تَهَيَّأْتُ لِأَعْلُو صَهْوَةَ الْحُزْنِ الْقَدِيم

تشكيل
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

فرانسوا باسيلي

I

قُولِي نَسَيْتُكَ
رُبَّمَا الصِّدْقُ النَّبِيلُ أَرقُّ مِنَ الْكَذِبِ الْجَمِيل

لَكِنِيّ لَا أَنسيَ مُرُورَكِ الدَّامِعَ حول مدفئة المحبة 

وهي تخفت في أفول 

قَهْقَهْتُ سَاعَتهَا وَقُلْتُ فِي نَفْسِيٍّ
لَعَلَّكِ قَدْ تَعَلَّمَتِ الْمُرُورَ مِنَ الْكِرَام

وتقبلت حقيقة  أنني ما عدت فارسك الهمام

كنت أسرجتُ القصيدة وتَهَيَّأْتُ لِأَعْلُو صَهْوَةَ الْحُزْنِ الْقَدِيم

فلكي أسافر أو أعود إليك لم تكن المطارات استعدت للقيام

والطائرات تَمَنَّعَتْ

 إذ كان يثقلها الحنين ولم تكن في سترتي إلا الثقوب

وتذاكر السفر البعيد ثقيلة السمع فلا هي تستجيب إلي دمع المودع

ولا هي تقتفي أثر المسافر حين ينتظر الحقائب في الزحام

تأتي حقيبته القديمة فارغة

وقد سرقت يد الزمان اللص ألبوم الحنين وآيات الكلام

II

قولي نسيتك يا غريب فلا تعد

لو أرسل الآن الورود إليك هل تتحممين بعطرها؟

هل ماء المحبة إذ يفيض علي شفتي حلالٌ أم حرام؟

كنت أعددت القصيدة كي أطير بوزنها وبحورها

فتكسرت أمواج بيتي فجأة

وبقيت في زنزانة العمر الطويل أسامر الأيام

قولي نسيتك يا غريب فلا تعد

فأقول لكن إن نسي العقل

ستظل ذاكرة الجسد

وأظل أنتظر القصائد ترتدي ثوب الغمام

وأقول يا شمس المحبة لا تغيبي

واحمل رسائلنا إلينا يا حمام

ما عاد في البلد البعيد من يبقي علي ذكري بقايانا

فلمن نعود؟

III

حتي إذا عدنا

ستشغلنا عن العشق الذي فينا أمورٌ ثانوية

وهمومٌ وجودية

أين نذهب؟ كيف نرجع؟ أين نهجع؟ ما سنأكل؟ ما سنجرع

من نبيذ العشق والعلقم كي ننسي ولا ننسي

وعذابات طقوسنا اليومية

مقدسة ومدنسة، محرفة ومكدسة،

وصفوفنا وسيوفنا ومعاركنا الوهمية

فلمن نعود؟ حتي إذا عدنا

فهل ستعود اللمسة الأولي والرجفة البكر وقبلتنا الخفية؟

حتي إذا عدنا فماذا عسانا أن نقول وأن نعيد

ولم تعد لنا من حصص اليوم أخبارٌ ولا أسرارٌ تعاد

ولا قصصٌ من شهرزاد، ولا أسفار السندباد، ولا

سجادة سحرية

فإلي أين نطير لنلحق بالأساطير التي تهوي علي سواعدنا

ونحن لا ندري من الصياد، هل نحن البغاة أم الضحية

حتي إذا عدنا فهل يعيد النيل جلستنا وخلستنا

وهل تصاحبنا ملائكةٌ بكمنجاتٍ ومواويلٍ شجية؟

إن ماء النهر يجري في إتجاه واحدٍ،

ولا يعود الماء من أسفاره القصية

إرشفي القهوة في اللحظة وانسيني،

وقولي نسيتك يا غريب فلا تعد

كان أمسنا هديةً من زماننا لنا،

وَلَا تُرَدُّ الْهَدِيَّة

 

مقالات من نفس القسم

علي مجيد البديري
يتبعهم الغاوون
موقع الكتابة

الآثم