جراب الحاوي

موقع الكتابة الثقافي
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

غادة عبد الله

أعترف أني أحب كذباتك الصغيرة

تلك المنمـنمات المزركشة

التي تبعثرها في حديثك غير آبه لذاكرتي

قصصك الساذجة غير منطقية

الإضافات الملونة الزاهية اللامعة

كأغلفة قطع الحلوى الرديئة

يبهجني ملمسها

وصوت خرفشة أوراقها المصقولة

ولا أتوقف كثيراً عند صدمة مرارتها

:

حافية شعثاء

أُسابق الرفاق على الطريق الترابية

أزاحمهم

أُدافع أوائك العمالقة من أهل قريتنا

بالكاد تتخطى قامتي ركبة أحدهم

أسمع سباباً وصراخاً

لا يهم

فقد نجحت في الوصول لأول الصفوف

تلتقيك عيناي

عجوز مجهد رث الثياب

رغم ما علاها من زراكش مبهرجة

مرهق حزين رغم أصباغه الضاحكة

تمد يدك داخل جرابك السحري

تخرج كرة بلورية لامعة

تلقيها في وجوه المتحلقين بثقة

يجفلون .. يتراجعون خطوات

تطير الكرة عالياً كحمامة بيضاء

يصفق الحضور في فرحة طفولية وأنا معهم

تشير إليّ ...

 تتخيرني من وسطهم

تمد إلىّ يدك فتبتلع يدي الصغيرة

تجرني إليك لأتوسط حلقة الجمهور

لم أفكر .. بل قفزت بثباتٍ إلى جوارك

تطلب منهم أن يصفقوا لي مشجعين

لا أسمعهم ... صوت ضربات قلبي يطغى على تصفيقهم

تخرج من جرابك (شيئاً ما)

تتابعك عيناي شغفاً وفضولاً

تضع في كفي قطعة نقود معدنية وتطلب مني أن أمسكها بقوة

تتمتم بكلمات مسجوعة

تلوح بذراعيك في حركات درامية مصطنعة

ثم ... تقترب من ضفيرتي

أحاول التظاهر بالثبات وأركز على قطعة النقود بقبضتي

تفك شريطتي فيتبعها شريط طويل من المناديل الحريرية الملونة

يصفق الحضور

وتأخذني الدهشة

تُخرج من ضفيرتي الثانية بيضة

إثنتان

ثلاث

أضحك بصوت عال

أحاول تحسس ضفيرتي كمن يبحث عن رابعة

تعترضني .. تمسك بيدي وتفتحها

اختفت قطعة النقود وها أنا ذا أحمل على راحتي فرخ زهري اللون

برفق تنقله على راحتك تربت عليه ... ثم ... لا أعلم ماذا حدث

لقد اختفى الفرخ وتحول ثانيةً الى قطعة نقود

تناولني إياها ممتناً ثم تصرفني وسط تصفيق الجموع

تتحول إلى جرابك السحري

تطيل العبث به وتطيل اشتياقنا للآت

صرة من رمال صفراء

تأخذ حفنة منها وتنثرها عالياً

تتساقط فوق رؤوسنا قصاصات من ورق ملون

تمتزج ضحكاتنا بحرارة التصفيق

وتنحني بحركة استعراضية مستهلكة

كانت تلك هي فقرة الختام

ينصرف الحضور وأنا معهم

كنتُ كلما ابتعدت .. أتلفت خلفي أتابعك

تتنقل عيناي بينك وبين قطعة النقود في كفي الصغير

وأبتسم

أحتضنها وأبتسم

أعلم أنك مخادع

وأن قطعة النقود لن تكون فرخاً زهري اللون في كفي

ولكن لا بأس من الحلم

أنت بائع بهجة رغم حزن عينيك

وأنا أشتري الحلم

رغم رداءة الحلوى

وأحب كذباتك الملونة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

كاتبة مصرية 

مقالات من نفس القسم

خالد السنديوني
يتبعهم الغاوون
خالد السنديوني

Project