حميد العقابي
1
في القطارِ، أحبُّ القراءةَ
يُشغلني قلقُ الانتظارِ،
وخوفُ الغريبِ
وتلويحةُ الواقفين،
وصمتُ المحطّاتِ.
تُسحرني القبلاتُ الحميمةُ،
يُضحكني شبقُ العاشقينَ المحاصرُ بالنظراتِ
ولكنني حين أجلسُ في مقعدي
ــــ بعد أن أتفحصَ كلّ الوجوهِ
بنظرةِ مَن لا يرى غيرَ غايتهِ ـــ
ألفُ خاطرةٍ تتحكمُ بي
كيفَ أمسكُ طرفَ القصيدةِ،
كيفَ أراودها،
كيفَ أبتدئُ القولَ،
كيفَ..
وكيفَ
………………………
………………………
القصيدةُ تجلسُ لصقي
وأعجزُ عن فعلِ شيءٍ
سوى
أتصفحُ سحرَ الضواحي
ووجهَ التي تتهربُ مني
وتوهمني أنها لا ترى غيرَ ما في الكتاب.
2
ما كانَ ثمّةَ من قطارٍ
أنتَ مذ عشرين عاماً، واقفاً
مازلتَ تنتظرُ القطارْ
العشبُ غطّى سكّةً حرفتْ مسارَ رحيلها
ومحطةٌ أخرى أقيمتْ في المدينةِ
ربما تشتاقُ للأطلالِ ــ مثل قصيدةِ الأسلافِ ــ
أو… ما عادَ يغريكَ الرحيلُ
سوى الرحيلِ إلى المدى المجهولِ
وحدكَ…
واقفاً
متوجساً
متلذذاً بالصمتِ أو بالإنتظارْ .
3
وَصَلَ القطارُ ولم تكوني فيهِ
قلتُ :
” سأنتظرْ
فلربما تأتينَ في البعدِ الأخيرِ “
الثلجُ يهطلُ، والرياحُ شديدةٌ
وأنا دخلتُ بطانتي ( متقنفذاً )
شبحٌ بعيدٌ
(لا أراهُ، سوى اتّقادِ الجمرِ في الغليونِ)
نحوي قادمٌ
هو ضائعٌ مثلي
ومثليَ ربما
هو بانتظارِ حبيبةٍ لم تأتِ بعد
…………………..
…………………..
ألقى ذراعَهُ فوقَ كتفي
وهو ينظرُ للسماءِ بنظرةٍ ملأى بسخطٍ أو عتابٍ
ثم قالَ مربّتاً كتفي، بحزن :
” وصلتْ ولكن لم تجدْكَ…. فغادرتْ ؟
وأشارَ نحو اللاجهةْ
فهرعتُ حيث أشار .