تلاميذ/موظّفون/قوّادون؛ أمّهَاتٌ يُصَافِحْنَ الآباءَ بِضَراوة

تلاميذ/موظّفون/قوّادون؛ أمّهَاتٌ يُصَافِحْنَ الآباءَ بِضَراوة
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

 

حاتم الأنصاري

“الكتابة نظيفة.. الكلام قذر”

جيل دولوز

(1)

أعمدةُ الإنارة التي تنامُ واقفةً كالخيول.. تنامُ الآن واقفةً كالخيول.

التحيّاتُ الأجنبـيةُ المعلّبةُ تُــوَزَّعُ على المارّةِ بـسخاءٍ شديـدٍ نظرًا لاقـتراب موعدِ انتهاءِ صلاحيتها.

دواخينُ العوادم تعانق بعضها بعضًا في مشهدٍ يستحلبُ الدموع من مآقي السَمَاكِرَة.

الأفواهُ الواسعةُ مثل عيونِ جهنّم مزمومةٌ مثل مجموعةٍ من القنوات الرياضيّة المشفّرة.

بين أرتال الــرؤوس المطأطأة، تختال التحـــدّياتُ الپلاستيـكية بدلالٍ دون أن تكترث بوجــود أو غياب منتجات الـفـولاذ المقاوم للصدأ.

الطفولةُ المنتشيةُ -بفضل عقار الأپتريل- مستغرقةٌ في تلوينِ الأسوارِ بجميع درجات الأزرق؛ ولاسيّما الفيسبوكي.

أفواجُ الرنّاتِ والدقّاتِ -دفّاقةً- تزحفُ نحو صـالات الأدمغــة التي غُصّتْ جنــباتها بملـفّــاتِ پي دي إف وإكسل غفيرة.

خلف الأبواب المغلقة أبوابٌ أخرى مغلقةٌ تراود أبوابًا مغلقةً أخرى عن نفسها تحت أعين النوافذ المغلقة.

بروحٍ طيبةٍ، تَتَودّدُ المقاعدُ المؤيَّدةُ بروحِ البواسير إلى أسِرّةِ العظماءِ والعباقرة (ذلك رغم خوفها من الإصابة بعدوى المللِ وقرحةِ الفراشِ والإبداع..)

العلَاقاتُ الشبكاتُ العَلاقاتُ الشبكاتُ العلاقاتُ الشبكاتُ الرَكْضُ العلاقاتُ الشبكاتُ العلاقاتُ العلاقاتُ الشبكاتُ.

أشعةُ الصمتِ أوهنُ من أن تَنْفذَ مِنَ الفُسَحِ القليلةِ بينَ الأصواتِ المتشابكة.

أشعةُ الموت أوهن من أن تتسرّب عبر الفُسَحِ القليلة بين الحَيَوات المتشابكة:

لقد باتَ النهارُ جاهزًا تمامًا..

وما عليكِ الآنَ إلا أن تزدهري

يا ذُبابتي الفتيّة!

إن لديكِ الكثير من الحبّ ذي الوجنتين الورديتين الملطّختين بالعسلِ وصلصةِ البامية والمربّى.

والكثير من الكراهية التي تُحَرِّكُ الشمس والنجوم الأخرى..

فضلاً عن الكثير من الشعرِ الذي يقتات بأريحيةٍ على أعصابِ الشعراءِ وأردافِ مُلْهِمَاتِهِم.

فلماذا لا تزدهرينَ يا ربيبةَ ملكةِ النحل الرقمية،

وخدينةَ صناديقِ القمامةِ

وسَلّاتِ المحذوفات؟!

هيّا

ازدهري بسرعة!

ازدهري بهدوء

ازدهري بأناقة..

ازدهري في سِنّ العاشرة..

من أجلكِ ومن أجل الصحاري المفعمةِ بالنجاسة.

ازدهري أكثر في سنّ الثانية والعشرين..

من أجلكِ ومن أجل الصحاري المفعمةِ بالنجاسة.

ازدهري أكثر وأكثر في سنّ الخامسة والثلاثين..

من أجلكِ ومن أجل الصحاري المفعمةِ بالنجاسة.

ازدهري أكثر وأكثر وأكثر في سنّ الثانية والخمسين..

من أجلكِ ومن أجل الصحاري المفعمةِ بالنجاسة.

ازدهري أكثر وأكثر وأكثر وأكثر في سنّ الرابعة والستين،

من أجلكِ ومن أجل الصحاري المفعمةِ بالنجاسة،

ثمّ أنصِتِي جيدًا للشعار:

“الآخر يَنْأى عَنْ …

الآخر يكتفي مِنْ …

أنا أتَقَلْقَلُ كالـ…. !”

تصيحُ العاهرةُ الكامنةُ في حَلَمَةِ ثديِ أبِي الرِجَال..

في فمها ماء

في فمها محيطٌ أطلسي،

إلا أنها تصيحُ دون توقف،

ذلكَ لأن الصياحَ المتكرر مفيدٌ للقلبِ والمثانةِ والرئتين، أمّا الصرخةُ المنفردة فَمِن شأنها أن تُلحقَ الضرر بالأيامِ الطافيةِ على سطح بحيرةٍ مِنَ التوائم السيامية اللطيفة.

هكذا يَفتّ المديرُ التنفيذي في عَضُدِ داءِ التوحّد،

بينما ينغمسُ الكونُ في المفاضلةِ بين كلاسيكيةِ النقْرَسِ

وعصريةِ الناسورِ الشرجيِّ الحاد.

ثَمّةَ طَريقٌ فارعُ الطول يقف الآنَ -كشحّاذٍ وَعِرٍ- أمام بابِ الفراغ

هلّا أشرتِ له بالانصراف

يا ذُبابتي العجوز؟!

(2)

بِوَجْنَتَيهِ الورديّتين الملطّختين بالعَسَلِ وصلصةِ البامية والمربّى، يُطلّ (ذلك) الحُبُّ على العالمِ طِفلاً مليحًا يترقّبُ (الحُبَّ) مِنَ الجميع حتّى (يَزْدَهِرَ) و(يَزْدَهِرَ) و(يَزْدَهِر).. يُطِلّ (ذلك) الحُبُّ على العالمِ وهو لا يعترفُ -بل ولا يحلمُ- إلا بشيءٍ واحد.. ألا وهو الليل..

الليل:

معلّم الأناقةِ الأوّل.

الليل:

سَيّدُ فساتينِ الوَحي.

الليل:

مُرَبّي العشّاقِ واللصوصِ والشعراءِ

وهادِيهم إلى صراطٍ مستحيل.

الليل:

تاجرُ الرغبةِ الجشع.

الليل..

ذَلكَ الذي يعتني بـِ(ـذَلكَ) الحب:

ها هُو يُدَاعِبُ خصلات شعره الشقراء الناعمة وخَيَالَهُ ووَجْنَتَيهِ الورديّتين الملطّختين بالعَسَلِ وصلصةِ البامية والمربّى.

ها هُو يَغْمُره بكواكبه وملذّاتِه ونجومه وهواجسه.

ها هُو يشمله بعطفه و(حُبّه) وقسوته وحنانه.

ها هُو يَلُفّهُ جزافًا بأشرطة الهدايا الأنيقة.

ها هُو يُمَارسُه بمنتهى الشَرِّ والأصالة.

ها هو يغتال الوِحدَة بدمٍ باردٍ جدا.

ها هُو يتقدم نحوكم بكل ثقة.

ها هُو قد ألهَاكُم بِالتكاثر.

ها ها ها ها ها ها ها.

ها ها ها ها ها ها.

ها ها ها ها ها.

ها ها ها ها.

ها أنتُم..!

ولأنّ صلصةَ البامية كانت فائقة اللّذة،

تحوّلت الأصابعُ البريئةُ إلى أَبَاليسَ عمياءَ صغيرةٍ تَتَحَسّسُ طريقها فِي ظلمةِ القِدْرِ وترتطم ببعضها بعضا..

أما العُشّاقُ المعتزلونَ فقد تحلّلوا -يأسًا- إلى عناصرهم الأوليّة،

ذلك لأنّ الليلَ كانَ أجملَ بكثيرٍ

ممّا تصوّره الجميع..

 

(3)

لا أريدُ أن أبلغَ الأربعين

اقتليني الآنَ

يا خديجة!

 

 

 

مقالات من نفس القسم

خالد السنديوني
يتبعهم الغاوون
خالد السنديوني

Project