عماد بدر
ظنوا أن جعبته امتلأت من كثرة الحكايات، وتهالكت من تشبث أبطال حكاويه بخيوط الدمية للفوز بدور البطولة في الحكاية الجديدة، فقرروا الهرب والبحث عن معجبين للتصفيق لهم عند سرد الأحداث، كانوا يظنون أنه فقد القدرة على الإمساك بخيوط الدمية، تخيلوا أن قلمه الرصاص الذي رسم أدق تفاصيلهم هو سيف خشبي لا يستطيع المبارزة في الميدان، كانوا متفرجين، يتسلقون على ضحكات وإعجاب المشاهدين، حتى يخطفوا النظر إلى بطل الحكاية، ويتتبعون الأثر، ويصطفون، ويتجملون، ويطلبون منه مساحة في القصة، لقد تمردوا على ألوان المسرح، قفزوا واحدًا تلو الآخر، وأخبرهم طرزان الحكاوى أن اللعبة بسيطة وسهلة، ولا تحتاج إلا لمصفقين، نصحهم بالبحث عن التجمعات، فالنجاح يعتمد بقدر كبير على أكبر حشد، ونصحهم آخر بإحداث الضجيج، فهناك من يحب الضجيج، الآخرون أخفوا حيلتهم، تفرقوا، سلكوا طرقًا كثيرة، انتحلوا الشخصيات والأشكال والأدوات، تجردوا من أقنعتهم، وتبادلوا الأدوار والأمكنة، نسوا أنهم دمى، حتى إنهم ضحوا بآخر أوراقهم، ضحوا بمن هرب معهم، لم تفلح آخر خطة لهم بالتجمع لتمثيل الجمهور وتبادل الأدوار فيما بينهم، نسوا أن أدوارهم كلها ممسوخة، فهم مجرد ألواح، يتحرك عليها كل بطل جديد، تعاركوا، وألقوا اللوم على أنفسهم، تبادلوا الاتهامات، لماذا أفلتنا الخيط؟ لقد كنا أبطال حكايات، أصابهم اليأس، حتى إنهم أصبحوا يهربون من أصوات الجماهير، وفجأة سمعوا أصواتًا وهتافاتٍ وتصفيقًا حادًّا، لم يسمعوه من قبل، نظروا إلى بعضهم، تسابقوا لنيل الفرصة والقيام بدور البطولة، هرولوا إلى الحشد، وصلوا بأقصى سرعة؛ ليجدوه واقفًا على المسرح، يحكي للجمهور الجديد عن قصة تمردهم .