تدور الأحداث في اربعينات القرن الماضي حيث أجواء الحرب العالمية الثانية وانجلترا وحلفاؤها في حرب مع هتلر والنازية،انجلترا تحارب مع جنود من مستعمراتها السابقة في اطراف المعمورة، التي لم تكن نالت الاستقال بعد ، مواطني جامايكا أو الهند الغربية كانوا ضمن جنود الامبراطورية الانجليزية الذين انخرطوا في القتال تحت علمها, الرواية تتحدث أيضا عن مشاعر الجيل الأول من المهاجرين الجامايكيين الي انجلترا التي لم تكن في نظرهم دولة احتلال، لكنهم كانوا ينظرون اليها كالدولة الام، والي بلدهم كجزء من تلك الامبراطويه
في سنة 1948 تبدأ احداث الرواية بانتقال الفتاة هورتنس من جامايكا الي انجلترا للحاق بزوجها جلبرت الجامايكي ايضا و الجندي في الجيش البريطاني، هورتنس كانت تعيش في بيت اسرتها الكبير حيث تمتلك الأسرة مزرعه تربي فيها الحيوانات، فيها عدة خادمات وغرفة للخبَز تصف ليڤي البيت الجامايكي الذي تربت فيه هورتنس بالسعة والرحابة والدفء الاسري, تذهب هورتنس الي جلبرت الذي تزوجها علي امل ان تلحق به في بيت في لندن أعده له، وفي مقارنة رائعه تصف ليڤي اجواء لندن التي بدأت في التعافي من آثار الحرب ،تركب هورتنس الباخرة لتصل لندن فلا تجد جلبرت في انتظارها وتصل أخيرا الي البيت لتجد منزل الزوجية عبارة عن غرفة صغيرة استأجرها جلبرت في منزل سيدة انجليزية ، الغرفة بلا حمام ومليئة بالفئران ؛ تصدم هورتنس وتنتحب وتندم علي ضياع حلمها بالرفاه والبذخ في لندن، يحاول جلبرت تهدئتها وان هذه في لندن وتلك هي الحرب لكن شيئا ما ينكسر داخلها وفي علاقتها بجلبرت الذي تراه رجلا آخر غير الذي كانت تتمناه…
واجه جيلبرت كونه ملونا معاملة عنصرية من القادة الامريكان حيث ارسله الضباط الانجليز ليعمل سائق عربة فحم في قاعدة امريكية, رفض الامريكان وجوده بسبب لونه تقول ليڤي “: اذا وجد ملون نفسه في قاعدة للجيش الامريكي محاطا كليا بأناس بيض، إذن ،يا رجل!فهو في المكان الخطأ. كيف استطعت نسيان هذا؟ولائي كله لعملي ولكن لن تجد أبدا رجلا أبيض يحترم نفسه يذهب الحرب مع زنجي”كلاليست نظرية العرق السامي بل نظرية جيم كرو.!”
و:”هذا رجل ملون في المتجر,سأصف المشهد, أفواه فاغره مثل الأطفال في أول صورة تؤخذ لهم عيون واسعة مندهشة تنظر بسرعة إلى بعضها. أقلام ، أوراق،أدوات ،أي شيئ ممسكون به بقوة في أيديهم قد يقع علي الأرض. وصدور تفور من الغيظ تقبض يدها بصراحة قبالهم. ماذا تفعل هنا أيها الزنجي؟ هذا ليس مكانك” مرحبا قلت لقد أرسلت من قبل قوات الطيران الملكية من أجل إحضار أجزاء للطيارة “يا رجل قد اكون محظوظا اذا استطعت ان اكمل الجملة قبل ان أطرد من المكان. كيف لزنجي أن يعمل مع شباب أمريكي أبيض؟ ستراهم يركضون إلي وقتئدهم يطلبون العدالة لن يمنعهم اختلاف الرتب . لن يقولوا, لن يعملوا مع زنجي سواء كان بريطانيا أو أيا كان لن توجدسجائرشسترفيلد قدمت لي ما هي الحكاية التي سأرجع احكيها؟الحكاية هي رجل جامايكي لطيف تسبب اليوم في خرق القانون في الجيش الأمريكي”.
يتعرف جلبرت علي كويني السيدة الانجليزية البيضاء التي تتعامل معه بعطف وتؤجره غرفة في منزلها, كما تأجر لجنود ملونين اخرين كويني شقراء جميلة ابنة جزار انجليزي تعهدتها خالتها بالتربية زوج كويني ضابط في البحرية الانجليزية ذهب أيضا للحرب مع جلبرت, يخرج جلبرت مع كويني للسنما والشراب لكن المجتمع يرفض ظهور السيدة البيضاء مع رجل ملون , ويصفها بالعاهرة!تنشا تصبح كويني وجلبرت وزوجته هورتنس أصدقاء، لكنها تسقط في غواية جندي جامايكي آخر يطفأ حرمان جسدها بعد ذهاب زوجها برنارد للحرب، تحمل كويني بطفل الجندي لتنجب طفلًا ملونًا في مجتمع شديد العنصرية وبعود برنارد من الحرب ليجد زوجته أنجبت من آخر ، وتتجه شكوكه ناحية جلبرت الذي تهجره زوجته ظنًا أيضاً انه والد طفل كويني ،في موقف لا يحسد عليه لا يستطيع برنارد كتمان الفضيحة ونسب الطفل له فالطفل ملون, تعرض كويني علي الزوجين الملونين اخذ طفلها للابد, حتي لا يتربي في مجتمع يصمه بانه ابن خطيئة وبانه ملون.. تنتهي فصول الرواية بالزوجين الجامايكييّن في حيرة من امرهما, لكنهما يحسمان امرهما بعد تحدي برنارد وصلفه واكتشافهما مدي عنصريته تجاه الملونين!
الرواية تتحدث عن المجتمع الانجليزي العنصري تجاه الأخرين خاصةالملونيين, تتحدث عن كيف تخرّب الحرب حياة الجميع، عن علاقة الشعب الانجليزي بسكان المستعمرات، وعن العلاقة الملتبسة بين سكان المستعمرات وما يظنونه الوطن الأم وليس الدولة المستعمرة، كيف يواجه سكان” الجزيرة الصغيرة “جامايكا جهل العالم بهم فلا أحد يعرف اين هي جامايكا الجميع حين يذكر جلبرت كونه جامايكي يظنونها في افريقيا, تتحدث الرواية عن الحب والعشق والخوف والحرمان، الألم والغربة والوطن اسلوب اندريا يتميز بالإسهاب الملحمي في رسم المشاهد والأحداث والتفاصيل، وفي كشف العوالم النفسية لأبطال الرواية الاربعه وعلاقاتهم المرتبكة، بناء هائل شيدته ليڤي عبر سبعمائه صفحة ،كشفت دواخل المجتمع الأوروبي العنصري في لحظة الحرب تجاه الآخر من خارج القارة، كيف يخوض رجلان نفس الحرب تجاه نفس العدو، ثم يقتتلان بعدها لأن احدهما يخال نفسه أرقي من الآخر كونه ابيض وكون الآخر ملونا ابن مستعمرة بعيدة..مجرد جزيرة صغيرة..
_____________________________________________________
حازت جزيرة صغيرة علي جائزة الأورانج وصدرت عن الهيئة العامة للترجمة ، ترجمة د.اماني توما
أندريا ليڤي: كاتبة جامايكية من مواليد 1956 وصلت كمهاجرة الي لندن مع والديها وهي في الثالثة، وعانت عقدة كبيرة من معاملتها كسوداء في لندن شديدة البياض ذلك الوقت، اتسمت كتاباتها بمقاربة سيرتها الذاتية، اهم رواياتها ثمرة الليمون وجزيرة صغيرة أبدا وبعيدا عن أي مكان.
جائزة الأورانج: جائزة سنوية مخصصة لكتابات المرأة هدف الجائزة هو مساعدة الكاتبات علي تخطي حاجز الجنوسية والخروج لأفاق أرحب قيمتها ثلاثين الف جنيه استرليني..