسقط وجهي على الأرض يسيل منه خيط دماء
أسمع زقزقة العصافير وأصوات أطفال يلعبون ، أشعر بجسم دائري يلمس قدمي .. أفتنح عيني فأرى فتاة صغيرة تطلب مني الكرة، أناولها كرتها فتشكرني وتطبع قبلة على جبيني وتنطلق تلعب مع أصدقائها.
ـــــــــــــــــــــــــ
قاص وكاتب مصري
خاص الكتابة